ادعت دراسة جديدة أن طبيب الأطفال النمساوي، هانز آسبرجر، الذي حقق شهرة واسعة في دراسته الأولى المتعلقة بالاضطرابات النفسية، ساعد النازيين في قتل الأطفال المعوقين. ويبدو أن هذا الأمر يدمر سمعة الطبيب، بعد أن أصبح اسمه متداولا بين عدد هائل من الناس حول العالم، خاصة أولئك الذين يعانون من متلازمة "آسبرجر" (أحد اضطرابات طيف التوحد والتي سميت لاحقا باسمه). ولكن الخبراء حذروا من أهمية عدم شعور الناس "بالإحباط"، بسبب تاريخ الطبيب المكتشف حديثا، وفقا لصحيفة إنديبندنت البريطانية. وقالت كارول بوفي، مديرة مركز التوحد في الجمعية الوطنية للتوحد: "نتوقع أن تثير النتائج جدلا كبيرا بين 700 ألف شخص مصاب بالتوحد في بريطانيا وأفراد عائلاتهم. ويؤثر التوحد على الجميع بشكل مختلف، وغالبا ما يكون لدى الناس طريقتهم الخاصة في الحديث عن التوحد". وتتميز أعراض متلازمة "آسبرجر" بوجود قدرة ضعيفة على التفاعل اجتماعيا مع الآخرين، وتميل إلى التأثير على الأشخاص الذين يتمتعون بذكاء متوسط أو أعلى من المتوسط. واكتُشف المرض لأول مرة من قبل آسبرجر في عام 1944، الذي استخدم مصطلح "الاعتلال النفسي التوحدي" لوصف حالة 4 أطفال تحت رعايته. وفي عام 1981، قدمت الطبيبة النفسية البريطانية، لورنا وينغ، التي ساعدت في تأسيس الجمعية الوطنية للتوحد في بريطانيا، تشخيص "مرض آسبرجر" تكريما لسلفها. ولكن وفقا للأدلة الجديدة، فإن رائد أبحاث التوحد الذي يتمتع بسمعة معارضة قوية للأيديولوجية النازية، لديه ماض مظلم خفي. وتشير الوثائق التي كشفها مؤرخ طبي نمساوي إلى أن الأستاذ آسبرجر، شارك النظام النازي في برنامج القتل الرحيم. وقام هيرويغ شيك، من جامعة فيينا الطبية، بتقديم الادعاءات ضد الأستاذ آسبرجر، بعد أن درس وثائق لم يتم فحصها من قبل المعهد النازي، بما في ذلك ملفات الموظفين وسجلات المرضى. وقال شيك موضحا: "هذه النتائج حول هانز آسبرجر، تأتي نتيجة سنوات عديدة من البحث الدقيق في الملفات. وما تبين هو أن الطبيب النمساوي سعى بنجاح للانضمام للنظام النازي وتمت مكافأته بفرص وظيفية في المقابل. وهذا جزء من جهد واسع من قبل المؤرخين لفضح ما قام به الأطباء خلال التاريخ الألماني النازي". ونُشرت الادعاءات في مجلة Molecular Autism. وفسر محرروها سبب اتخاذهم قرارا بنشر الدراسة التي ستثبت حتما أنها مثيرة للجدل في مجتمع مكون من ملايين الأشخاص. وقال أحدهم، وهو خبير بريطاني بارز في مرض التوحد، البروفيسور سايمون بارون كوهين، من جامعة كامبريدج: "ندرك أن الدراسة ونشرها سيكونان موضع جدل. ونعتقد أنها تستحق النشر من أجل فضح حقيقة أن طبيبا كان يُنظر إليه، لفترة طويلة، على أنه قدم مساهمات قيمة في مجال طب الأطفال، كان مذنبا بتقديم المساعدة للنازيين في سياسات تحسين النسل والقتل الرحيم. ويجب الآن توفير هذه الأدلة التاريخية". وتزعم الدراسة أن آسبرجر أرسل أطفالا معوقين إلى عيادة Spiegelgrund، حيث قُتل نحو 789 طفلا يعاني كثير منهم من مشاكل عقلية حادة، وذلك باستخدام الحقن المميتة والغاز، كما مات آخرون نتيجة المرض والمجاعة أو تعرضوا لتجارب طبية قاسية. وتجدر الإشارة إلى أن برنامج القتل الرحيم المرعب "Aktion T4"، الذي أذن به أدولف هتلر شخصيا، أقر بإعدام المرضى والمعوقين. وتم إبادة ما يصل إلى 300 ألف ضحية، بمن فيهم الأطفال، في عيادات ألمانية ونمساوية وبولندية وكذلك في جمهورية التشيك، بين عامي 1939 و1945. المصدر: إنديبندنت ديمة حنا
مشاركة :