حرص صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة على مشاركة أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، اختتام «تمرين درع الخليج المشترك 1» في منطقة الجبيل بالمنطقة الشرقية في السعودية، بحضور عدد من قادة الدول الشقيقة والصديقة وزعمائها، وهذا الحرص من جلالته يمثل تأكيدًا جديدًا على عمق الصلات والعلاقات التاريخية الوثيقة بين البحرين والسعودية التي بلغت مدى لم تبلغه في أي مرحلة تاريخية من قبل، وهي في تطور ونماء بفضل حرص قيادتي البلدين على تطويرها والدفع بها قدمًا إلى الأمام لخير وصالح البلدين والشعبين الشقيقين. وكانت مشاركة البحرين في «تمرين درع الخليج المشترك 1» والعرض العسكري، فاعلة وقوية ومتميزة، في إطار العلاقات المتميزة بين المملكتين، إذ استعدت مجموعة القتال التابعة لقوة دفاع البحرين للمشاركة في التمرين وكانت في أتم جهوزيتها القتالية والإدارية للمشاركة إلى جانب القوات الشقيقة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والدول العربية والإسلامية والصديقة، وذلك في جميع مراحل التمرين البرية والجوية والبحرية. وأكد جلالة الملك المفدى على دوافع مشاركة البحرين في التمرين، وفي مقدمتها توطيد العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، فقال جلالته إن «مملكة البحرين وقفت دائمًا صفًا واحدًا مع الأشقاء والأصدقاء في الكثير من المهام والواجبات العسكرية الإنسانية النبيلة، وإننا مستمرون معا لكل ما فيه خير الجميع من أجل استتباب الأمن والسلام في المنطقة والعالم، وإن مشاركة قوة دفاع البحرين المستمرة في مهمتها النبيلة في عملية (إعادة الأمل)، ضمن قوات التحالف العربي بقيادة الكبرى المملكة العربية السعودية تأتي دعمًا للعدل والسلام وتقديم الإغاثة الإنسانية للأشقاء في اليمن العزيز». واستمر «تمرين درع الخليج المشترك 1» مدة شهر تقريبًا، إذ انطلق في 20 مارس الماضي، والتمرين مجدول منذ عام ونصف العام تقريبًا، وقطعت قيادات القوات المشاركة مراحل مهمة من التنسيق للتمرين قبل حضور القوات المشاركة إلى ميدان التدريب، ومثل التحرك الذي أجرته القوات المشاركة فور وصولها أكبر تحرك عسكري من نوعه في العالم، قبل أن تنفذ القيادات المشاركة تمرين القيادة المشتركة، ثم تنفيذ جميع القوات المشاركة للتمارين الحية بالذخيرة الحية، وشاركت في التمرين قوات برية وبحرية وجوية ودفاع جوي. وتهدف التمارين العسكرية إلى الحفاظ على أمن واستقرار دول المنطقة، والجاهزية التامة للتصدي لأي مسببات لعدم الاستقرار، ومصادر الخطر التي تحدق بالمنطقة، وإبراز قدرات العمل العسكري المشترك، والتأهب الدائم لمساندة وحدة المنطقة، وردع أي تهديد تتعرض له، ومساندة ودعم الدول الشقيقة والصديقة في المحافظة على أمنها وأمن شعوبها، وصون ثرواتها ومكتسباتها. ويبرز «تمرين درع الخليج المشترك 1» قدرات الدول المشاركة في تعزيز أمنها واستقرارها، كما يعكس قناعة هذه الدول بأن التعاون المشترك على أرضية من التفاهم والتنسيق العسكري المتكامل، سواء في الإقليم أو في العالم أجمع، هو حجر الزاوية لمواجهة التهديدات والمخاطر التي تحيط بالعالم بأسره. وتنقسم التدريبات إلى مرحلتين، الأولى استمرت يومين، اقتصرت على قيادات قوات «درع الخليج المشترك 1»، من جميع القطاعات البرية والبحرية والجوية والدفاع الجوي والقوات الخاصة، إذ تم استخدام المشبهات وتدريب القيادات على إدارة العمليات العسكرية في بيئة عمليات نظامية وغير نظامية، وتم اختبار وسائل القيادة والسيطرة. وشملت المرحلة الثانية التي استغرقت 5 أيام استخدام الذخيرة الحية، واستهدفت هذه المرحلة من التدريب مواجهة التحديات والتهديدات ضمن بيئة عمليات مشتركة لتحقيق مفهوم العمل المشترك، واستخدمت فيه العديد من الأسلحة الحديثة والمتطورة. إن المشاركة الكبيرة من جانب مملكة البحرين في تمرين «درع الخليج المشترك 1» وتنظيم المملكة العربية السعودية لهذا التمرين الضخم والحضور الكبير لقادة الدول العربية في ختامه، له العديد من الدلالات والأهمية، نذكر منها ما يلي: أولا حضور جلالة الملك المفدى والعديد من قادة الدول العربية الشقيقة والصديقة للتمرين الذي يعد أضخم التمارين العسكرية في المنطقة على الإطلاق، سواء من حيث عدد القوات والدول المشاركة التي تصل إلى 25 دولة، أو من ناحية تنوع خبراتها ونوعية أسلحتها، أو الخطط العسكرية المنفذة، يوجه رسالة إلى العالم برغبة الدول العربية في الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة، وأن القادة العرب يد واحدة في ظل تنامي التهديدات للأمن القومي العربي، وما تشهده المنطقة من عدم استقرار سياسي وأمني، وأنهم قادرون بوحدتهم على قطع يد الإرهاب الآثم ويد كل من يضمر الشر للدول العربية والإسلامية. مشاركة 25 دولة عربية وإسلامية وغربية في «تمرين درع الخليج المشترك 1» ما كانت لتجمع قواتها من برية وبحرية وجوية ودفاع جوي وقوات خاصة، وتسمح لها بالانخراط في مناورات بالذخيرة الحية مع قوات أخرى، لولا أنها متقاربة في المواقف السياسية، وبالتالي هي مناورة عسكرية مشتركة تعبر عن تعاون سياسي بين دول مواقفها متقاربة. إن تمرين «درع الخليج المشترك 1» والعدد الكبير من الدول الشقيقة والصديقة المشاركة فيه، يؤكدان الوعي العميق بطبيعة الظروف المعقدة التي تمر بها المنطقة والعالم، وما تقتضيه هذه الظروف من ضرورة التنسيق العسكري الدائم للتعامل معها، خاصة أن ما تفرزه من أخطار وتحديات، وفي مقدمتها التدخل في شؤون المنطقة والتطرف والإرهاب، لا يمكن التعامل معها بفاعلية إلا من خلال تحالفات قوية، سواء على المستوى السياسي أو الأمني أو العسكري. ثانيا تنظيم المملكة العربية السعودية للتمرين تأكيد على ثقلها الدولي ودلالة على أنها قادرة على حشد أكبر عدد من قوات الردع من الدول الشقيقة والصديقة في أي وقت؛ لحماية السلام وصون الأمن وحفظ مقدرات الشعوب ومكتسباتها ضد أي تدخل وأي أطماع وتهديدات محتملة. وتؤكد مملكة البحرين على الدوام أن المملكة العربية السعودية تمثل حصنًا عربيًا إسلاميًا منيعًا في مواجهة أي محاولات لتهديد الأمن الإقليمي، أو التدخل في الشؤون الداخلية العربية، أو العبث بمقدرات شعوب المنطقة ومكتسباتها، وتقف البحرين في خندق واحد إلى جانب السعودية؛ إيمانًا منها بأهمية الدور الذي تقوم به خدمة للأمة العربية والإسلامية، ولذا فقد انضمت مملكة البحرين إلى التحالف العربي لدعم الشرعية، كما انضمت إلى التحالف الإسلامي الذي يتكون من 40 دولة إسلامية لمواجهة الإرهاب والمخاطر المحدقة بالمنطقة. إن المملكة العربية السعودية، بالتعاون مع مملكة البحرين والدول الرئيسة في المنطقة، بصدد ترجمة قوتها الاقتصادية ومكانتها السياسية والدبلوماسية إلى جدار دفاع أمني بوجه المطامع والتهديدات، عبر مواصلة بناء قدراتها العسكرية وتجميع القوى التي تشاركها أهدافها وتوجهاتها في حفظ الأمن وحماية الاستقرار. ثالثًا عكس «تمرين درع الخليج المشترك 1» الكبير والمشاركة البحرينية والخليجية المميزة حقيقة مهمة، هي أن دول الخليج العربية على أهبة الاستعداد لردع أي تجاوزات تستهدف استقرار المنطقة، وأن قدرات العمل العسكري الخليجي المشترك بلا حدود، وأن الوحدة الخليجية هي محط دعم ومساندة من الدول الشقيقة والصديقة كافة، والتأكيد على أن موقف دول الخليج بات أكثر قوة وتماسكًا وجاهزية أكبر من أي وقت مضى. رابعًا إيمان البحرين والدول المشاركة في التمرين بأهمية العمل ضمن تحالف منسق وتنظيم عسكري موحد لمواجهة التهديدات والمخاطر التي تحيط بالمنطقة، إذ يصنف التمرين أحد أكبر عملية حشد لقوات عسكرية بالمنطقة، مثل عملية عاصفة الصحراء، والمناورات العسكرية «رعد الشمال» التي أجريت في مارس العام 2016 بحفر الباطن بالمملكة العربية السعودية. إن التمارين المختلطة مع الدول الشقيقة والصديقة تسهم في توحيد قواعد الحرب المشتركة وقواعد الاشتباك، وتسهم في تجربة معدات وأجهزة جديدة لدى القوات المسلحة المشاركة في هذه المناورات، وتسهم في التعرف على طبيعة وتضاريس وطبوغرافية المناطق ومسرح العمليات التي يقام فيها التمرين، كما أنها ستسهم في رفع معدلات الكفاءة القتالية والفنية في استخدام الآليات والمعدات العسكرية المتقدمة والحديثة، كما أن المناورات العسكرية المشتركة والمختلطة تعزز إرادة القتال والروح المعنوية العالية للجنود. خامسًا التمرين نجح في تحقيق العديد من الأهداف المرسومة له، أهمها رفع الجاهزية العسكرية للقوات البحرينية ولقوات الدول المشاركة، وتحديث الآليات والتدابير المشتركة للأجهزة الأمنية والعسكرية، وتعزيز التنسيق والتعاون والتكامل العسكري والأمني المشترك بين دول المنطقة لمواجهة مختلف التحديات، وتحقيق ذلك عبر العمل الميداني، ويشكل تمرين «تمرين درع الخليج المشترك 1» نقطة تحول نوعية على صعيد التقنيات المستخدمة، إذ تعد من أحدث النظم العسكرية العالمية، فقد شاركت في التمرين أربع دول تتصدر التصنيف العالمي ضمن قائمة أقوى عشرة جيوش في العالم. سادسًا إن التهديدات التي تواجهها المنطقة أصبحت متنوعة، سواء كانت تهديدات من جيوش نظامية، أو من الميليشيات والجماعات الإرهابية التي تشكل أكبر المخاطر المهددة لأمن واستقرار المنطقة، ومن ثم فإن التمرينات العسكرية بدأت تأخذ ذلك في الحسبان، ففي تمرين «درع الخليج المشترك 1» تم تنفيذ تكتيكات على نوعين من الحروب، النظامية وغير النظامية التي يكون طرفها ميليشيا أو عصابة إرهابية في آن واحد، إضافة إلى أنها أول مرة يجري تنفيذ ذلك في تمرين عسكري. الحروب النظامية مثل الإنزال على الشواطئ، أو المواجهات في عرض البحر من قوات نظامية معادية، والحروب غير النظامية التي تقودها ميليشيا أو جماعات إرهابية تحتل قرى أو مواقع، وتتحصن فيها، إذ نفذت القوات المشاركة فرضيات متعددة عن حروب المدن. إن تمرين «درع الخليج المشترك 1» سيظل حصينا بتحالف الدول العربية، وسيظل رادعا قويا لقوى الشر والظلام ومخططاتها لنشر الفوضى وزعزعة الاستقرار. وهو رسالة أن هذه الدول عازمة على استكمال بناء القدرات العسكرية لها، وتجميع الصفوف لحماية أمن المنطقة ومقدراتها بوجه التهديدات والمطامع الخارجية. «بنا»
مشاركة :