"ورقة النوايا" بين القوات اللبنانية والوطني الحر في مهب الانتخابات النيابية

  • 4/17/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

بيروت - تشهد كافة القوى السياسية اللبنانية حالة فصام كاملة عن مساراتها القديمة التي ظهرت داخل اصطفاف أفقي ما بين معسكري 8 و14 آذار. والحالة الجديدة تزداد كثافة وتفاقماً بمناسبة الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في 6 مايو المقبل، لكنها بدأت تظهر منذ نجاح التسوية السياسية التي أنتجت انتخاب ميشال عون رئيسا للجمهورية. عون يلغي زيارته إلى قطر بعد يوم من مشاركته في قمة الظهران بيروت - أعلن الرئيس اللبناني ميشال عون، الاثنين، إلغاء زيارته إلى قطر، بعد يوم من القمة العربية التي احتضنتها مدينة الظهران السعودية. وأوضح مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية، في بيان، “أن الرئيس العماد ميشال عون كلّف وزير الثقافة الدكتور غطاس الخوري تمثيله في الاحتفال الذي يقام في الدوحة الاثنين بمناسبة افتتاح المكتبة الوطنية، بعدما تعذّر على رئيس الجمهورية المشاركة في الاحتفال لأسباب تتصل بالتطورات الأخيرة”. ولم يوضح البيان ماذا يقصد بالتطورات الأخيرة، ليترك البابا مواربا أمام التكهنات، التي يربطها البعض بالهجوم الغربي على مواقع للنظام السوري السبت الماضي، والتي كانت الدوحة أول المرحبين به، على خلاف لبنان الذي ندد به. ويستبعد مراقبون أن يكون التصعيد في سوريا، هو السبب خلف إلغاء زيارة عون، وأنه ربما أراد من خلال الإيحاء بذلك التمويه عن السبب الأصلي خلف الإلغاء وهو تجنب الإحراج خاصة وأن الدوحة المتهمة بدعم الإرهاب تواجه عزلة عربية. وتقول أوساط سياسية إن الرهان على أن زيارة الأمير تميم بن حمد للسعودية بمناسبة القمة قد تشكّل محطة لتحقيق المصالحة الخليجية مع قطر، سقط، فكان من الأفضل للبنان البقاء بعيدا عن الأزمة، لا سيما بعد مشاورات ناجحة أجراها الرئيس عون في الرياض مع الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي وعد بعودة السياح الخليجيين إلى لبنان هذا الصيف، فحفاظا منه لموقع لبنان الوسطي في الخلاف بين “الأخوة”، قد يكون آثر عدم المشاركة شخصيا في الحدث القطري. وتأسست التسوية السياسية على مصالحة مسيحية كانت شبه مستحيلة قبل ذلك بين التيار الوطني الحر بزعامة ميشال عون وحزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع. ويجمع السياسيون على أن المصالحة المسيحية بين “التيار” و”القوات” لم تكن لتحمل عون إلى بعبدا لولا ذهاب زعيم تيار المستقبل سعد الحريري إلى دعم عون منهيا بذلك فراغا رئاسيا مؤلماً بعد نهاية ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان عام 2014. ويعتقد هؤلاء أن خيار جعجع في دعم عون لم يكن ليحصل لولا ارتفاع حظوظ خصمه الوزير الأسبق سليمان فرنجية في الوصول إلى سدة الرئاسة بعد أن نال دعم الحريري، وبالتالي فإن أوساط عون اعتبرت أن موقف الحريري هو من حسم الجدل لصالح الرئيس الحالي وليس موقف جعجع والقوات. ووفق هذه الرؤية تتضح طبيعة بعض التحالفات الانتخابية الحالية. وكان “التيار” و”القوات” قد توصلا إلى “ورقة نوايا” عام 2015 تؤسس للمصالحة والتحالف بما يضمن هيمنة الثنائي المسيحي على التمثيل السياسي للمسيحيين في لبنان على منوال الثنائي الشيعي الذي يهيمن على التمثيل الشيعي في البلد، غير أن وصول عون إلى بعبدا وفق تفاهم مع الحريري أطاح بما كان “القوات” يعوّل عليه من تحالفات تجمعه مع التيار العوني، ما قلب قواعد هذه الانتخابات وفق مصالح كل تيار الانتخابية كما وفق تصادم طموحات جعجع ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل والمتعلقة بالانتخابات الرئاسية المقبلة بعد نهاية ولاية الرئيس عون. وعلى الرغم من سعي العونيين والقواتيين إلى تأكيد متانة المصالحة وفق شعار “أوعا خيك” (تمسك بالدفاع عن أخيك)، إلا أن الحزبين الأساسيين المسيحيين يتعايشان مع حالة التنافر المضمر بين الطرفين والتي تمنع تحالفاتهما الانتخابية داخل المناطق المسيحية وتدفعهما نحو خيارات سياسية متناقضة. ويعتبر وزير الإعلام اللبناني ملحم رياشي (قوات) أن الخلاف الانتخابي مع “التيار” هو تقني وليس سياسيا. بيد أن تباعد الطرفين يفسر أن يلتقي “القوات” وتيار المستقبل في بعض الدوائر الانتخابية، فيما يلتقي “التيار” مع “المستقبل” في دوائر انتخابية أخرى. وتكاد كافة الدوائر الانتخابية تخلو من لوائح مشتركة تجمع العونيين والقوات على نحو يطرح أسئلة حول مستقبل “ورقة النوايا” ومدى صمود المصالحة بعد إجراء الانتخابات، خصوصاً أن تشكيل حكومة ما بعد الانتخابات، والتي يعتبرها العونيون “أولى حكومات العهد”، ستشهد سجالات كبرى متعلقة بالحصة التي تريدها القوات، إضافة إلى أن تصاعد التنافس بين جعجع وباسيل باتجاه منصب الرئاسة عام 2022. وتقول أوساط القوات اللبنانية إن حزبهم سيقدم مفاجئة انتخابية توسع من حجم حضوره البرلماني بما سيفرض تمثيلا وازنا صاعداً داخل المشهد السياسي في البلد. وتقول بعض الأوساط إن القوات بات يحظى بشعبية متصاعدة بسبب أدائه السياسي الرصين في السنوات الأخيرة وبسبب أداء وزرائه المشهود له داخل الحكومة اللبنانية الحالية. وتضيف هذه المصادر أن القوات يعتمد براغماتية داخلية للتأقلم مع المزاج المسيحي الداخلي كما مع المزاج اللبناني العام بما يجعله حزباً متواصلا مع كافة التيارات اللبنانية.

مشاركة :