سان فرانسيسكو (الولايات المتحدة) - تحتدم المنافسة على سوق البث التدفقي بين شركات الإنترنت الكبرى، وتقود السباق شركتي أمازون ونتفليكس، اللتين تستثمران مبالغ ضخمة للهيمنة على هذه السوق. وارتفع عدد المشتركين في خدمة “برايم” من “أمازون” إلى أكثر من 100 مليون، بحسب ما أعلنت المجموعة الأميركية التي توفّر لمشتركي هذه الفئة المميزة عمليات تسليم مجانية ونفاذا إلى خدمة البث التدفقي. وهي المرّة الأولى التي تنشر فيها “أمازون” رقم المشتركين في هذه الخدمة التي تشكّل أحد أبرز المحاور في نموذجها الاقتصادي. وقال جيف بيزوس مدير الشركة ومؤسسها في رسالة موجهة إلى أصحاب الأسهم نشرت الأربعاء على الموقع الإلكتروني لـ“أمازون”، “بعد 13 عاما على إطلاق خدمة برايم، تخطّى عدد المشتركين فيها من أنحاء العالم أجمع 100 مليون”. وأشار إلى أن “أمازون سلّمت سنة 2017 أكثر من خمسة مليارات منتج في إطار هذه الخدمة في العالم أجمع”. وتُمكّن خدمة أمازون برايم العملاء من الحصول على بعض لقطات الفيديو ومقاطع الموسيقى وكذلك بعض الكتب الإلكترونية مجانا، وكذلك توصيل بعض المنتجات من أمازون مجانا داخل الولايات المتحدة الأميركية. 8 مليارات دولار ستنفقها نتفليكس على المحتوى الأصلي والمرخص في عام 2018 وكانت المجموعة الأميركية التي تتخذ في سياتل مقرا لها قد أعلنت في يناير عن رفع تعريفة الاشتراك الشهري بخدمة “برايم” في الولايات المتحدة من 99.10 إلى 99.12 دولارا. وتبلغ كلفة الاشتراك السنوي 99 دولارا. وتحتل “أمازون” التي اشتهرت في مجال التوزيع على الإنترنت أيضا مرتبة الصدارة في مجال الحوسبة السحابية وهي تضمّ منصات للبث التدفقي وتسوّق خدمة المساعدة الصوتية “أليكسا”. وتوظّف الشركة نحو 560 ألف شخص في العالم وبلغ إجمالي أرباحها ثلاثة مليارات دولار سنة 2017، مقابل 178 مليارا لرقم الأعمال. لكن أمازون ليست الوحيدة التي تسجل نموا في خدمات البث، إذ تواجه هجوما شرسا من نتفليكس التي أعلنت عن خططها بزيادة استثماراتها على المحتوى في أوروبا لتصل إلى مليار دولار على إصداراتها الأصلية لهذا العام بحسب ما قالت صحيفة فاينينشال تايمز. ويقول خبراء اطلعوا على خطط الاستثمار، إن الميزانية المعدلة ستكون أكثر من ضعف ميزانية العام الماضي. حيث ستقوم الشركة بتوسيع عروض إصدارات اللغة الإنكليزية واللغات الأجنبية الأخرى، عن طريق إنتاج العديد من المسلسلات الجديدة في كل من إسبانيا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا وبولندا وتركيا وهولندا. وستضاعف هذه الزيادة الكبيرة، عدد إصدارات “نتفليكس” الأوروبية لهذا العام، كما ستكون لها تداعيات على شركات خدمات البث التقليدية الأخرى التي تكافح بالفعل من أجل جذب المشاهدين والاحتفاظ بهم في مواجهة المنافسة المتزايدة من “نتفليكس”. وقالت الشركة هذا الأسبوع إن العائدات الدولية ستتجاوز المبيعات داخل الولايات المتحدة للمرة الأولى خلال الثلاث أشهر الماضية. وتتوقع “نتفليكس” أن تنفق ما يصل إلى 8 مليارات دولار على المحتوى الأصلي والمرخص في عام 2018، وأنها ستنفق معظم هذا المبلغ داخل الولايات المتحدة. ولقد ساعد انتشار “نتفليكس” السريع بالفعل في إطلاق موجة من عمليات دمج الوسائط في الولايات المتحدة وأوروبا حيث ازداد عدد مزوّدي خدمات الكابلات والأقمار الصناعية من أجل جذب المشاهدين الذين تخلّوا الآن عن خدمات البث التقليدية. وتهدف شركة “آيه.تي.آند.تي” إلى محاكاة انتشار “نتفليكس” العالمي من خلال شرائها المقترح لشركة “تايم وارنر”، وهي صفقة تعوقها الحكومة الأميركية، بينما اعترف روبرت مردوخ مؤخرا بأن قراره ببيع أصول شركته “21 سينشري فوكس” إلى “والت ديزني” يرجع إلى عدم قدرته على التنافس مع “نتفليكس”. وقد سجلت أسهم “نتفليكس” ارتفاعات جديدة هذا الأسبوع بعد أن وصل عدد المشتركين على مدار الثلاثة أشهر الماضية إلى 125 مليون مشترك. من شأن زيادة الانتشار أن يزيد من قابلية ’نتفليكس’ للتوسع في السوق، مما يزيد من نمو الأعضاء ويوفر المزيد من الفرص كما ارتفعت قيمتها السوقية لتبلغ 144 مليار دولار، مما يجعلها تتخطى في مركزها شركات مثل “جنرال إلكتريك” وشركة “آي.بي.إم”، ولكن تتخلف بمقدار قليل فقط عن شركة “والت ديزني”. وقال تيد ساراندوس، كبير مسؤولي المحتوى في “نتفليكس” “نأمل في أن تتخطى أعمالنا الحدود”. وأضاف أن الشركة “ملتزمة بأن تكون صوتا للترفيه في القارة الأوروبية”. كما حاولت الشركة، وهي إحدى شركات مجموعة “فانغز” إحراز تقدم لإقناع الحكومات الأوروبية المتشككة، في حجم انتصارات “نتفليكس” على هيئات البث الحكومية، عن طريق الترويج للوظائف التي تخلقها من خلال عملها في أوروبا. وقالت الشركة إن الإنتاج الحالي في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا يولّد فرص عمل لأكثر من 35 ألف شخص. وقام المحللون بتحديث قائمة أسعارهم الخاصة بـ”نتفليكس”، والتي أكدت إنها تستهدف سوقا دولية تضم 700 مليون أسرة يتمتعون بتقنية الحزمة العريضة بمنازلهم. هذا الرقم يستثني الصين، وهي السوق الكبيرة الوحيدة التي لا تعمل فيها شبكة “نتفليكس”، ولكنها تشمل 300 مليون أسرة في أوروبا، والتي أصبحت سوقا ذات أهمية متزايدة حيث تحاول الشركة الحفاظ على معدل نموها السريع. وفي هذا الإطار، كتب المحللون لدى مؤسسة “مورغان ستانلي” هذا الأسبوع “من شأن زيادة الانتشار أن يزيد من قابلية ’نتفليكس’ للتوسع في السوق، مما يزيد من نمو الأعضاء ويوفر المزيد من الفرص”. ويأتي أكثر من 73 مليون مشترك في “نتفليكس” من خارج الولايات المتحدة. وقال جوناثان تومسون، الرئيس التنفيذي لشركة “ديجيتال يو كي”، التي تدير شبكة التلفزيون الأرضية المجانية في المملكة المتحدة “إن المزيد من الاستثمار في المنتجات الأوروبية يمثل إضافة مرحب بها لخدمة ’اختيار المحتوى المتاح’ للمشاهدين. ومع ذلك، لا يزال أمام ’نتفليكس’ طريقا طويلا للمضي قدماً ومحاكاة اتساع وعمق، والأهمية القومية التي تقدمها هيئات البث والإذاعة في المملكة المتحدة”.
مشاركة :