بعد الضربة العسكرية في سوريا: تركيا في مستنقع جديد

  • 4/16/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أنقرة - دخلت المناقشة بشأن الهجوم الكيمياوي في السابع من أبريل على مدينة دوما السورية مرحلة جديدة مع تغريدة للرئيس الأميركي دونالد ترامب هدّد خلالها بشن هجوم صاروخي على سوريا، والتي نفذها بالفعل ليلة السبت بالتعاون مع بريطانيا وفرنسا. ومدينة دوما في حدّ ذاتها ليست ذات أهمية استراتيجية كبيرة، لكن الهجوم الكيمياوي يحتمل أن يثير صراعا كبيرا. حيث يتساءل الجميع هل أن العالم على أعتاب حرب عالمية ثالثة؟ وقد بدأ الصراع بإنذار أطلقه نشطاء معارضون في دوما يقولون إن هجوما كيمياويا قد وقع. وبثت وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات التلفزيونية سيلا من المقاطع المصورة التي تظهر فيها نساء وأطفال وهم يعانون من آثار الهجوم الكيمياوي. ورفضت الحكومة السورية الادّعاء، وقالت إن استخدام سلاح كيمياوي في الوقت الذي تم فيه إجلاء مقاتلي المعارضة بالكامل من الغوطة لا يبدو أمرا منطقيا. وقالت روسيا إن فريقا طبيا قام بزيارة المركز الطبي في دوما ولم يلاحظ أي آثار على المرضى تنذر بشن هجوم كيمياوي. واستخدمت المؤسسة الأميركية لغة حذرة قائلة “إذا تبيّن أنه قد تمّ استخدام سلاح كيمياوي، فإن الولايات المتحدة ستعاقب من قام بشن هذا الهجوم”. وفي مجلس الأمن الدولي، أعاقت كل من واشنطن وروسيا مبادرة كل منهما الأخرى حيث كان يمكن أن تلقيا الضوء على الحادث محل النزاع. وقبل المناقشة في الأمم المتحدة، قالت ممثلة الولايات المتحدة الدائمة في مجلس الأمن نيكي هايلي إنه “حتى إذا استخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) وأعاقت قرار الأمم المتحدة، فإن الولايات المتحدة ستعاقب مرتكبي هذا الهجوم”. ويبيّن الكاتب التركي بشار ياكش على موقع الأحوال التركية، أن “العملية العسكرية الأميركية التي نفذت في سوريا واستخدمت الهجوم الكيمياوي كسبب رئيسي للتصعيد، تضع القوى الإقليمية المشاركة في هذا الصراع بالمنطقة على أعتاب مرحلة جديدة”. ويشير ياكش أن ميزان القوى في الشرق الأوسط يمرّ حاليا بتغيير كبير. وقد استغلت روسيا هذه الفرصة للعودة إلى المنطقة، حيث تقلص نفوذها بعد تفكك الاتحاد السوفييتي. كما أن إيران توسع هيمنتها بلا هوادة على طول الطريق إلى البحر المتوسط. في حين استطاع النظام السوري البقاء على الرغم من التوقعات بانهياره سريعا بعد اندلاع تظاهرات طلابية في عام 2011. وبالتزامن مع ذلك يلفت ياكش إلى أن “آخر معقل من معاقل المعارضة السلفية للحكومة السورية سقط في الغوطة الشرقية. ويحاول النظام السوري إعادة إحكام سيطرته على المناطق التي يسيطر عليها المقاتلون الأكراد الذين تدعمهم الولايات المتحدة”.  لذلك يعتقد الكاتب أن الولايات المتحدة تشن هجومها على سوريا، ليس فقط بسبب الهجوم الكيمياوي على دوما، لكن لدوافع أكبر من ذلك بكثير. ويشرح ياكش ذلك بقوله “في الأسبوع الماضي كان ترامب يخطط لسحب الجنود الأميركيين من سوريا، لكن في هذا الأسبوع يبدو أنه عانى من عواقب وخيمة بعد بتفكيره في هذه الخطوة “. وبشكل مستقل عن خطط ترامب المتغيرة باستمرار، فإن المؤسسة العسكرية في الولايات المتحدة ينبغي أن تكون على دراية بالتغييرات العسكرية الخارجية وينبغي تقييم خيارات عديدة بديلة بدقة. وربما يظل النقاش بشأن ما إذا كانت قوات النظام قد استخدمت أسلحة كيمياوية دائرا، لكن الدوافع الحقيقية في ما يتعلق بشن هجمات أميركية تشرع لسيناريوهات مختلفة ستكون موضع تنفيذ وفقا للظروف التي تعقب الضربة العسكرية الأخيرة. وفق هذه الأسباب يعتقد ياكش أن “تركيا ستواجه معضلة جديدة عقب الضربة العسكرية على سوريا فصراعها مازال مستمرا مع الولايات المتحدة بسبب دعم هذه الأخيرة للمقاتلين الأكراد من وحدات حماية الشعب. كما أن تركيا مازالت تعرب عن اعتزامها السيطرة على مقاطعة منبج السورية حيث تتعاون القوات الكردية والأميركية هناك، لكن هذا لا يمكن تحقيقه بسهولة ما لم تفتح روسيا المجال الجوي السوري أمام القوات الجوية التركية”. ويتوقع ياكش مواجهة مباشرة بين حليفين في حلف شمال الأطلسي وهما تركيا والولايات المتحدة إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق حول كيفية تناول مسألة منبج. وتركيا من بين أعضاء حلف شمال الأطلسي لكن اتجهت نحو المحور الإيراني- الروسي داخل إطار عملية أستانة. لذلك يخلص الكاتب في مقاله إلى أن “آخر التطورات تعطي انطباعا بأن سوريا كما تركيا ستغرقان في مستنقع جديد، وبالنسبة لسوريا فهي مهيأة للمزيد من الأزمات في الوقت الذي تستعد فيه لتعبئة ضخمة لإعادة بناء البلاد وتضميد جراحها”.

مشاركة :