هل أنتما على وفاق؟ أم بينكما سجال له مد وجزر؟ هل أنت من أهل البحث عن النموذج الكامل؟ تبحث عنه وتريده في كل من حولك وكل ماحولك؟ وكيف علاقة عقلك بقلبك؟ وكيف هو عقلك مع نفسك؟ إن كان عقلك له ضبط وربط ويحاسبك كثيراً وينهك قلبك وهو مثل فرس جموح لا يروضها قلب ويحاسبه كلما امتطته هبة شعور تدفع به لامتطاء ريح تُجفل العقل وتجعله في عراك حتى يعقل العقل نبضه فأنتما في حالة من انفصام.... كيف يمكن أن تصل الحال بينكما إلى هذا الانفصام؟! وما هي مظاهره؟ تخور قواك وتشعر بالإنهاك لانعدام الشعور بالرضا ﻹدراكك أن نفسك تقودك إلى ضعف..... وتسوقك إلى وجع وتنهك منك كل وتين. تتركها تجوس وكل إحساس لها يعصر قلبك وينزف دمع عينك... فيكون هنا الانحناء لعاصفة اﻷحاسيس أهون من الوقوف أمامها وتنتظر أملاً أن تكّن نفسك لعلها ترضى من الغنيمة بإياب.... ويكون لعقلك استراحة محارب حتماً سيعود بعدها ﻻستلام زمام اﻷمر وتتمنى حينها أن ما تخلفه عاصفة نفسك ودثرت به روحك أقل ما يمكن من الخسائر. وما أثقلت به جسدك الذي تاه بين العقل والنفس أقل ما يكون من الوجع وفي كلتا حالتيه مثخناً منهكاً كأنما يقتص كلاهما منه وكلما استصعب اﻷمر على أحدهما تحمل الجسد مغبة هذا الصراع وكان هو الخاسر اﻷكبر فأجسادنا هي ميادين القتال بين عقولنا وأنفسنا وآثار الحروب تُشاهد في ميادين المعارك ولكن بعد كل معركة يكون هناك لملمة للشعث وإعادة بناء.... وفي مجمل الحال كثرة هذه المعارك تولد استنزافاً لكل قدرات وطاقات أجسادنا التي في كل مرة ينقص رصيدها وتقل معها القدرة على إعادة البناء..... وتتملى كثيراً يا ترى كيف يكون الجنوح للسلم وتجنب تلك المعارك بين عقولنا وأنفسنا وكيف نجد طريقة تجنبنا علاج كل هذه اﻵثار والبحث عن طرق للوقاية تؤهلنا لعمل تحصيناتنا النفسية؟! وبعد.... ماذا عندما لا نرضى عن أنفسنا؟! عندما نلومها كثيراً ونشعر بالجهد الجهيد في جهاد ما يعتريها ويخرج عن طوق تحكمنا في أحاسيسنا ومشاعرنا...؟! وعندما تضعف ونجاهدها ألا تنكسر ونمسك بتلابيبها كي لا تقعد مقعداً متعباً مجهداً..... نُنهضها فنشعر بجهدها ويجهدنا إنهاضُها.... مُتعب أن نفسك تعاكس عقلك...... مجهد حتى انقطاع النفّس وأنت تحاول عقلها واعتقالها..... يا لهذا الاستنزاف عندما تشعر أنك ونفسك اثنان: أنت: لا وهي: نعم. أنت: نعم وهي: لا. تبذل قصارى الجهد لعلكما تتوافقان، وعندما تقود نفسك جسدك وتعسر عقلك وتعاكس تيارها فأنت تشعر كأنك تصعد جبلاً شاهقاً تخالف معه كل قوانين الجذب حتى أنفاسك يصبح سحبها ضيقاً حرجاً كأنما يتصعد في السماء.. وتصبح معادلتك صعبة، طرفاها متجاذبان متنافران وتحين لحظات ينهكك هذا فتشعر هنيهة بانهزام يُذل عقلك ويفقد الجسد قدرته على المقاومة وبعد حين ينهض العقل باستدراك حماية الجسد من سطوة النفس وإحاطتها قبل وصولها مرحلة التمرد والعصيان وأظنه هنا الاستدراك المبكر فما من عقل لا يعلم النقاط الهشة لنفس هو عاقلها، والتي يسهل العبور من خلالها؛ لذا إن أحرزها العقل باكراً فإنه أحسن عقلها قبل هبات النوء الممطرة واستباق لعاصفة لا يملك بعدها حوﻻً ولا قوة.... هنا يكون اﻷمر أسلم لكليهما من تلك الاصطدامات التي تستنزف كليهما وتجب من الجسد ما تجبه فتجعله مهلهلًا لوهبت نسمة أجهدته! فطوبى لمن يستطيعون تسييس أنفسهم وحكرها على قوانين عقولهم أولئك في نعمة يغبطون عليها.....
مشاركة :