منحت مباراة الأهلي ودار كليب ضمن منافسات مربع كأس ولي العهد للكرة الطائرة -التي انتهت كما هو معروف نتيجتها لصالح نسور الأهلي بثلاثة أشواط مقابل شوطين -دروسا مجانية مختلفة لمن يهمه الأمر، ولمن لديه الرغبة في التعلم والاستفادة وأخذ العبرة، وسنتطرق إلى هذه الدروس والعبر -التي تستحق أن نقف عندها - محللين ومفسرين ومفككين، سعيا وراء الإيضاح، وزيادة الفهم، وتوسيع رقعة النظر، وما على القارئ والمتابع إلا أن يكون حصيفا ومتفتحا، سوى جاءت وجهات النظر متفقة معه، أو بما لا تشتهي نفسه، فهو في نهاية المطاف ليس ملزما بها، وليست مفروضة على فهمه. لهذه الأسباب لابد من عين الصقر أثبتت هذه المباراة -وغيرها من المباريات- أن التحفظات التي أظهرها دار كليب على بعض القرارات التحكيمية بغض النظر عن صحتها من عدمها ،خاصة في الشوطين الرابع والخامس أن اللعبة باتت في أمس الحاجة، وفي أسرع وقت، إلى تقنية " عين الصقر" بغية وضع الأمور في نصابها الصحيح، وبغير ذلك سندخل أنفسنا مع كل موسم جديد في متاهات لن ننتهي منها، ولم يعد هناك قناعة لدى الغالبية بأن الحكم بشر يصيب ويخطأ، بل تطور الأمر، وصار لدينا خبراء متخصصون في قراءة النوايا،وتفسيرها بحسب ما تشتهي الأنفس، وحتى نقطع الشك ياليقين فلابد أن نستعين بتقنية عين الصقر ، حتى لو اقتصر الأمر على بعض المباريات المهمة والحساسة، والتي يتوقف على نتائجها أمور متعددة، وبغير ذلك ستداس كرامة الحكام، وأعراض عوائلهم جراء سيل التهجم عليهم بالسب تارة، والقذف تارة أخرى، والاتهامات تارة ثالثة، والتي تتهاطل عليهم من كل حدب وصوب، ولن يتوقف الأمر على ذلك، بل حتى الأندية سيكون لها نصيب من ضياع حقوقها إزاء الأخطاء إن حصلت بالفعل، فمن يعوضها، ومن يعيد إليها الحقوق المهدرة، وبوجود تقنية عين الصقر سيخرس الجميع، في حالة تأكيدها - تقنية عين الصقر- لقرارات الحكام، وستعطي الأندية حقوقها المستحقة في حالة ثبوت الخطأ التحكيمي، وسيرتاح الجميع من القيل والقال، فهل يتحقق ذلك؟؟ اللعب حتى الصافرة النهائية مع شديد الأسف هناك ثقافة سائدة رغم خطئها الشنيع، وهو اعتقاد الكثير من اللاعبين بأن الفوز حليف فرقهم لا محالة لمجرد أن فرقهم تقدمت في النتيجة، وهذا الأمر ليس مقتصرا على لعبة الكرة الطائرة، ينسحب على بقية الألعاب الرياضية الجماعية منها والفردية، وهذا الاعتقاد ليس صحيحا البتة، وليس له مكان من الإعراب في المنافسات الرياضية، والتجارب الميدانية تؤكد ذلك، فكم فريق تقدم في النتيجة، وخرج خاسرا في نهاية المطاف لسبب ولآخر؟ وهذا ما حصل لدار كليب في المباراة، إذ قدمت عناصره أداء قويا مفعما بالروح والقتالية، مكنهم ذلك من التقدم في المباراة بشوطين نظيفين مستحقين، والأسئلة التي نتركها بدون إجابات، ما الذي حصل في الأشواط الثلاثة التالية؟ هل مشاركة النجم محمد عنان صفوف فريقه الأهلي كلاعب أساسي ابتداء من الشوط الثالث، وهو الذي فضل مدربه الكابتن منير قارة تركه بمعية البدلاء خلال الشوطين الأوليين، قد قلب الأوضاع رأسا على قلب؟ هل إحساس الأهلاوية بخطورة الموقف بعد تقدم دار كليب في النتيجة قد حرك فيه روح المسؤولية؟ هل تسربت الثقة إلى زملاء محمود حسن قائد دار كليب بعد تقدمهم في الأشواط؟ هل تبادرت إلى نفوس لاعبي دار كليب خاصة في الشوط الرابع الذي تقدموا فيه 17-14 و20-18 بأن الفوز في طريقه إلى فريقهم؟ هل الأخطاء التحكيمية التي أبدوا تحفظهم عليها كانت وراء حرمانهم من فوز محقق؟ نجومية جوني لا يختلف اثنان على نجومية محمد عنان لاعب مركز 2 في صفوف الأهلي، ولا يختلف من يختلف على أن عنان بات يشكل مصدرا للأمان لطائرة الأهلي، والفنيون لا يختلفون هم الآخرون على أن عنان صار يسبب متاعب وإزعاجا لحوائط صد أي فريق، وكان ابن الماحوز يحتاج لشوطين ونصف الشوطين لا غير ليسحب البساط من جميع اللاعبين،ليؤكد للجميع حقيقة نجوميته، إذ اضطر مدربه قارة - الذي تركه مع البدلاء لشوطين لسبب أو لآخر- إلى الزج به كلاعب أساس ابتداء من الشوط الثالث بدلا من زميله أمين محمد لينشط الهجوم ويفتح لمعده علي حبيب نافذة هجومية كانت مغلقة، ويقلب الأوضاع رأسا على عقب لفائدة فريقه، مما استحق على إثر ذلك جائزة أفضل لاعب في المباراة التي سلمها إياه عضو مجلس إدارة الاتحاد حبيب عبدالله. عودة روح العنيد قدمت عناصر العنيد مردودا طيبا، اتسم بالروح العالية، والقتالية في الأداء، والرغبة في الفوز حتى لو كان أمام الأهلي القوي، هذه الروح والقتالية التي أساسا من صميم شخصية لاعبيه التي تميزوا وانفردوا بها، غير أنهم افتقدوها في أكثر من مناسبة خلال منافسات هذا الموسم، مما كلفهم الكثير من الخسائر، وعودة الروح لمفاصل الفريق البنفسجي شيئ إيجابي بلا شك، رغم أن الاستعادة جاءت متأخرة، ولكن ذلك درس لابد من دفع ثمنه، وأخذ العبرة منه. وكادت هذه الروح أن تمنح عناصر الكابتن فؤاد عبد الواحد مدرب الفريق فوزا عريضا، على حساب فريق لازالت جماهيره منتشية بحصول فريقها على لقب الدوري للمرة الثالثة، غير أن الأمور في المنافسات الرياضية دائما ما تحسب بخواتيمها، وهذا درس آخر قد أشرنا إليه في السطور السابقة، فالعنيد في المباراة قد استعاد روحه على المستويين الجماعي والفردي، فعاد محمد يعقوب إلى ممارسة هوايته كجوكر للفريق متى ما احتاجه، وحدث ولا حرج عن اللاعب الأنيق علي إبراهيم الذي يقال بأنه خاض المباراة متحاملا على الإصابة، ومحمود عبد الواحد الذي أعادنا إلى مستواه الرفيع، وحوائط صد أيمن عيسى التي تفاعل معها أنصار الفريق المتواجدين، وحيوية ورادار الفريق علي خير الله، وسرعة محمد عباس. ناصر كما توقعناه أعطيت مساحة كبيرة لتحركات ناصر عنان لاعب مركز 4 في صفوف الأهلي، وهذا ما توقعناه في تقديمنا للمباراة، فقد ظهر كعادته متوهجا على مستوى الهجوم وحائط الصد، خاصة في الشوطين الأوليين اللذين خسرهما فريقه، وقد ضاعف من التعويل عليه من قبل المعد علي حبيب جلوس شقيقه محمد مع البدلاء، إضافة للأخطاء الكثيرة التي ارتكبها ألفيس قبل أن يعود لطبيعته في بقية الأشواط. ماذا عن الفيديو وقع في يدنا تسجيل للفيديو يتعلق باللعبة التي قامت عليها الدنيا، والمتمثلة في الضربة الهجومية الطائشة التي صوبها محمد يعقوب لاعب مركز4 في صفوف دار كليب خلال الشوط الرابع، وكان يريد لعبها بطريقة (التج آوت) وقد كشف التسجيل أن ألفيس لاعب مركز 4 في صفوف الأهلي قد لامس الشبكة أثناء تشكيله لحائط الصد والكرة حسب القانون لم تسقط بعد، وكانت اللعبة قريبة من الحكم الأول الدولي جعفر إبراهيم لأن يعقوب صوبها من مركز 2، ونعرف أن ملامسة الشبكة من مهمة الحكمين معا، ولكن رقعة المسؤولية الأكبر هنا تقع على عاتق الحكم الثاني الدولي علي عبد الحميد الذي من مهماته مراقبة الشبكة والتعدي، في الوقت الذي كان حكم المباراة الأول يتابع حركة الكرة حتى رمقها الأخير والتي صوبها يعقوب، وتكمن أهمية اللعبة هنا أنها حصلت في توقيت حرج من الشوط، ولو جاءت في بدايته، أو أن هناك فارقا في النتيجة لأحد الفريقين، لمرت اللعبة مرا كريما. ثلاثة تقارير كتب مشرف المباراة الدولي جعفر المعلم ثلاثة تقارير منفصلة عطفا على ما صاحب المباراة وما بعدها، وقد فضل المعلم الاحتفاظ بسرية التقارير المكتوية، وعدم الكشف عن فحواها، انتظارا لرفعها لرئيس لجنة الحكام راشد جابر الذي بدوره سيرفعها لمجلس إدارة الاتحاد للنظر فيها ودراستها، ومن ثم اتخاذ القرارات اللازمة.