إعداد: محمد فتحي على الرغم من قدرة الإنسان على تسخير الطبيعة لصالح أهدافه، واستخدام أحدث النظم التكنولوجية لمعرفة حالة الطقس ومراقبة التغيرات الجيولوجية والكيميائية على سطح الأرض، إلا أنه لا يمتلك حواس للتنبؤ بالمتغيرات والأنشطة من حوله، وغالباً ما تفاجئه المتغيرات وتكون نتائجها كارثية. على الجانب الآخر منح الله الحيوانات حواس خارقة في الطبيعة تستطيع من خلالها التنبؤ بمختلف المتغيرات والقدرة على الشعور اللامادي بالكثير من الأنشطة الطبيعية على بعد أميال، وبالرغم من أن كل الحيوانات تمتلك خواص لا توجد عند البشر إلا أن بعضها يمتلك أدوات استثنائية ومدهشة.كثيراً ما يفقد الإنسان الأثر سواء على اليابسة في الصحراء والسهول والجبال أو مبحراً داخل البحار والمحيطات، ولكن عند الكثير من المخلوقات الأخرى، يعد السفر غاية في السهولة، حيث وجد العلماء بلورات مجهرية من معدن الماجنتيت أو حجر المغناطيس، وهي مادة طبيعية، داخل جسم عدد من المخلوقات، بما فيها نحل العسل وسمك التَّروتة، والخلايا التي تحتوي على هذه البلورات متصلة بالجهاز العصبي، لذلك أظهر النحل والتَّروتة قدرة على كشف الحقول المغناطيسية، وفي الواقع، يستعمل النحل حقل الأرض المغنطيسي للملاحة وبناء أقراص العسل.اكتشف الباحثون أيضاً المجانتيت في نوع من البكتيريا يعيش في رواسب قعر البحر، وعندما تضطرب الرواسب، يؤثر حقل الأرض المغناطيسي في المجانتيت في البكتيريا فيجمعها بطريقة تمكنها من الانتشار مجدداً والرجوع بأمان إلى موطنها في قعر البحر، دون أن تموت.هنالك أيضاً حيوانات مهاجرة عديدة، منها الطيور، والسلاحف، وسمك السَّلْمون والحيتان التي تملك أيضاً حاسة تستجيب للحقول المغناطيسية. لكنها لا تعتمد على ما يبدو على هذه الحاسة وحسب من أجل الملاحة، بل إنها تستعمل أيضاً تنوعاً في الحواس. فسمك السَّلْمون، على سبيل المثال، يستعمل حاسة الشم القوية التي يملكها ليجد مجرى الماء حيث وُلد. وتسترشد طيور الزرازير الأوروبية بالشمس، وثمة طيور أخرى تستعين بمواقع النجوم. سونار في البحر تستخدم الحيتان ذوات الأسنان أيضاً السونار، لكن العلماء لم يكتشفوا تماماً كيف يعمل. أما سونار الدلفين فيبدأ بطقّات متميزة يُعتقد أنها تصدر، لا من الحنجرة، بل من الأنف. ثم تركز كتلة النسيج الدهني في مقدمة رأس الدلفين الصوت الصادر ضمن حزمة لكشف تضاريس أو طبيعة المنطقة أمام الدلفين. وتسمع الدلافين أصداءها بواسطة فكها السفلي وما يرتبط به من أعضاء تتصل بالأذن الوسطى. والجدير بالذكر أن هذه المنطقة تحتوي على نوع الدهون نفسه الموجود في مقدمة رأس الدلفين.وطلقات السُّونار التي يصدرها الدُّولفين تطابق بشكل مدهش موجة في مجال الرياضيات تتبع معادلة دالة رياضية، وهذه الدالة تثبت أن طلقات الدلفين إنما هي تقريباً إشارة سونار مثالية من الناحية الرياضية. تستطيع الدلافين تعديل قوة طلقات السونار من مجرد همسة إلى صوت قوي يبلغ ٢٢٠ دسيبل. إن صوت موسيقى الروك العالي يمكن أن يبلغ 120 دسيبل، وطلقة المدفع 130 دسيبل. وبواسطة سونار أقوى بكثير، يمكن أن تكشف الدلافين أموراً صغيرة صغر كرة قطرها ٨ سنتيمترات على بعد 120 متراً أو أبعد أيضاً إذا كانت المياه هادئة. آذان استثنائية مقارنةً مع البشر، تملك مخلوقات عديدة سمعاً مذهلاً، ففي حين نستطيع أن نسمع أصواتاً يتراوح تردد ذبذباتها بين 20 و20000 هيرتز، تستطيع الكلاب أن تسمع ترددات تتراوح بين 40 و40000 هيرتز، والخيول بين 31 و 40000 هيرتز. كما تقدر الفيلة والأبقار أن تسمع في المدى دون السمعي (دون نطاق السمع البشري) الذي قد يبلغ 16 هيرتز. ولأن الترددات المنخفضة تقطع المسافات بسرعة أكبر، تستطيع الفيلة أن تتصل بعضها بعضاً من مسافة تتعدى 4 كيلومترات. وفي الواقع، يقول الباحثون إنه يمكننا استخدام هذه الحيوانات لتعطينا إنذاراً باكراً بحدوث الزلازل والاضطرابات المناخية الخطرة، لأن هذه العوامل تطلق صوتاً دون مدى السمع البشري.للحشرات أيضاً نطاق سمع واسع، بعضه في المدى فوق السمعي الذي يرتفع أكثر من جوابين (٢ أوكتاڤا) عن السمع البشري والآخر في المدى دون السمعي. وهناك حشرات قليلة تسمع بواسطة أغشية رقيقة مسطحة، تشبه طبلة الأذن، موجودة على كل أجزاء جسمها تقريباً ما عدا الرأس. كما يسمع بعضها الآخر بواسطة شعيرات دقيقة لا تتجاوب مع الصوت فقط، بل أيضاً مع لأقل حركة في الهواء، مثل التي تسببها حركة اليد البشرية. وهذه الحواس المرهفة جداً توضح لماذا يصعب جداً ضرب الذباب!لا يستطيع الإنسان تخيل مقدرته على سماع خطى حشرة. إن مثل هذا السمع المذهل يتميز به الثديي الوحيد الذي يطير في العالم وهو الخفاش. يلزم بالطبع أن تكون للخفافيش حاسة سمع مميزة لتطير في الليل وتلتقط الحشرات بواسطة تحديد الموقع بالصدى أو السونار. يؤكد العديد من العلماء أن هناك أجهزة سونار أكثر تعقيداً من كل الأجهزة الموجودة في الغواصات الأكثر تطوراً. وهو موجود في الخفاش. وكل الحسابات التي تسمح للخفاش أن يحدد المسافة، السرعة، وأيضاً أنواعاً معينة من الحشرات المستهدفة ينجزها دماغ أصغر من ظفر إبهام اليد! إذ يعتمد التحديد الدقيق للموقع بالصدى أيضاً على نوعية الإشارة الصوتية المطلقة، لدى الخفافيش القدرة على السيطرة على طبقات صوتها بطرق يمكن أن تحسدها عليها أية مغنية أوبرا. وكما تقول العديد من المراجع العلمية، يظهر أن بعض أنواع الخفافيش تستطيع أيضاً أن تركز نبضات الصوت ضمن حزمة، وذلك بواسطة طيات جلدية على أنوفها. إن كل هذه الميزات تسهم في تشكيل سونار متطور جداً، بحيث ينتج «صورة صوتية» لأشياء دقيقة دقة الشعرة البشرية. بالإضافة إلى الخفافيش، هنالك نوعان من الطيور على الأقل، طيور السمامة في آسيا وأستراليا وطيور الغوشار في أمريكا، والتي تحدد الموقع بالصدى أيضاً. لكن يبدو أنها تستعمل هذه القدرة فقط للطيران في ظلمة الكهوف التي تبيت فيها. أجسام مكهربة خلال تجربة على قدرات أسماك القرش الخاصة داخل أحد معامل جامعة كاليفورنيا الأمريكية، كانت تقبع سمكة الترس تحت طبقة من الرمل في مربى مائي محجوبة كلياً عن أنظار قرش جائع يتجه ناحيتها. لا يرى القرش السمكة، لكنه بلمح البصر يتوقف ويقحم أنفه في الرمل ويلتهم فريسته. إن الحالة المذكورة عن القرش أثارت حفيظة العديد من الباحثين، حيث أرادوا معرفة هل يشعر سمك القرش والشفنين البحري بالحقول الكهربائية الصغيرة التي تنبعث من السمك الحي، ولاكتشاف ذلك، أخفوا أجساماً مكهربة في رمال قعر المربى المائي ومرروا فيها شحنة كهربائية ملائمة. وكانت النتيجة صادمة، حيث حينما اقترب القرش من المساري الكهربائية هاجمها بشراسة. يشعر سمك القرش بالحقول الكهربائية دون أن يبذل أي مجهود مثلما تلتقط الأذن الصوت.
مشاركة :