ما زال الغموض يلف حقيقة الوضع الصحي للمشير خليفة حفتر المتواجد في مستشفى بباريس، ويثير تكهنات مختلفة حول خلافته في قيادة "الجيش الوطني الليبي" الذي يلعب دورا هاما في جهود وضع حد للأزمة التي تجتاح البلاد منذ 2011. يؤكد أحمد المسماري الناطق باسم المشير خليفة حفتر بأنه متواجد في مستشفى باريسي "لإجراء فحوص عادية" وأنه سيعود إلى ليبيا قريبا "لمواصلة الحرب على الإرهاب". لكن أثارت التقارير المتضاربة في الفترة الأخيرة عن الحالة الصحية لحفتر تكهنات عديدة، لا سيما في وسائل الإعلام، عن الشخصيات المؤهلة لخلافة الشخصية القوية للقائد العام للجيش الوطني الليبي. ونفى مقربوه والمبعوث الأممي لليبيا خبر وفاته الذي أعلنته بعض وسائل الإعلام الليبية والأجنبية، وأججه غياب تصريحات أو صور للمشير، وحتى أن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أكد أن "صحته أفضل". لكن من سيخلفه في حال حصل ذلك؟ ومن هو خليفة حفتر؟من هو المشير حفتر؟ المشير خليفة حفتر (75 عاما) هو الشخصية المهيمنة في شرق ليبيا حيث يقود القوات المتحالفة مع حكومة طبرق والتي تسيطر على معظم المنطقة الغنية بالنفط. تقرير: من هو المشير خليفة حفتر؟ انضم إلى أكاديمية بنغازي العسكرية في سن العشرين. أصبح رفيق سلاح وفيّ لمعمر القذافي، ففي عام 1969 ساعده القذافي في الإطاحة بالملك إدريس الأول. عام 1986 شنت ليبيا حربا ضد تشاد سريعا ما تحولت العملية إلى كارثة عسكرية، تخلى فيها القذافي عن حفتر ليصبح بذلك من أهم خصومه. اضطر حفتر لمغادرة البلاد. استمر منفاه في الولايات المتحدة عشرين عاما حيث بقي مصمما على الانتقام. فعاد ليشارك في سقوط القذافي في 2011. في نفس السنة وعند تشكيل الجيش الوطني الليبي توافق نحو 150 ضابطا على تسميته رئيسا لأركان الجيش. في 16 أيار/مايو 2014 أعلن الفريق أول خليفة حفتر انطلاق عملية "الكرامة" التي تهدف إلى تحرير بنغازي من الجماعات المتطرفة. كما قاد حفتر في سبتمبر/أيلول 2016 عملية "البرق الخاطف" للسيطرة على منشآت النفط الرئيسية. تم ترقية حفتر من قبل برلمان طبرق في سبتمبر/أيلول 2016 ليكون الرجل الأقوى في شرق البلاد. ويتهم خصوم المشير حفتر بأنه يرغب في إقامة نظام عسكري في ليبيا. بالنسبة للمجتمع الدولي هو الدرع الواقي ضد تنظيم "الدولة الإسلامية"، كما أنه أعرب في فبراير/شباط 2017 عن استعداده للتحالف مع إدارة دونالد ترامب. بعد بضعة أشهر، تم تنظيم اجتماع بين أطراف النزاع الليبي تحت رعاية الحكومة الفرنسية. فميدانيا، البلاد مقسمة بين سلطتين، من جهة حكومة طبرق ومن جهة أخرى حكومة طرابلس المعترف بها دوليا، بقيادة رجل الأعمال فايز السراج. حفتر لم يعترف بحكومة السراج، "حكومة الوفاق الوطني" لكنهما اتفقا في 2017 على العمل سويا لإنهاء الأزمة التي تشهدها البلاد. من هي الشخصية المؤهلة لخلافة حفتر؟ أثار الوضع الصحي لحفتر في الأيام الأخيرة تساؤلات بشأن الشخصية المحتملة المؤهلة لخلافته، ويرجح مراقبون أنه لن يتم الكشف عن حقيقة حالته الصحية حتى يتم التوافق حول هذه الشخصية. فإذا اعتمد على الترتيب الهرمي لقيادة الجيش الوطني الليبي، يطرح اسم عبد الرزاق الناظوري وهو الرجل الثاني بعد المشير خليفة حفتر باعتباره رئيس أركان الجيش الوطني الليبي. ونجا الناظوري أمس الأربعاء من محاولة اغتيال بسيارة مفخخة في بنغازي. واتهم الناظوري "الخلايا الإرهابية" بالوقوف وراء محاولة اغتياله. لكن يرى مراقبون للشأن الليبي أن فرضية تسميته خلفا لحفتر ضئيلة جدا لأنه لا يحظى بدعم القبائل والعشائر الليبية باعتبارها سلطة حكم محلي. من جهة أخرى لفت طارق المجيرسي، الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في تصريح لصحيفة لوموند الفرنسية (بتاريخ 18 أبريل/نيسان 2018 ) إلى "أن خليفة حفتر أعد ابنيه خالد وصدام لخلافته، لكنهما لا يحظيان باحترام الجنود بسبب افتقارهما للخبرة القتالية والاتهامات التي توجه إليهما بمحاباة الأقارب". وذكرت صحيفة لوموند أيضا أن عضوا آخر من دائرة حفتر الضيقة، مؤهل للترشح لهذا المنصب وهو عون الفرجاني، رئيس الأمن العسكري، لكن انتماءه إلى نفس قبيلة حفتر (قبيلة الفرجاني)قد يؤجج غضب القبائل الأخرى التي تريد أن تمثل في أعلى هرم المؤسسة العسكرية. لكن أغلب المراقبين يعتقدون أن الجنرال عبد السلام الحاسي يمكن أن يكون مرشحا توافقيا جيدا، فهو قائد غرفة عمليات "الكرامة"، وفق تقييم المراقبين للوضع الليبي. في كل الأحوال فإن مسألة خلافة حفتر ستثير توترا داخل هيكل عسكري كان تماسكه في المقام الأول يعود إلى موقع حفتر وفق ما أشارت صحيفة لوموند في نفس العدد. وأشارت لوموند إلى أن انشقاقات بدأت تظهر مؤخرا داخل الجيش الوطني الليبي حيث بدأ عناصر من القوات الخاصة تمردا في شهر مارس/آذار 2018، احتجاجا على اعتقال أحد عناصرها وهو محمود الورفلي على خلفية اتهامه بارتكاب جرائم حرب من قبل المحكمة الجنائية الدولية. ولتهدئة التصعيد كان حفتر قد وافق على إطلاق سراح الورفلي. صبرا المنصر نشرت في : 19/04/2018
مشاركة :