اليوم نختم حديثنا حول تقرير المقيم البريطاني في الخليج بيرسي كوكس، الذي كتبه بعد عدة لقاءات مع الشيخ مبارك الصباح عام 1906م. هذا التقرير المهم تضمن عدداً من الموضوعات، أشرنا إلى بعضها في المقالات الثلاثة الماضية، واليوم نشير إلى مواضيع أخرى لم نتطرق إليها مسبقاً. يقول كوكس في الصفحة الثانية من تقريره المكتوب باللغة الإنكليزية إنه استقبل الشيخ مبارك بتاريخ 7 مارس 1906 الساعة 4 عصراً، واستغرق اجتماعهما ساعة ونصف الساعة، أوضح الشيخ مبارك خلالها أنه تسلم رسالة ودية من بن رشيد حاكم حائل يطلب منه بناء جسر من الصداقة والسلام بينهما، وانه يعتقد أن بن رشيد مخلص وصادق في دعوته. وسأل كوكس عن كيفية المصالحة مع بن رشيد، فقال الشيخ مبارك إن ذلك يمكن أن يتم بتبادل الرسائل بين الطرفين، على أن يلتزم بن رشيد بحدود أراضيه، وأن يمتنع عن مهاجمة أبناء القبائل التابعين للكويت. وأفاد الشيخ مبارك المقيم البريطاني بأن حدود بن رشيد هي منطقة حايل وكافا ويتبعه بدو جبل شمر، أما الكويت فتتبعها عنيزة، وبريدة، وسدير، والوشم، ومن يسكن فيها من قبائل وعائلات. هذه كانت نظرة الشيخ مبارك لحدوده مع جيرانه، ولكنه لم يستطع في نهاية الأمر أن يحصل على ما يريد. بعد ذلك استعرض كوكس مع الشيخ مبارك عدة مواضيع أخرى ارتبطت بالتطورات في العلاقة مع ابن سعود في نجد، والسيد فيصل في مسقط، وبن ثاني في قطر، وآل خليفة في البحرين، وتبادلا الآراء حول مستقبل المنطقة، ومستقبل العلاقات مع جميع الأطراف. أما آخر المواضيع، التي نوقشت بين الطرفين، فقد كان موضوع العلم الكويتي الجديد، الذي كانت بريطانيا تسعى إلى إقناع الشيخ مبارك بقبوله واستخدامه. وأحضر كوكس معه نموذجاً من العلم المقترح الذي وافق عليه الشيخ مبارك مسبقاً، مع إضافة كلمة الكويت باللغة الإنكليزية إلى جانب اللغة العربية. وأكد في تقريره أن الشيخ مبارك في البداية تفحص العلم المقترح، ووافق على شكله وما كتب عليه، ووعد بأنه سيطلب من السفن الكويتية أن تستخدم العلم الجديد. أما فيما يتعلق بالبيانات المطلوبة عن كل سفينة، فقد اعترض الشيخ مبارك على كتابة اسم النوخذة في النموذج، لأن ذلك لن يقبل به أهالي الكويت. كما أوضح الشيخ مبارك أن المشاكل التي يتعرض لها من قبل السلطات العثمانية، خصوصاً ما يتعلق بأملاكه وأملاك أسرته في الفاو والبصرة، بسبب توطيد علاقته ببريطانيا والتقارب البريطاني الكويتي. وفي نهاية اللقاء أكد الشيخ مبارك أنه سيلتزم بالعلم الجديد، ولكنه يحتاج إلى تعهد مكتوب لحماية الكويت في حال تعرضها للهجوم من جراء استخدام العلم الجديد، بسبب إضافة اسم الكويت باللغة الإنكليزية. وتناول التقرير مواضيع أخرى ثانوية لا داعي إلى التطرق إليها في مقالاتنا، وإن شاء الله نتناول وثائق أخرى تاريخية جميلة في المقالات المقبلة.
مشاركة :