قال د. عبدالعزيز صلاح سالم، أستاذ الآثار بجامعة القاهرة، والخبير الدولي في التراث، إن الاستثمار في مواقع التراث العمراني في مصر يؤدي إلى الكثير من المنافع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية،الناتجة من مشاريع إعادة تأهيل وتوظيف العديد من القرى التراثية، ومراكز المدن التاريخية والأسواق الشعبية.وأشار في تصريحات خاصة لموقع "صدى البلد" إلى أن القلاع والقصور التاريخية المنتشرة في مصر، والتي لايزال معظمها بحالة جيدة يمكن إعادة تأهيلها واستثمارها، وبالتالي إتاحة فرص عمل للمجتمعات المحلية في تلك المناطق ،والحد من ظاهرة الهجرة السكانية.وقال "سالم" إنه رغم أن مصر تمتلك تنوعًا كبيرًا في المناطق الأثرية والسياحية، إلا أنها تواجه تحديات عديدة تتمثل في عدم مقدرتها على مسايرة التقدم التكنولوجي الهائل في أعمال الإدارة،والتسيير وتحسين جودة الخدمات بالمناطق الأثرية،وذلك بسبب الافتقار للموارد البشرية المؤهلة والمدربة على تطبيق الإدارة الحديثة في إدارة الخدمات بالمناطق الأثرية، بالإضافة إلى ضعف أعمال النظافة أو ندرة وجود دورات المياه المناسبة، أو اختفاء اللوحات واللافتات الارشادية، وانعدام تنظيم المهن والأسواق، والأنشطة العامة، وسوء تقديم الحرف التقليدية،في داخل المناطق الأثرية وفي محيطها البيئي وغيرها من التحديات الكبرى التي تواجه المناطق الأثرية المصرية. وأشار "سالم" إلي أن استمرار العقبات والتحديات بالمناطق الاثرية المصرية يمثل خطرًا كبيرًا على ديمومة عمل هذه المناطق الاثرية والسياحية بالكفاءة المطلوبة،وبخاصة في مناطق التراث العالمي مثل منطقة الأهرامات و سقارة بالجيزة، والقاهرة التاريخية، ومدينة الأقصر، ومنطقة أبي سمبل، في صعيد مصر، مما يستوجب سرعة التدخل وتكاتف جميع الجهات المعنية من أجل دراسة كيفية إنشاء منظومة تشاركية جديدة لإدارة الخدمات بالمناطق الأثرية، لمواجهة التحديات التي تعوق أعمال التطوير والتنمية، ووضع الحلول الناجحة،وتطبيق النظم الحديثة في إدارة الخدمات بالمناطق الأثرية والسياحية.أكد "سالم" أن الاستثمار في التراث الثقافي بمفهومه الشامل من خلال الحفاظ على عناصره المادية والطبيعية وغير المادية على درجة كبيرة من الأهمية،لكون التراث الثقافي ذاكرة جماعية وهوية حضارية للشعوب والأمم،كما يعتبر التراث الثقافي والإرث الحضاري أحد ثوابت شخصية أمتنا الثقافية،شاهد علي إسهامها في الحضارة الإنسانية، وهو حري بالعناية والتعهد لأنه أمانة تاريخية في أعناقنا جميعا، تستوجب علينا حفظها ونقلها للأجيال القادمة، مشيرا إلى ضرورة وضع سياسة ثقافية جديدة ترمي إلى تنمية الثروات في مجال التراث الثقافي، وتتيح له القيام بدور متنامي في الاقتصاد والتنمية المستدامة بفضل الصناعات الثقافية،وينبغي إثارة انتباه الباحثين والمراكز المختصة إلى ضرورة تسخير تراثها الثقافي الغني لتطوير صناعاتها الثقافية، لأنه التراث الثقافي أضحى في الأوانة الأخيرة"سلعة عامة تستوجب الحفاظ عليها من أجل المستقبل،مما يقتضي إنقاذ التراث من الصعوبات التي تواجهه،عبر إقناع الحكومات والباحثين والمجتمع المدني بضرورة الاستثمار فيه.وأكد علي أهمية وضع تصور حول آلية جعل التراث الثقافي رافعة للدينامية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حيث تتجلى فائدة التراث الثقافي الاقتصادية في القيمة العقارية للمآثر التاريخية والحضارية،وفي الفنادق والمشاريع التجارية الصغرى والمطاعم والمحلات التجارية الكبرى،إذا كانت المواقع والمعالم الأثرية لا تستفيد سوى من جزء قليل من هذه النتائج السياحية،إلا أنها تشكل عوامل لجذب السياح مما يساهم في إنعاش قطاعات أخرى،مثل التنمية السياحية لمواقع التراث الثقافي.وأضاف: هذا بجانب دورها في إظهار ثقافة الحضارات المختلفة،واعتماد مبدأ تطوير المواقع التراثية والمحافظة عليها لتحقيق العائد الاستثماري،الذي يتيح لها مواصلة أعمال الصيانة والترميم والتمويل وإدارة المواقع التراثية،بالإضافة إلى دراسة الآثار المتوقعة لعمليات التطوير على المجتمعات المستضيفة لمواقع التراث الثقافي سواء سلبًا أو إيجابًا.
مشاركة :