طالبت الجمعيات النسائية عبر مهرجانٍ خطابي للدفاع عن حرية المرأة الكويتية والتصدي للإساءة ، طالبت الحكومة باعتذارٍ رسمي عن إساءة وزارة الأوقاف ، معتبرةً بعض قطاعات الدولة خاضعةً لأفكار وآراء تياراتٍ دينيةٍ مُتَشددة حولت الفكر المتطرف إلى خطابٍ عامٍ ، وتمثل تلك الجمعيات الحركة المجتمعية الرافضة ذهنياً للوصاية التي هي طريق الانهيار للدولة المدنية ، ورفض تصور وزارة الأوقاف التي تعتبر حرية المرأة إنحلالاً وإباحةًً وهذا فهم خاطئ سقيم ووصفها بالكفر مخالف للدستور ، ونظمت الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية مهرجاناً خطابياً للدفاع عن حرية المرأة الكويتية التي تعرضت لإساءة بالغة في خطبة الجمعة التي عممتها وزارة الأوقاف على المساجد في الـ 23 من مارس الماضي، وذلك بمشاركة منظمات المجتمع المدني المختلفة.وجاء هذا المهرجان الخطابي كخطوة للتصدي للهجمات المتكررة والمستفزة والتعديات الصارخة على المرأة في الكويت، والتي تتناقض مع مبادىء الدستور الذي ناضل من أجله رجالات الكويت الأوائل منذ أكثر من نصف قرن بقصد قيام دولة مدنية حديثة تستظل بقيم العدالة والحرية والمساواة، وبه تبوأت الكويت موقعاً متميزًا بين دول الخليج العربي والعالم . وأبدت الجمعيات النسائية استياءها من التعديات المتكررة والمستمرة خلال الشهرين الماضيين على المرأة من قبل قلة تحاول فرض الوصاية على المجتمع، بدأت بالضجة التي أثارها نواب الدين السياسي بقصد إلغاء عبارة المساواة من المبادرة العالمية بمناسبة يوم المرأة العالمي، وخضوع الجهات الحكومية لرغباتهم بشكل يثير الاستغراب ويتناقض مع المادة 29 من دستور البلاد ، وفي الوقت نفسه - واستجابةً لتلك الأصوات النشاز - مُنعت حفلة موسيقية في حديقة الشهيد واستبدلت بأناشيد وطنية .وفاجأتنا بعدها وزارة الأوقاف بخطبة عممتها على مساجد الكويت مضمونها الإلحاد ، تتضمن عبارة مسيئة للمرأة لا صلة لها بموضوع الخطبة، وغير مقبولة تحت أي مبرر أو سياق، تصور فيها حرية المرأة بأنها انسلاخ من الأعراف والتقاليد وبأن السفور هو الانحلال ومن صفات الكفر، وهذه الخطبة تؤكد خضوع بعض قطاعات الدولة لأفكار وآراء جماعات، متشددة تمكنت من تحويل الفكر المتطرف إلى خطاب عام يمس الحريات ويطعن بشرائح كبيرة من النساء في الكويت، والأسوأ من هذه الخطبة هو تبرير وزارة الأوقاف وإصرارها على عدم الإعتذار بقولها إن ما طرح في الخطبة قد تم عزله عن سياقه الكامل وهذا عُذرٌ أقبحُ من ذنبٍ. ونطالب جميعاً الدولة ممثلة بالحكومة بتقديم اعتذار رسمي واضح وصريح عن إساءة وزارة الأوقاف لشريحة كبيرة من النساء في الكويت ومحاسبة المتسبب في هذا الطرح ورد الإعتبار للمرأة في الكويت بعد أن تنوعت أساليب الترهيب والتهديد من قبل تجار الدين والمستترين به واحتقار وجود المرأة ، والحركة المجتمعية الرافضة ذهنياً للوصاية لأنه طريق التدهور والانهيار للأفراد والمجتمعات. ونحن جميعاً في ثورة ثقافية تنادي برؤية وتحقيق ومراجعة رصينة لكل ما يكتب ويقال ضد المرأة في بيوت الله، فإذا أرادت الدولة أن يصبح الإسلام ثقافة الجماهير فليخرج من احتكار تجار الدين والمستترين به وما يطلقون عليه الثوابت التي يدافعون عنها وهي ثوابت تعيق المجتمع عن الارتقاء وترسبه في قاع التخلف الحضاري .إن الجمعيات النسائية في الكويت هي من مؤسسات المجتمع المدني تؤمن بالحريات الفردية من ناحية، كما تؤمن بالنظام العام والآداب العامة من ناحية أخرى، وكلاهما من المقومات الأساسية في المجتمع الحر الذي تقوم عليه دولة الكويت ، كما أن الإسلام دين الدولة وهو دين الرحمة والإنسانية ودين الأخلاق والتعامل والمعاملة الحسنة واحترام الحريات الفردية العامة ، والمجتمع الكويتي مجتمعٌ مسلم منذ القدم يحترم ويقدر المرأة ولها فيه المكانة المتقدمة الرائعة الرصينة وطبيعة المجتمع الكويتي هو العمل على تكريس حرية المرأة .كما أن المراة الكويتية تتميز بثقافتها وأناقتها وحسن عنايتها بنفسها وأسرتها واعتزازها بوطنها من ناحية كما أنها متميزة بالمحافظة على الآداب العامة ، وإذا كانت وزارة الأوقاف ترفض حرية المرأة والدعوة إليها وتعتقد أن الحرية هي الإنحلال والإباحية فهذا يدل على فهم خاطئ سقيم ممن لا يفهم معنى الحرية، لأن المقصودة بالحرية حرية الرجل والمرأة على حَدٍّ سواءٍ في التعلم والتعليم والتملك والإدارة والقيادة وعدم تبعيتها العمياء للرجل وتفضيله عليها في الوظيفة والعمل وغير ذلك من أمور الدنيا ، كما أن الله تعالى لم يميز بين الرجل والمرأة في العبودية والثواب والعقاب إلا بما تقتضيه الطبيعة البشرية التكوينية لكلٍّ منهما .و تدَخُّلُ الدَّولة ممثلةً بوزارة الأوقاف ووصف المرأة السافرة بالكافرة يُعتبر تدخلاً مخالفاً للدستور ذلك أنه يمس الحريات الفردية العامة، ويعارض سلوكاً ومسلكاً لا يخالف النظام العام والآداب العامة ولا يمس كيان الدولة ، بل إن ممارسات الحكومة في هذا التوجيه الرسمي إنما هو ترجيح لفكر خاطئ على آخر صحيح ، وتقييد للحقوق والحريات العامة تقييداً استبدادياً تسلطياً ، بل تلك إلغاءٌ لحرية المرأة واعتبار أن الحرية مرادفة لانعدام العفة وأنها - أي الحرية في السفور - من عادات الكفار ، وهذا منطق غير سليم وخاطئ ولا أساس له من فقه أو علم أو دين أو منطق .عبدالله الهدلق
مشاركة :