موسكو - توفي الصحافي الروسي، ماكسيم بورودين في مستشفى مدينة يكاترينبورغ، الأحد، بعدما تعرض لحادث مثير للريبة، حيث أُعلن أنه سقط من الطابق الخامس، وما زاد من الشكوك طبيعة عمل الصحافي الذي يتناول قضايا حساسة تزعج السلطات الروسية، إضافة إلى تكرار حوادث مقتل الصحافيين الروس المعارضين. ويعمل بورودين في موقع “نوفي دين” الإخباري الروسي الذي كان قد أعلن نبأ وفاة الصحافي، بالقول إنه توفي صباح الأحد، وقد كان داخل العناية الفائقة منذ يوم الخميس الماضي، بعد غيابه عن الوعي إثر الحادث المريب. ونفت مسؤولة التحرير في موقع “نوفي دين” أن يكون بورودين قد أقدم على الانتحار، قائلة إنه “لا يمكن لبورودين أن يكون اتخذ هذا القرار بتاتا.. لا أصدق أنه انتحر”. وكان موقع “آر.أف.آي.آر.أل” الروسي ذكر أن “الصحافي الروسي قد يكون قفز من الطابق الخامس بغية الانتحار”. كان بورودين يعمل متخصصاً بأخبار الجريمة والفساد، لكنه اشتهر في الآونة الأخيرة بشكل واسع داخل المجتمع الروسي، بعد كشفه عن قيام السلطات الروسية بإرسال مجموعة من المرتزقة إلى سوريا عرفت باسم مجموعة “واغنر” وكانت مهامها الرئيسية القتال إلى جانب النظام السوري. وهو أول من كتب قبل شهرين عن قتل القوات الأميركية للعشرات منهم. وذكر الصحافي السوري هادي العبدالله على حسابه في تويتر أن “الصحافي ماكسيم هو الذي نشر خبر مقتل المئات من ميليشيات واغنر الروسية في دير الزور قبل شهرين”. استهداف الصحافيين الروس المعارضين يتكرر منذ أعوام، ويطال خاصة المستقلين الذين ينتقدون السلطات من جانبه قال صديقه فياتسلاف باشكوف في منشور مطوّل على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إن مكسيم اتصل به في الخامسة فجراً في 11 أبريل، وقال إنّه “محاط بمسؤولين أمنيين” مع “رجال مسلّحين على الشرفة” و”أشخاص يرتدون ثياباً مموّهة وأقنعة”. وكتب باشكوف “أعرب مكسيم عن أنهم في أقصر وقت ممكن سيقتحمون المكان للبحث عنه، وأنّهم على ما يبدو ينتظرون إذن المحكمة، لذلك احتاج إلى محام، ولهذا السبب اتصل بي”. وأضاف باشكوف -وهو ناشط في مجال حقوق الإنسان- “كان صوت ماكس يشي بأنه خائف ولكن ليس هستيرياً ولا مخموراً. أخذت على الفور كل شيء على محمل الجد، ووعدته بالاتصال بأي شخص يمكنني الوصول إليه”. وبعد مرور ساعة، اتصل به مكسيم وقال إنه “مخطئ”، واعتذر وقال إنه كان هناك نوع من “التمرين”. وتابع باشكوف “لم أتصل به بعد ذلك، على الرغم من أنني كنت أنتظر أن يكتب شيئًا على فيسبوك. لكنه لم يكتب أي شيء. وفي 13 أبريل ذكرت وسائل الإعلام أنه تم العثور على مكسيم أسفل شرفته وكان في غرفة الطوارئ”. ولا يعتبر مناخ الحريات في روسيا مثاليا للعمل الصحافي، إذ يتكرر الاعتداء على الصحافيين وخاصة المستقلين وأولئك الذين يتجرأون على انتقاد سياسات الحكومة أو كشف ملفات فساد. الصحافي ألكسندر شيشتنين الذي كان قد وصف في السابق الرئيس فلاديمير بوتن "بالدكتاتور الفاشي" لقي مصرعه، في ظروف غامضة ومنذ أشهر قليلة اقتحم مجهول مقر إذاعة “صدى موسكو” في العاصمة الروسية وطعن مقدمة برامج في الإذاعة معروفة بانتقاداتها للكرملين، قبل أن يعتقل. وتشارك تاتيانا فلغنغوير بانتظام في تظاهرات المعارضة وهي رئيسة تحرير مساعدة للإذاعة ومقدمة برنامج صباحي له شعبية. وأثارت الانتقادات التي توجهها المحطة إلى السلطة غضب الكثيرين داخل الحكومة الروسية، وسبق أن تم تهديد المضيفين والصحافيين فيها بالقتل، بحسب ما صرح به العاملون في الإذاعة لوسائل الإعلام. كما عبرت نقابة الصحافيين الروس عن الأسف لنشر ريبورتاجات تنتقد إذاعة صدى موسكو على القناة الروسية الإخبارية العامة التي تعكس وجهات نظر الرئاسة. واتهمت تلك البرامج “صحافيي صدى موسكو وتاتيانا فلغنغوير شخصيا بالعمل لحساب وزارة الخارجية الأميركية وبالتعاون مع منظمات غير حكومية غربية وبانتقاد السلطات وبأنها تشارك في تظاهرات” المعارض ألكسي نوفالني، بحسب النقابة. وأضافت “نرى أن هذه المواضيع تغذي الكراهية تجاه زملائنا ويمكن أن تكون (هي التي) أدت إلى الهجوم على تاتيانا من شخص مختل”. وزعم بوريس غريتس (48 عاما) أنه طعن تاتيانا لأنها تحرشت به جنسيًا خلال الشهرين الماضيين افتراضيا، قائلًا إنه يعرفها منذ 5 سنوات عن طريق التخاطر. لكن مراقبين ومعارضين في روسيا شككوا في رواية غريتس، معتبرين أن هناك دافعا سياسيا وراء الأمر، وخصوصا أن وسائل الإعلام الرسمية شنت هجوما لاذعا على الإذاعة قبل أسبوعين حيث اتهمتها بالعمل مع الغرب ضد البلاد. وفي عام 2016 عثرت شرطة سانت بطرسبرغ على جثة الصحافي المعارض ديميتري تسيليكين، مقتولاً في منزله. ودخلت الشرطة إلى منزل الصحافي، بطلب من أقاربه عقب تواريه عن الأنظار لمدة يومين، وفق ما تناولته وسائل إعلام روسية. وأفادت وسائل الإعلام بأن الشرطة وجدت على جسد المقتول آثار طعنات سكين، مشيرةً إلى اختفاء جهاز كمبيوتر وهاتف محمول لـتسيليكين. كما عثر على صحافي معارض آخر في نفس العام يدعى فلادمير بريبيلوفسكي، ميتًا في منزله هو الآخر، في يناير الماضي، غير أن التحقيقات ذكرت آنذاك أن المعارض توفي جراء مرض السكري. أما الصحافي ألكسندر شيشتنين الذي كان قد وصف في السابق الرئيس فلاديمير بوتن “بالدكتاتور الفاشي” فقد لقي مصرعه، في ظروف غامضة بالعاصمة الأوكرانية كييف. وأفاد تقرير أولي للشرطة الأوكرانية بأن شيشتنين عثر عليه جالسا على كرسي في شرفة منزله مصابا بطلقة نارية قاتلة في الرأس، بينما كان هناك مسدس على الأرض، مما يرجح فرضية الانتحار. وكان شيشتنين يعمل صحافيا في وكالة أنباء روسية قبل أن يقدم استقالته عام 2014 احتجاجا على تدخل الكرملين في السياسة التحريرية، وينتقل إلى العاصمة الأوكرانية.
مشاركة :