عواصم - وكالات - فيما أيّد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الضربات التي شنتها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا في سورية، ودعوا في الوقت نفسه الى احياء العملية السياسية لإنهاء النزاع، حاول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس، توضيح ما أعلنه لجهة إقناعه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعدم سحب قوات بلاده من سورية.باريس وواشنطنففي تصريحات إثر لقائه رئيسة الوزراء النيوزيلندية جاسيندا اردرن في الاليزيه، أعلن ماكرون تطابق الموقف بين بلاده والولايات المتحدة لجهة ان عملهما العسكري في سورية «سينتهي في اليوم الذي يتم فيه انجاز الحرب ضد داعش».وقال «لدينا هدف عسكري وهدف واحد: الحرب ضد تنظيم الدولة الاسلامية (داعش)»، معتبراً أن «البيت الأبيض محق حين يذكر أن الالتزام العسكري هو ضد داعش وسينتهي في اليوم الذي يتم فيه انجاز الحرب على داعش. ولفرنسا الموقف نفسه». وأضاف: «لا أخطئ حين أقول ان الولايات المتحدة، كونها قررت هذا التدخل معنا، أدركت تماماً أن مسؤوليتنا تتجاوز مكافحة داعش وانها ايضا مسؤولية انسانية على الارض ومسؤولية تمتد فترة طويلة لبناء السلام».وكان ماكرون أعلن خلال مقابلة متلفزة، ليل أول من أمس، أن فرنسا «أقنعت» ترامب بـ«وجوب البقاء لفترة طويلة» في سورية.وبعد ساعات، أكد البيت الأبيض، في ما بدا نفياً لكلام ماكرون، أن مهمة القوات الأميركية المنتشرة في سورية «لم تتبدل» وأن ترامب يريد أن تعود هذه القوات الى الولايات المتحدة «في أقرب وقت» مع التصميم على «سحق تنظيم (داعش) بشكل كامل وخلق الظروف التي تمنع عودته». وأضافت الناطقة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز إلى أنه «بالاضافة الى ذلك، نتوقع أن يتحمل حلفاؤنا وشركاؤنا الاقليميون مسؤولية أكبر عسكرياً ومالياً من أجل تأمين المنطقة».أنقرةوفي مقابلته، أشار ماكرون أيضاً إلى أن الضربات الجوية على أهداف للنظام السوري، فجر السبت الماضي، تسببت بتباين بين أنقرة وموسكو حول هذا الملف، الأمر الذي استدعى رداً من أنقرة.وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، خلال مؤتمر صحافي مع الامين العام للحلف الاطلسي ينس ستولتنبرغ، أمس، «يمكننا أن نفكر بشكل مختلف لكن (علاقاتنا مع روسيا) ليست ضعيفة إلى درجة يمكن للرئيس الفرنسي أن يقطعها». وأضاف «لدينا علاقات قوية مع روسيا... لكن علاقاتنا مع روسيا ليست بديلا من العلاقات مع الحلف الاطلسي أو مع حلفائنا».وكشف أن ماكرون كان قد عبّر عن الرغبة في حضور قمة أنقرة الثلاثية التي عقدت مطلع الشهر الجاري (بين قادة روسيا وتركيا وإيران) وأن الرئيس رجب طيب أردوغان استطلع رأي موسكو وطهران حول ذلك.وأوضح أنه في حين لم يمانع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حضوره، فإن إيران فضلت اجتماعا للرؤساء الثلاثة فقط وعقد قمة أوسع في وقت لاحق.واعتبر جاويش أوغلو أن ماكرون أخطأ في تقديره وقال إن انقرة «تتوقع تصريحات تليق برئيس» وأن عليه أن يُعبّر عن نفسه بطريقة «أكثر جدية».وكان ماكرون قال إنه «بهذه الضربات (التي وجهت للنظام السوري) وهذا التدخل، فصلنا بين (موقف) الروس والاتراك في هذا الملف... الأتراك دانوا الضربات الكيماوية ودعموا العملية التي أجريناها».وقبل جاويش أوغلو، رد نائب رئيس الوزراء التركي بكر بوزداغ على تصريحات ماكرون، وقال صباح امس «إن سياسة تركيا تجاه سورية لا تقضي بأن نقف مع دولة ما أو ضدها»، مضيفاً «أيا كانت الجهة التي تدافع عن الحق، نكون إلى جانبها».وشدد على أن موقف تركيا المعارض لنظام الرئيس السوري بشار الأسد لم يتغير، قائلاً «حتى الآن، هل تغيرت السياسة التي رسمتها تركيا؟».وأكد أن لتركيا «سياسات مختلفة عن إيران وروسيا» في سورية رغم تعاونها مع البلدين، مضيفاً «ان تركيا لا تسعى وراء نفس أهداف إيران وروسيا، وليست دولة تسعى وراء نفس أهداف الولايات المتحدة» الداعمة لـ«وحدات حماية الشعب الكردية»، التي تعتبرها أنقرى تنظيماً إرهابياً.«الأوروبي»في موازاة ذلك، أعرب وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الذين اجتمعوا أمس في لوكسمبورغ عن تفهمهم للضربات التي شنتها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا في سورية، داعين في الوقت نفسه الى احياء العملية السياسية لانهاء النزاع في هذا البلد.وخلص المجتمعون الى ان «المجلس يعتبر ان الضربات الجوية المحددة شكلت إجراءات خاصة اتخذت لهدف واحد هو منع النظام السوري من أن يستخدم مجدداً أسلحة كيماوية ومواد كيماوية كأسلحة لقتل السوريين».وأعلن الوزراء «تأييدهم كل الجهود الهادفة الى الحؤول دون استخدام الاسلحة الكيماوية».وأشاد وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان بهذه الخلاصات، وقال قبل ان يغادر الاجتماع ان «الاتحاد الأوروبي والدول الاعضاء أيدتنا في هذه الارادة لمنع وردع اي استخدام للسلاح الكيماوي. الاتحاد الاوروبي موحد إذاً».من جهته، أوضح وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، لدى وصوله إلى الاجتماع، إن الضربات لن تُغيِّر مسار الحرب ولكنها كانت طريقة لإظهار أن العالم نفد صبره حيال الهجمات الكيماوية.وقال: «من المهم جدا التشديد على أنها ليست محاولة لتغيير دفة الحرب في سورية أو لتغيير النظام... للأسف ستستمر الحرب السورية بشكلها المروع والبائس. لكن العالم كان يقول إنه نفد صبره على استخدام الأسلحة الكيماوية».وعلّق وزير خارجية لوكسمبورغ يان اسلبورن بالقول: «إنها عملية (عسكرية) واحدة ويجب أن تبقى كذلك»، فيما أوضح نظيره البلجيكي ديدييه ريندرز ان «الغاية من هذه الضربات كانت إظهار ان هناك خطاً أحمر يجب عدم تجاوزه».وشدد الوزراء الأوروبيون في بيانهم على أن «زخم المرحلة الحالية يجب استخدامه لاحياء العملية الهادفة الى ايجاد حل سياسي للنزاع السوري، ويكرر الاتحاد الاوروبي ان لا حل عسكرياً» في سورية.وكان وزير الخارجية الالماني هيكو ماس أكد لدى وصوله الى لوكسمبورغ أنه «يستحيل حل النزاع من دون روسيا»، معتبراً أن الاولوية هي تجنب «تصعيد» عسكري في المنطقة.وأكد في الوقت نفسه أن الصراع بحاجة إلى حل يتم التوصل إليه عبر التفاوض وتشارك فيه كل القوى في المنطقة، بيد أنه اعتبر أنه لا يمكن أن يكون شخص استخدم أسلحة كيماوية ضد شعبه جزءاً من هذه العملية.وقال ريندرز أيضاً «علينا أن نسلك مجدداً طريق حوار سياسيا حول سورية مع روسيا وايران» الداعمتين للنظام السوري.وفي برلين، قال ناطق باسم الحكومة الألمانية إن بلاده لا تزال تعتقد أن حكومة الأسد يجب تغييرها في نهاية عملية سلام، لكنه أقرّ بالحقائق التي تجعل ذلك مستحيلاً على المدى القصير.
مشاركة :