قراءة نقدية في نصوص الأمير خالد الفيصل من الشعر الشعبي

  • 4/16/2018
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

نظّم نادي جدة الأدبي، محاضرة لعضو الشورى السابق الشاعر اللواء المتقاعد عبدالقادر عبدالحي كمال، بعنوان “الصور الجمالية في شعر الأمير خالد الفيصل”. ووصف كمال، خلال المحاضرة، جماليات الصورة الشعرية في نصوص الأمير خالد الفيصل من الشعر الشعبي، بأنها دقة في التصوير وسمو اللفظ، ومعمارة رائعة قوية السبك، وحركة غنية بالمشاهد وأدواتها تمتلك مخزونا ثريا من الثقافة والأدب، وهي صدى لإحساس المتلقين. وأضاف كمال “الشعر نغم جميل وإيقاع عذب، يتعالى رفيفه، ويتناغم حفيفه، يداعب الحس بحلاوة الجرْس، ويهز الوجدان بروعة البيان، ويحلق بالقارئ والمستمع مع جمال الصورة وروعة الخيال وافتراع المعنى وقوة السبك وحسن اختيار المفردات، ولهذا سمِّي بالسحر الحلال”. وأشار إلى أن “الشعر بشقيه الفصيح والشعبي هو ديوان العرب، تُضرب به الأمثال ويفتخر به الرجال، وبعض الغيورين على اللغة العربية يعتبرون الشعر الشعبي وسيلة هدم للغة العربية لأنه لا يقيم وزناً للإعراب من رفع ونصب وجر، ولا يحفل بالفاعل والمفعول، ولكنهم مهما اشتدوا في إنكاره إلا أنهم لا يخرجونه من رياض التعبير ولا من جماليات التصوير ولا من تجليات الإبداع، ويرون أنه وسيلة من وسائل التعبير، يستقرئ الحياة السياسية والاجتماع والوقائع والحوادث التاريخية”. وزاد “الشعر الشعبي هو امتداد للشعر العربي الفصيح في أوزانه وأغراضه وقوافيه، إلا ما تناولته أيادي المسخ والنسخ وأفسدت أوزانه وصحَّفت مفرداته، فهو إذاً تعبير عربي تنكَّب عن الفصحى لعدم تقيد شعرائه بقواعد إعراب اللغة العربية، ونطقهم بعض الحروف نطقاً يختلف عن الفصحى وماعدا ذلك فهو تعبير عربي سليم”. وفيما يتعلق بشعر الأمير خالد الفيصل، فقال “هو من الشعر الشعبي الذي جمع بين رشاقة التعبير ودقة التصوير، وجمال المعنى وسمو اللفظ، معماره رائع وبناؤه جميل، قوي السبك رائع الحبك، في صوره الشعرية تحرُّك وحركة، ألوان تتداخل، ومشاهد تتوالى، ومفردات تتنفس، غنية بالأشكال والألوان والطيوف والمشاهد”. وأبرز كمال، أن “الأمير ينثر كنانته ويتخير من أدواته ما يلائم أغراضه ومعانيه، وهو في هذا يمتلك مخزوناً ثرَّاً من المفردات والأمثلة والتعبيرات، كأنما يسير في بستان غني بثماره وأزهاره وبراعمه وطلعه، فيقطف منها ما يناسبه ويختاره، ويحاكي بها الوجدان والقلوب والمشاعر، ويشاهد عيون المحبين ويجمع من كل عين الدمعات التي تترقرق والأحاسيس التي تتكثف ويصبها في أبيات شعره، هذا نهجه ومنهجه في التعبير عن أحاسيس المتلقين، وترجمة مشاعر المستمعين، ويودع ذلك كله في بوتقة الشعر”. وبيّن أن هذا النهج أورده في قصيدته: أغيِّر الطاروق فقال: أغيّر الطاروق والقافْ وأبدَعْ          وولِّع قـلوبٍ تحـــــسّ بولْعنــــا وأسير في بستان الأشعار وأجمعْ          وردةْ فصيدٍ مثْلها ما جمعْنا وأورد كمال خلال محاضرته مساء أمس بنادي جدة الأدبي، مقاطع لنصوص الأمير خالد المبدعة على الحاضرين، ثم أضاف: هو رسّام ماهر في تشكيل الحروف، صانع متمرس ينتقل من معنى لمعنى بصور بديعة، يقطف الثمار من بستان تألقه، فشِعْره أخاذ، وصوره تندح في كل نصوصه الشعبية المحلّقة في سماء الإبداع، كما وظف موهبته في الرسام وكذلك في الحروف سبكا رقراقا وسموا. ولفت إلى أن “بقايا شمس” من أدق التعبيرات الشعرية التي تبرز البيئة الصحراوية، وفي نص “أنا والصحاري” نجده نصًا يعج بالحركة والألوان الزاهية، ولغة القصيدة منتقاة بجمال، والأمير خالد الفيصل ذكيًا في بحر الطويل، وقافية النون ساعدت على بيوت الشِعْر أن تستقيم لإبداعه، وكلمة “ترتعش” جميلة بجمال شعره، صور بديعة فيها رسم بيئة الصحراء الخلابة واختراع شخوصها وأحداثها. واسترسل “هو شاعر بلاغة وصور ومفكر وأديب، يدخل إلى الموضوع مباشرة، ويتمثل ذلك في نص “حومة فكر” عن الصقّار والليل والقمر، فسموه جمع بين شرايين إحساسه، وجمر ناره يقلّبه، فشعره يحلق في إبداع طريق من البيئة الشعرية، وطريق الحاضر المتجدًد، فلم يتقيد بالتعبيرات المكرورة، وجدّد الخطاب الشعري”. واستطرد اللواء عبدالقادر بأبيات شعرية للفيصل نالت استحسان الحضور، مضيفًا “لأول مرة تستخدم الغيمة وسيلة من وسائل السفر ويرسم الحبيبة بالصباح الضاحك، فسموه شاعر مبدع وقدير، وخياله جموح، وإحساسه مكثف، والمتلقي يتذوّق ذلك ويطرب، وفي قصيدة “جمال الروح” غاية في الجمال تقطر روعة ما يرسمه الشاعر من أحداث هي مرآة مجتمعه، كما فعل في نصوصه الزاهية حرفًا ورِيشةً وكأنها لوحة تحمل شِعْرًا بالحروف وريشة بالألوان”. يُذكر أن المحاضرة أدارها عضو النادي الدكتور عبدالرحمن بن رجاء الله السلمي، وسرد في بدايتها السيرة الذاتية والعلمية والعملية للضيف، وعن آخر دواوينه “معزوفة الريح”. وبدأ الشاعر اللواء عبدالقادر شاكرًا أدبي جدة على هذه الاستضافة، وشهدت المحاضرة في ختامها عدة مداخلات، وقد أجاب اللواء كمال عن مجمل المداخلات بصدر رحب وعمق ثقافي بديع، قبل أن يكرم رئيس مجلس إدارة أدبي جدة الدكتور عبدالله بن عويقل السلمي ضيف الأمسية بدرع تذكاري.

مشاركة :