أصدر مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية تقريرًا بحثيًّا ضمن دورية “تعليقات”، كشف فيه أن إيران استغلَّت ربط الأحداث في سورية والعراق واليمن بظهور الإمام المهدي المنتظر؛ حسب المذهب الشيعي في تحقيق أهداف سياسية بحتة، وذلك ضمن حملة تجنيد إقليمية ناجحة في طهران بغية إنشاء ميليشيات محلية متماسكة قادرة على مواجهة أي معارضة قوية خارج نطاق النفوذ الإقليمي المباشر لإيران. وأوضح البحث، الذي قدَّمتْه منى علمي الباحثة المشاركة في مركز الملك فيصل للبحوث تحت عنوان: “البعد الشيعي الديني للحرب في سورية”، أن هذا الاستغلال الديني المتعمَّد في العراق وسورية ولبنان الآن ليس ورقة لعب سياسية جديدة في يد إيران، بل إنها لعبة قديمة استخدمتها طهران قبل ثلاثين عامًا خلال حربها ضد العراق، عندما تم التعاقد مع الممثلين لتجسيد شخصية الإمام المهدي للخروج في ساحات القتال وتشجیع الجنود، ولجأت إيران مرة أخرى إلى التكتيك نفسه في إجراء تجنيد قوي لها في دول ليست في جوارها المباشر مثل سورية، وأيضًا تكوين ميليشيات متماسكة يمكن أن تكون أكثر مرونة حتى عندما تواجه معارضة محلية قوية. وباستخدام هذا السيناريو تمكَّنت إيران من الدفع بنشر ميليشيات شيعية عراقية في سورية، باعتبار الحرب جزءًا من الصراع السني الشيعي. وأشار إلى أن التأطير الديني للنزاع السوري يسمح لإيران بتطوير قوات مسلحة دينية أكثر تماسكًا وأقل تأثُّرًا بالمعارضة والمظاهرات الشعبية، كما أنه يمثل دورًا مهمًّا في البناء والتأسيس للتغيير الثقافي بين الميليشيات، في كلٍّ من: لبنان وسورية والعراق على السواء، وتحولهم بعيدًا عن الأيديولوجيات القومية والاشتراكية إلى تعزيز الأيديولوجية الدينية؛ ما يتيح لطهران سدّ الفجوة الثقافية وزيادة الترابط والالتزام المشترك بين قواتها المسلحة العربية الإقليمية في مواجهة التهديدات الداخلية والخارجية، وهي استراتيجية خاصة وناجحة في منطقة مستقطبة مثل الشرق الأوسط. ومثل هذا الاستخدام الأيديولوجي لا يعمل فقط كقناة فعالة لتكوين الميليشيات الموحدة، ولكنه يساعد طهران في تطوير آليات الإكراه على مختلف المستويات المحلية لدفع الناس نحو العمل العنيف، مع تقديم الدين لهم مع تبرير أخلاقي كاف. وأضاف التقرير البحثي: “ربطت الميليشيات الموالية لإيران وأنصار حزب الله اللبناني، الحربَ الجارية في سورية والعراق واليمن بعودة الإمام المهدي؛ وفق المذهب الشيعي. كما استغلت إيران هذا التفسير الديني للنزاع المستمر من جانب الميليشيات الشيعية المقرّبة من إيران في تحقيق مصالحها السياسية؛ حيث يعتقد أنصار إيران أن علامات عودة المهدي كُشفت تباعًا، وأن “الحرب العظمى مع إسرائيل والكافرين” باتت وشيكةً. وحسب معتقدهم: فإن بشار الأسد سيُقتل وسيحكم سورية زعيم سني سوف يضطهد الشيعة، وسيتدخل جيش من الشرق “إيران” ويحرر سورية، وسيواصل هذا الجيش السير نحو القدس لتحريرها من اليهود، وهناك سيظهر الإمام المهدي للصلاة في القدس. وقد ظهر ذلك جليًّا عندما أعلن حزب الله عن تورطه في سورية عام 2013م، فإن العديد من أنصار الحزب في لبنان عَدُّوا ذلك من علامات ظهور المهدي المنتظر، وهو الإمام الخفي الثاني عشر، الإمام محمد بن الحسن العسكري، المتمم لسلسلة الأئمة في الشيعة؛ حيث يعتقدون أن حدوث حمامات دم كبيرة في سورية إحدى العلامات الرئيسة على ظهور الإمام المخفي الذي سيأتي لإنقاذ أتباعه من الظلم. كما استغلَّ الحشد الشعبي الشيعي هذا المعتقد الديني في تعبئة أنصاره في العراق؛ حيث أعلن الأمين العام لهذه الميليشيات أنه بعد انتهاء معركة الموصل ستدخل قوات الحشد إلى الأراضي السورية بالتنسيق مع نظام الأسد لمواجهة ما يسمى: التكفيريين، وأنها سوف تستمر في القتال حتى ظهور المهدي”. وذكر أن مقتل المسلحين في سورية يصور على أنه مهمة دينية، وأنها معركة البقاء ضد التهديد المزدوج للعدوان الإسرائيلي وصعود السلفية الراديكالية بالنسبة لهم؛ حيث إن الإيهام بتقارب المصالح بين السلفية والإسرائيليين كان في الواقع حجة مركزية في الواقع حجة مركزية في خطاب حزب الله.
مشاركة :