كشفت الشركة العربية للاستثمارات البترولية (أبيكورب)، الشركة الاستثمارية المملوكة من قبل الدول العشر الأعضاء في منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك)، عن أحدث تقاريرها الشهرية الخاصة بقطاع الطاقة في المنطقة. ويكشف التقرير عن توقعات لاستثمارات بقيمة 260 مليار دولار أمريكي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء. وأظهرت الحكومات في دول مجلس التعاون الخليجي استجابة جيدة ومدروسة لارتفاع الطلب على الكهرباء، إلا أن ارتفاع الأسعار الأخير على الكهرباء في المملكة العربية السعودية سيسهم في إبطاء عملية نمو الطلب. وتظهر أبحاث أبيكورب أن الطلب على الكهرباء في زيادة مستمرة بوتيرة متسارعة، وذلك بسبب نمو عدد السكان وارتفاع مستويات الدخل، وإنشاء المزيد من المصانع، وبالرغم من تباطؤ النمو الاقتصادي مقارنة مع الزيادات التي شهدها في بعض الأعوام السابقة، فإن صندوق النقد الدولي يتوقع زيادة بالنمو الاقتصادي بنسبة 3.2% خلال عامي 2018 و2019، مع احتمالية وصول النمو إلى نسبة 3.5% بحلول عام 2022. فضلاً عن توقعات باستمرار زيادة عدد سكان المنطقة بنسبة 1.5% في كل سنة خلال نفس الفترة. وتتوقع ابيكورب أن القدرة الإنتاجية للطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا ستحتاج إلى زيادة القدرة الإنتاجية بنسبة 6.4% في كل عام ما بين 2018 و2022، وهو ما يعادل 117 جيجا واط، وذلك من أجل تلبية الطلب المتزايد. ويشير تقرير ابيكورب إلى توقعات لاستثمارات بقيمة 152 مليار دولار للوصول إلى هذه النتائج، مع توافر 108 مليارات دولار أمريكي لتغطية تكاليف النقل والتوزيع. وستتطلب زيادة القدرة الإنتاجية للطاقة في منطقة الخليج استخدام المصادر التقليدية لتوليد الطاقة بالإضافة إلى مصادر الطاقة المتجددة. وتصدر المملكة العربية السعودية قائمة الدول الأكثر استثماراً في هذا القطاع، حيث إنه من المتوقع أن تستثمر بحوالي 21 مليار دولار أمريكي، والتي تزيد من قدرتها الإنتاجية إلى 92 جيجا واط. كما ستطلق المملكة مبادرتها الخاصة بمصادر الطاقة المتجددة، بهدف إنتاج 10 جيجا واط من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بحلول عام 2030. وستحتاج دولة الإمارات العربية المتحدة إلى استثمار ما لا يقل عن 33 مليار دولار أمريكي على المدى المتوسط، لتلبية احتياجات القدرة الإنتاجية الإضافية التي تصل قيمتها إلى 16 جيجا واط. وتبذل الدولة جهوداً جبارة في تنويع مصادر الطاقة، حيث تقدر ابيكورب أن حوالي 10 جيجا واط من القدرة الإنتاجية للطاقة قيد التنفيذ، بما في ذلك 5.6 جيجا واط من الطاقة النووية. وتتصدر الطاقة الشمسية أولويات دولة الإمارات، ومن المتوقع أن تمثل 25% من مصادر توليد الطاقة في الدولة، وذلك مع اكتمال تشغيل مجمع الطاقة الشمسية الذي تصل قدرته الإنتاجية إلى 5 جيجا واط وتبلغ قيمته 13.7 مليار دولار أمريكي. وفي هذا الصدد، قال خبير قطاع الطاقة في أبيكورب غسان الاكوع إن «التحديات المالية التي تواجهها الحكومات دعت إلى اتخاذ سياسات واستراتيجيات جديدة لتوفير الطاقة، وتعمل العديد من الدول على تطبيق خطط إصلاحية للأسعار، بهدف تحرير الأسعار على المدى القريب. وفي حين أن هذه البرامج ستقلل من العبء المالي على الحكومات، إلا أنها ستضغط على مستويات طلب الطاقة وتؤدي إلى انخفاضها. وستبقى الخيارات محدودة أمام الحكومات على المستوى المتوسط، إلا أن خطط الإنتاج المستقلة للطاقة ستبقى من الأولويات والاستراتيجيات الرئيسية للحكومات من أجل زيادة القدرة الإنتاجية، والذي من شأنه أن يسهم بشكل كبير في تخفيف الأعباء المالية للدول والحكومات». من جانبه، قال الباحث الاقتصادي الأول في ابيكورب مصطفى الأنصاري: «ستتراوح قدرة الدول في المنطقة على النجاح في استقطاب الاستثمارات اللازمة وتدشين مشاريع الطاقة الرئيسية. وستستمر دول الخليج في تلبية الطلب المتزايد من خلال إصلاحات الأسعار كإحدى الوسائل الفعالة لإنجاح ذلك. كما ستظل مشاريع الطاقة المتجددة على أولويات وأجندة الحكومات على المدى الطويل بهدف تنويع القدرة الإنتاجية لمصادر الطاقة». وعلى الصعيد الآخر فإن «بعض الدول في مناطق أخرى ستواجه تحديات أكثر تعقيداً لتلبية الطلب على الكهرباء، حيث إن عدم الاستقرار السياسي وعدم توافر الاستثمارات الكافية سيؤديان إلى نقص في إنتاج الطاقة، سينعكس بدوره سلباً على اقتصاد هذه الدول ويزيد من الضغوطات على مواطنيها».
مشاركة :