مرَّ مسعف سعودي بعديد من المآسي خلال فترة عمله التي امتدت لأكثر من 16 عامًا، سجّلها في كتابه "صرخة مسعف"، الذي ضم 21 قصة شاهدها خلال عمله، لكن أكثرها ألمًا وحزنًا هو رؤية جثة أخيه في أحد الحوادث التي كان يباشرها منذ يومين. المسعف "فيحان عليان الجابري" يعمل في الهلال الأحمر بالمدينة المنورة، وتم تكريمه أمس الاثنين، من قبل رئيس هيئة الهلال الأحمر الدكتور محمد بن عبدالله القاسم، والذي أشاد خلال اتصال هاتفي معه، برباطة جأشه وصموده رغم هول الموقف؛ حيث قام بتقديم الخدمة الإسعافية لضحايا الحادث المصابين رغم مشاهدته لعدد من أفراد أسرته بينهم. وحول حادث وفاة أخيه وإصابة ابن شقيقه وأبناء جيرانه، قال الجابري لـ"عاجل"، اليوم الثلاثاء، إنه تسلّم بلاغًا عن وقوع حادث لـ7 طلاب، وعندما وصل مع الفريق الإسعافي إلى مكان البلاغ، شاهد أخاه أحمد ذا الـ12 عامًا، محتجزًا داخل السيارة، وقد فارق الحياة. وأضاف، أنه كان مناوبًا في المركز الإسعافي الذي يبعد 10 دقائق عن موقع الحادث يوم الخميس الماضي، الذي وقع على طريق الأكحل الرابط مع السويرقيه. وأشار إلى أن مشاعره كانت مضطربة في تلك اللحظة، بين وفاة شقيقه الصغير وإنقاذ باقي المصابين، إلا أنه تمالك نفسه وتفقّد الحالات المصابة وأداء مهامّ عمله. مضيفًا أن أحد الأشخاص المتجمهرين بالموقع طالبه بإسعاف أخيه، والذي كان يعلم بوفاته، فردَّ عليه قائلًا: "هذا أخي وألمك ليس أصعب من ألمي.. هذا أخي"، وطلبت منه الابتعاد من موقع الحادث لإنقاذ الباقين. وأضاف أن من بين المصابين في الحادث كان ابن شقيقه، الذي أصيب بكسر في الفخذ واليد، وأن الحادث أسفر عن وفاة 7 أشخاص من بينهم شقيقه وثلاثة من أبناء جيرانه، وقائد السيارة الأخرى المسن ومعه فتاتان، إضافة إلى عدة إصابات. ووصف حالته لحظة مباشرته للحادث، بأنه كان ينطلق مسرعًا إلى الحالات مستعينًا بالله، وبدأ يفرز الحالات فردًا فردًا، واتجه إلى سيارة الاسعاف وأبلغ غرفة العمليات بعدد المصابين، وكلما اتجه إلى مصاب يكتشف أنه يعرفه، كان قلبه يتقطع ألمًا وحرقة. وعن ابن شقيقه المصاب، قال إنه بعد وصوله لمستشفى القرية، أبلغ الدكتور بأن يكتب بتحويله إلى المدينة المنورة، وبالفعل كتب التحويل مباشرة، وحملت ابن أخي بسيارة الإسعاف، وانطلقت به إلى المدينة لمسافة ساعة ونصف على الطريق. وحول رسالته للمسعفين، قال رسالتي لهم أنك قد تتعرض لبعض المواقف الصعبة جدًا عندما تتلقى البلاغ، وأسأل الله الثبات وصلاح النية، ولابد أن تغلق كل الأحاسيس والمشاعر حتى تتمكن من تقديم خدمة إسعافية ناجحة. وأوضح أن ما احتواه كتابه كان نتيجة مشاهداته وتجاربه في مجال الإسعاف، حول أشخاص توفوا في أوقات فرح أو زفاف أو نزهة، أو عائدين من مدارسهم وأعمالهم.
مشاركة :