تزايدت التوقعات فى سوق النفط العالمية بشأن احتمال خفض منظمة الدول المصدرة للنفط " أوبك " مستوى إنتاجها خلال اجتماعها في فيينا الخميس المقبل. فقد توقعت ميريل لينش في تقرير لها صدر أمس خفض إنتاج أوبك 500 ألف برميل يوميا فقط خلال اجتماع الخميس، مشيرة إلى أن هذا الخفض رغم تواضع حجمه، إلا أنه سيدعم الأسعار من مستوياتها الحالية قبل أن يرتد سعر البرميل إلى 90 دولارا خلال الأشهر الثلاثة المقبلة. ولفتت ميريل لينش إلى أن المتضرر الأكبر من انخفاض أسعار البترول حاليا هم منتجو النفط الصخري، الذين يحتاجون إلى 6-12 شهرا للتكيف مع ارتفاع أو انخفاض الأسعار مقابل ثلاثة أشهر بالنسبة للسعودية للتكيف مع انحدار أو ارتفاع الأسعار. ويدعم تكهنات خفض الإنتاج ارتفاع الخام الأمريكي في السوق الأوروبية فى ختام تعاملات الأسبوع الماضي بعد سبعة أسابيع متواصلة من الخسائر ضمن أطول سلسلة خسائر أسبوعية في ثلاثة عقود، وارتفاع خام برنت فوق 81 دولارا للبرميل للمرة الأولى في أسبوع. وتم تداول النفط الخام الأمريكي حول مستوى 77.20 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 76.30 دولار وسجل أعلى مستوى 77.36 دولار الأعلى منذ 14 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري وأدنى مستوى 75.61 دولار. وتم تداول خام برنت حول 81.05 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 79.97 دولار وسجل أعلى مستوى 81.12 دولار وأدنى مستوى 79.05 دولار الأدنى. وارتفع النفط الخام بنسبة 1.8 في المائة على مدار تعاملات الأسبوع بدعم بيانات إيجابية في الولايات المتحدة عززت من ارتفاع الطلب في أكبر بلد مستهلك للنفط في العالم. وفقد النفط الخام نسبة 18.7 في المائة منذ منتصف أيلول (سبتمبر) الماضي في سبعة أسابيع من الخسائر المتواصلة على أثر ارتفاع إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة لمستويات قياسية هي الأعلى في ثلاثة عقود. من جانبه قال الخبير الاقتصادي والمستثمر الدكتور إبراهيم عزت لـ " الاقتصادية " إن هناك تكهنات قوية بنجاح بعض الدول المنتجة في إقناع باقي المنتجين بخفض مستويات الإنتاج الحالية للمساهمة في وقف تدهور الأسعار. وأشار عزت إلى الدوائر الاقتصادية تلقت - قبل أيام قلائل من اجتماع أوبك فى فيينا - إشارات بأن هناك فرصا لاتفاق أعضاء المنظمة على خفض مستويات الإنتاج مشيرا إلى أن منظمة أوبك بثقلها الكبير في سوق النفط، حيث تتحكم في 40 في المائة من إنتاج النفط في العالم، سيكون لقراراتها تأثيرات واسعة على إنتاج النفط في العالم وأوضح أن هناك موفورا كبيرا في العرض في الفترة الحالية وهو ما ساهم في تراجع الأسعار مشيرا إلى أن أوبك في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي تجاوزت الهدف الجماعي للإنتاج وهو 30 مليون برميل وهو ما لم يحدث في مستوى الإنتاج منذ كانون الثاني (يناير) عام 2012. من جانبه قال المحلل البلغاري إيفايلو ستويلوف إنه يجب دراسة بعض المستجدات على السوق ومنها ما استجد بشأن تخفيض شركات الطاقة عدد منصات الحفر الباحثة عن النفط في الولايات المتحدة في حين حولت مزيدا من المنصات إلى البحث عن الغاز الطبيعي بسبب هبوط أسعار النفط الخام. وأكد لـ " الاقتصادية " على أهمية قيام لجنة هذا الأسبوع من ممثلي الدول الأعضاء في أوبك بمراجعة توقعات أوبك لسوق النفط في عام 2015 تمهيدا للاجتماع الوزاري المرتقب الخميس المقبل حيث ركزت على كيفية التعامل مع وفرة المعروض من الخام. وأشار إلى أن تقرير اللجنة توقع في وقت سابق انخفاض الطلب على نفط أوبك في 2015 وظهور فائض في المعروض في السوق إذا أبقت المنظمة إنتاجها عند مستواه الحالي. من جانب آخر، فيما يتعلق بعودة بعض الطاقات المعطلة لإنتاج النفط وتأثيرها في مشكلة زيادة المعروض الحالية قالت المحللة السنغافورية تايي يتنيج إن هناك تناميا بالفعل من المعروض وهو ما قد يدفع أوبك نحو قرار خفض الإنتاج. وأوضحت لـ "الاقتصادية" أن العراق أعلن عن اتفاق بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان لتصدير المنتج من حقول الإقليم بمعدل 150 ألف برميل يوميًا في إطار تسوية الصراع بين الجانبين. وأضافت أن إنتاج العراق من الحقول الجنوبية في البصرة يتنامى ويسجل صعودًا كبيرًا ويحقق أعلى معدلات في التصدير تجاوزت مرحلة السبعينيات من القرن الماضي. إلى ذلك تباينت آراء المحللين النفطيين العالميين حول الخطوة التي يمكن أن تتخذها أوبك في اجتماعها المقبل، وأن هناك انقساما بين 20 محللا استطلعت " بلومبيرج " آراءهم حول الموضوع، وكانوا منقسمين تماما من حيث النتيجة، حيث يتوقع نصفهم أن منظمة أوبك سوف تقلص الإنتاج في اجتماعها المقبل في فيينا، من أجل كبح الهبوط في الأسعار، فيما توقع النصف الآخر من المحللين أن تبقى الأمور على حالها. وخلال السنوات السبع التي مضت على إجراء هذا النوع من الاستطلاعات، هذه هي المرة الأولى التي انقسمت فيها آراء المحللين بصورة متساوية. المرة الوحيدة التي نشأ فيها جدل من هذا القبيل كانت في اجتماع أوبك في أواخر عام 2007، حين كان سعر النفط الخام يرتفع إلى مستويات قياسية. وقال دوج كينج، كبير الإداريين الاستثماريين في صندوق الاستثمار التجاري، الذي يتولى إدارة أصول بقيمة 200 مليون دولار: "سيكون يوم اجتماع "أوبك" حاسما. إذا لم يتم اتخاذ إجراء ناتج عن الاجتماع، الذي يعتبر واحدا من أهم اجتماعات أوبك في السنوات العشر أو الـ 15 الأخيرة، عندها ستقوم السوق باختبار أوبك على الجانب الأدنى، وإذا قررت أوبك تقليص الإنتاج بمعدل 1.5 مليون برميل في اليوم، فمن الممكن أن يرتفع سعر خام برنت مرة أخرى ليصل إلى نطاق ما بين 80 إلى 90 دولاراً". وهبطت أسعار النفط إلى المنطقة الهابطة، في الوقت الذي كانت فيه شركات الإنتاج في الولايات المتحدة تضخ بأسرع معدلاتها منذ أكثر من ثلاثة عقود، في الوقت الذي تباطأ فيه النمو في الطلب العالمي. وقال هاري تشيليجويريان، رئيس استراتيجية أسواق السلع في بنك بي إن بي باريبا، في رسالة بالبريد الإلكتروني من لندن بتاريخ 11 تشرين الثاني (نوفمبر) إن أوبك بحاجة إلى تقليص الإنتاج بمعدل مليون إلى 1.5 مليون برميل في اليوم من أجل الحصول على توازن أفضل بين العرض والطلب. وفي مقابلة هاتفية من مدينة تسوك في سويسرا في 14 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، قال حقان كوجا يوسف باشا أوغلو، كبير الإداريين الاستثماريين لدى شركة آرك بريدج كابيتال: "إذا لم تفعل أوبك أي شيء، أعتقد أننا سنشهد في الواقع تراجعا في السوق، بحيث تهبط 10 أخرى من النقطة التي هي عندها الآن". ما يزيد من صعوبة القرار الذي يتعين على أوبك اتخاذه، هو مقدار التقليص في العرض اللازم للتعويض عن النمو في الإنتاج خارج أوبك، كما قال باشا أوغلو. وأضاف: "سيتعين عليهم تقليص الإنتاج بمعدل مليوني برميل في اليوم على مدى فترة زمنية معينة. معنى ذلك أنك تضطر للتخلي عن مبلغ ضخم من المال". وفي عام 2015 سوف يندفع إنتاج الخام الأمريكي بمعدل 800 ألف برميل في اليوم ليصل إلى أعلى مستوى له منذ 43 عاماً، عند 9.4 مليون برميل، وهو ما يعني إضافة 1.1 مليون برميل يوميا من النمو المتوقع عن هذا العام، وفقاً لتقرير من وكالة معلومات الطاقة في 12 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري.
مشاركة :