ما أحوجنا اليوم، ونحن نعيد طباعة هذا الكتاب إلى التذكير بقيمة فنوننا البحرية الذاهبة تلك التي كانت بين أيدينا يومًا، والتنبيه إلى ضرورة العمل بجدٍ على جمع وتدوين ما بين أيدينا اليوم من مواد ثقافتنا الشعبية وأرشفته وحفظه، فما تحت اليد الآن لن يحظى بذكر يوم غد أن لم نعد العدة لحفظه وتوثيقه الأن».. بهذه العبارات الداعية إلى ضرورة حفظ وتوثيق موروثاتنا الشعبية، اختتم الأديب علي عبدالله خليفة تقديمه للطبعة الثالثة من كتاب أغاني الغوص في البحرين للمؤلف وحيد الخان.وقد استغرق إعداد الطبعة الأولى من هذا الكتاب أكثر من 8 سنوات من الجمع والتوثيق المتقن والمتخصص مما يجعله من الدراسات النادرة في مجال توثيق وتحليل الموسيقى الشعبية، حيث أن مثل هذه الدراسة تتطلب صاص بنوع محدد من العلوم الموسيقية وتعرف باسم الاثنوميوزيكلوجي (علوم موسيقى الشعوب) والتي تخصص فيها المؤلف وحيد الخان، حيث امتلك من أساسيات هذا العلم ما لا يتملكه الكثيرون، وهو ايضا صاحب أذن موسيقة مرهفة قادرة على ترجمة النصوص المسموع الى نوتة مدونة وتحليلها وتحديد ماهيتها واساسيتها بناءً على انخراطه والتحامه بالبيئة التي نبع منها هذا الفن، فقد ولد المؤلف في مدينة المحرق وترعرع في منطقة حالة أبي ماهر التي ازدهرت أغاني الغوص والموسيقى الشعبية، كذلك من خلال كونه محظوظاً بالتقائه بنخبة من أواخر جيل عظماء هذا الفن واستقطاف ثمار حصيلة هذا الموروث الشعبي من منابعها لتكون صحيحة خالية من التحريفات.وذكرت البروفيسور د. سمحة الخولي في مقدمة الطبعة الأولى من هذا الكتاب.. «تنفرد الموسيقى الشعبية فوق هذا كله بصعوبة خاصة لا وجود لها في غيرها من المأثورات الشعبية ألا وهي صعوبة تدوينها بالنوتة من النص المسموع، وعلمية التدوين السمعي تتطلب خبرة دقيقة ومتخصصة لا يقدر عليها الا موسيقي مرهف الأذن، أتيحت له دراسة هذا النوع الخاص من متعمقة على أساس موسيقي راسخ»..ونتيجة لهذا التميز والجهد المبذول في هذا الكتاب استحق المؤلف وحيد الخان خريج المعهد العالي للموسيقى (الكونسرفتوار - القاهرة) جائزة ولي العهد للدراسات والبحوث سنة 1990 وبالتالي فقد احتضن مركز التراث الشعبي لمجلس التعاون لدول الخليج عام 2002 إصدار وطباعة النسخة الأولى من الكتاب في مبادرة منه تعنى بحفظ كل ماهو قيم ويعد ثروة ثقافية.من الجدير بالذكر أن الأستاذ وحيد الخان قد أسس المعهد الكلاسيكي للموسيقى منذ 1986 سوياً مع أخيه الاستاذ جلال علي بن ابراهيم عبدالعال، هذا المعهد الذي أثر بشكل فعّال في الرقي بالذوق الموسيقي بمملكة البحرين.
مشاركة :