العطية لـ «الشرق الأوسط»: «أوبك» لن تستطيع فعل شيء بمفردها هذه المرة

  • 11/24/2014
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

فيينا: وائل مهدي بالنسبة إلى رجل مثل عبد الله بن حمد العطية، فإن هبوط أسعار النفط كما يحدث اليوم ليس بالأمر الجديد. فلقد رأى العطية كل شيء في الفترة التي ترأس فيها وزارة النفط في قطر بين عامي 1992 و2011، حضر خلالها العشرات من اجتماعات منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، إضافة إلى أخرى كان يحضرها منذ عام 1972 قبل أن يكون وزيرا عندما كان حينها ضمن وفد قطر إلى المنظمة. إلا أن العطية مؤمن بأن «أوبك» «لا تستطيع أن تضع قدمها في النهر نفسه مرتين» كما يقول المثل، ولهذا فإنها اليوم تواجه أشد التحديات بعد مرور 10 أعوام من الاسترخاء، كما يقول. وسيكون أمام وزراء المنظمة اجتماع من أهم وأصعب الاجتماعات التي مرت عليهم منذ بضع سنوات. وسيجتمع وزراء نفط المنظمة يوم الخميس المقبل 27 نوفمبر (تشرين الثاني) في العاصمة النمساوية فيينا لمناقشة أوضاع السوق وسبل دعم أسعار النفط التي هبطت بشكل كبير قارب الثلث بين يونيو (حزيران) ونوفمبر من العام الحالي لتصل إلى أقل من 80 دولارا. ويقول العطية، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من مقر إقامته بالدوحة: «لقد تعودت المنظمة ووزراؤها الاسترخاء في آخر 10 سنوات، حيث كانت الأسعار عالية في أغلب الفترات ولم يكن هناك الكثير من التحديات أمامهم، وكانت غالبية الاجتماعات روتينية وتنتهي بسهولة. أما الاجتماع المقبل، فسيكون بداية لتحديات أكبر للجميع». ولكن، ما التحديات التي جعلت العطية يعتقد أن «أوبك» ستواجه اجتماعا عصيبا؟ يقول العطية إن السوق اليوم أصبح فيها واقع جديد يجب أن يعيه الجميع جيدا. ففي البداية هناك فائض من النفط بدأ يتراكم منذ بداية العام. ويضع العطية في تقديره الشخصي الفائض بنحو مليوني برميل يوميا، أي أعلى بنحو نصف مليون برميل من أعلى تقدير للمصادر المختلفة في السوق وضعف كمية الفائض التي يتوقعها الأمين العام لـ«أوبك» الليبي عبد الله البدري. أما الأمر الثاني، فهو أن الاقتصاد العالمي بدأ التباطؤ والنمو بمعدلات أقل من المتوقعة بعد فترات طويلة من النمو السريع في الأعوام بين 2002 و2008 قبل أن تتعرض الأسواق للهزة المالية العالمية. وهذا الأمر سيكون له تأثير كبير على الطلب على النفط بدءا من العام المقبل، كما يقول. أما ثالث المتغيرات التي فرضت واقعا جديدا على السوق، فهو التحولات التي تشهدها الولايات المتحدة والتي نما إنتاج النفط فيها بصورة كبيرة بسبب ما يعرف بالنفط الصخري، وهو ما أدى إلى تراجع واردات الولايات المتحدة من نفط «أوبك»، وقد يؤدي مستقبلا إلى رفع الحظر على تصدير النفط الأميركي الذي دام قرابة 40 عاما. وبالفعل، فلقد زاد إنتاج الولايات المتحدة من النفط الخام ليصل إلى 9 ملايين برميل يوميا هذا العام، ومن المرجح أن يتجاوز إنتاج أميركا في العام المقبل كلا من روسيا والسعودية لتصبح أكبر منتجة في العالم، بحسب توقعات إدارة معلومات الطاقة الأميركية. ويعلق العطية على هذا قائلا: «من كان يتوقع أن يصل إنتاج أميركا إلى هذا الحد؟!! ليس هذا وحسب، بل إنها تصدر الآن قرابة 500 ألف برميل يوميا من النفط الخفيف المعروف بالمكثفات. هذه تطورات مهمة جدا وكفيلة بالتأثير على السوق». وبناء على كل هذه الأسباب السابقة، فإن العطية يرى الآن أن «(أوبك) غير قادرة على فعل شيء لدعم الأسعار إذا ما حاولت أن تخفض إنتاجها بمفردها، ما لم تتعاون مع باقي المنتجين خارج (أوبك) مثل النرويج والمكسيك وروسيا لإعادة التوازن إلى السوق». وتحتاج دول «أوبك» لأن تبقى سعر سلتها في المتوسط عند 105 دولارات هذا العام حتى لا تسجل ميزانيتها أي عجز مالي، بحسب تقديرات نشرتها أول من أمس مؤسسة الاستثمارات البترولية العربية (أبيكورب)، التي تتخذ من الدمام مقرا لها وتمتلكها الدول العربية المصدرة للبترول. ويخشى العطية أن يؤدي عدم اتفاق «أوبك» في الاجتماع المقبل إلى استمرار تراكم الفائض في السوق، وهذا الفائض قد يكبر مع الوقت ويتحول إلى كرة ثلج كبيرة تتدحرج وتكبر يوما بعد يوم وتؤدي في الأخير إلى دخول السوق دورة طويلة من الأسعار المنخفضة كما حدث بين أعوام 1985 و2000. ويضيف: «عندما لم تتمكن (أوبك) من إدارة السوق بصورة جيدة في الثمانينات، عانينا كثيرا في الماضي وظلت الأسعار في معدلات لا تتجاوز 20 دولارا لـ15 سنة حتى عام 2000. وأتمنى ألا نرجع إلى هذا المربع». ومشكلة «أوبك» الأزلية هي ليست في قدرة المنظمة على خفض الإنتاج، بل في البحث عن من سيبدأ تخفيض إنتاجه أولا. وفي حالات قليلة، يتفق الجميع على الخفض كما حدث في اجتماع وهران بالجزائر في عام 2008 وهو الاجتماع الذي حضره العطية، عندما تكسرت الأسعار وهبطت من 147 دولارا في يوليو (تموز) ذلك العام إلى مستويات عند 40 دولارا. وقرر وزراء «أوبك» في ذلك الاجتماع خفض الإنتاج بنحو 4.2 مليون برميل يوميا، وهو أعلى خفض تتخذه في قرار واحد خلال تاريخها. لكن العطية لا يزال يشعر بالطمأنينة إلى حد ما بخصوص اجتماع المنظمة نظرا إلى وجود صديقه القديم وزير البترول السعودي علي النعيمي، الذي - كما يقول العطية - إنه الرجل الذي يضيف الكثير من العقلانية والهدوء إلى اجتماعات المنظمة. ويختم العطية حديثه بالقول: «أتمنى أن تقوم (أوبك) باتخاذ القرار السليم في الاجتماع المقبل الذي سيعيد إلى السوق الاستقرار. أنا واثق بأن الوزراء كلهم قادرون على التفاهم ولندعوا جميعا أن تتخذ (أوبك) القرار السليم»، وبداية القرار السليم في نظر العطية هو أن يتعاون الجميع داخل المنظمة.

مشاركة :