جاء في معجم البلدان لياقوت الحموي عن الاحواز: «الأهواز آخره (زاي) واصله هو زاو حوز، والاختلاف لدى العرب والفرس في أصل التسمية تأتي في هوزا وحوز ويدخل فيها حرف (الحاء) المقصد» (1). أما أصل التسمية فيشير احد الباحثين إلى أن كلمة الاحواز أو الأهواز (هوز) يقصد بها السكر، وكذلك أطلق الاسم على الأرض ثم حرفت إلى خوز، وكثيرًا ما يقال في النسبة إلى هذه الأرض هوزي أو خوزي قديما (2). والتسمية العامة هي عربستان كما أطلق عليها الفرس في العهد الصفوي، كما يطلق غير العرب على البلاد العربية هذا الاسم (عربستان) مثل ما كان يطلق العثمانيون على بلاد الشام (سوريا) نفس الاسم، وفيما يتعلق بالتسمية الحديثة نوعًا ما، خوزستان وهي تعني لدى الإيرانيين عدة معاني منها الطائفة أو الجماعة وأحيانًا يقصد بها الموقع أو المكان والبلاد (3). بالنسبة الى الموقع الجغرافي، فالأحواز تقع جنوب غرب قارة آسيا، وجنوب إيران وجنوب شرق العراق، تفصلها عن إيران سلاسل جبلية شاهقة هي جبال (بختيار) في الشرق وجبال (لورستان) في الشمال الشرقي، ويحدها من الشمال جبال زاجروس ومن الجنوب الخليج العربي، ومساحة الإقليم تقدر بحوالي (160.000) كم2، كما تشتهر الاحواز بأنهارها الكبيرة ومياهها الغزيرة التي جعلت من أرضها أخصب الأراضي الزراعية في المنطقة وأكثرها جودة في المزروعات وتنوعا في النباتات. واهم أنهارها هو الكارون والحويزة والجراحي والكرخة والهندجات والدز وقبان، كذلك في الإقليم مدن كبيرة وأخرى صغيرة واهمها مدينة (الأهواز) العاصمة ومن ثم عبادان والمحمرة وديسفول وتستر والفلاحية والحويزة وبندرشاهبور وغيرها مما بدأت تتكون في القرن الماضي (العشرين) (4). مرت الأحواز بادوار تاريخية، فمنذ أقدم العصور سيطر عليها العيلاميون والاكديون والبابليون والاشوريون والكلدانيون والحاذيون وملوك الطوائف والفرثيون والساسانيون، حيث بقي هذا الإقليم مسرحًا للحوادث الدامية حتى أيام الفتح العربي الإسلامي عام 17هـ (5). وأيام الفتح العربي الإسلامي، قدمت القبائل العربية عونًا للعرب المسلمين عند الفتح، كذلك اجمع المؤرخون تقريبًا-على ان الفتح العربي الإسلامي تم في سنة 17هـ لمدن (كور) الاحواز وبمساندة السكان العرب الموجودين هناك (6). كان فتح الاحواز سنة 17هـ-638م في زمن الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب(رضي الله عنه)، واستغرق فتح مدنها قرابة خمس سنوات، ومن يومها ألحقت الاحواز في البصرة إداريا وبقيت كذلك حتى نهاية العصر الأموي، أما في العصر العباسي فقد نالت الاحواز شهرة زراعية واسعة كانت جزءا من مميزات جعلتها تتعرض لهجمات المغول الذين اسقطوا الخلافة العباسية سنة 656هـ-1258م كما تعرضت الاحواز في القرون الأربعة الماضية لموجات من المد والجزر بين كل من الصفويين والعثمانيين، وقد رفضت الإمارة العربية التدخل في شؤونها الداخلية من قبل كلا الدولتين، وكما رفض أمراء الاحواز الولاء التام لأي من الدولتين باستثناء بعض الفترات التي كانت تحكمها اعتبارات سياسية ومذهبية وكذلك رفضوا تواجد القوات الأوروبية في منطقة الخليج العربي وإدارتهم (7). بعد الاحتلال العثماني للعراق ودخول سليمان القانوني بغداد عام 1534م أصبحت هذه الولاية تشمل جميع مناطق العراق الطبيعية حيث تخضع لسيادتها أراضي السوداء والجزيرة والبادية والحويزة والإحساء. ومع ان الأتراك شكلوا حكومات محلية في هذه المناطق، لكنها لم تكن بالقوة التي تستطيع بها ان تسيطر على الأوضاع العامة بصورة كاملة، فكانت الاحواز من اجل ذلك يتنازعها النفوذان الصفوي تارة والعثماني تارة أخرى. عندما أعقبت الدولة القاجارية الدولة الصفوية السابقة وظل النزاع قائمًا بين النفوذ الصفوي والعثماني ليس في الاحواز وحدها، وإنما في العراق، ولا سيما المنطقة الجنوبية منه بصورة خاصة، إلى ان تم إبرام اتفاقية ارض-روم في 31/5/1847 على اقتسام النفوذ بين الدولتين، فأصبحت منطقة كردستان من نصيب الدولة العثمانية كما أصبحت منطقة الاحواز من نصيب الدولة القاجارية. وقبل إبرام هذه الاتفاقية بوقت طويل وبعدها بزمن غير قصير كانت إمارة الاحواز تتمتع – أكثر من المناطق المجاورة- باستقلال ذاتي، وليس لواحدة من الدول القوية المجاورة أي سلطة عليها، وكان الحكم فيها منوطًا برؤساء القبائل العربية الكبيرة وفي مقدمتهم آل ناصر وآل محيسن وكلاهما من قبيلة كعب، وكانت الرئاسة العامة في الزمن الأخير لعائلة مراد التي انحدر منها الحاج جابر وأبناء الشيخ مزعل الذي انتهى استقلال الإمارة على يد أخيه خزعل، بعد مقتل الشيخ مزعل عام 1898. من الجدير بالذكر انه قبل حكم بني كعب لإمارة الاحواز، كانت تحكم من قبل إمارة المشعشعين التي تأسست في القرن الخامس عشر (1400م)، وظلت الإمارة قائمة طيلة قرون خمسة والتي اضمحلت في أخريات القرن التاسع عشر إذ تغلبت عليها إمارة آل كاسب من كعب حتى انتهى دور الأخيرة مع تأسيس الدولة الإيرانية الحديثة (8). } المراجع 1. ياقوت الحموي، معجم البلدان، ج1. ط1. مصر، 1957. ص131. 2. علي نعمه الحلو، الاحواز (عربستان)، ج1.ط1. بغداد، 1969. ص13. 3. عباس عساكره، القضية الاحوازية، رسالة لنيل الدراسات المعمقة في العلوم السياسية (منشورة)، مقدمة إلى كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة تونس، 2003-2004. ص75. 4. الجمهورية العراقية، وزارة الإعلام – مديرية الإعلام العامة، دراسة تاريخ عربستان والوضع الراهن في إيران، ط1. بغداد، 1971. ص15-16. 5. علي نعمة الحلو، الاحواز (عربستان) في أدوارها التاريخية، ج2. ط1. بغداد، ص13وما بعدها. 6. المرجع ذاته، ص50، حول انتشار العرب في مناطق الاحواز يمكن مراجعة: محمود شاكر، تاريخ الخليج العربي،ج2.ط5. الأردن، 20.ص85 وما بعدها. 7. علي نعمة الحلو، عربستان قطر عربي أصيل، ط1.بغداد، 1972. ص14-18. 8. وزارة الإعلام العراقية (سابقا) – مديرية الإعلام العامة، المرجع السابق، ص20-22.
مشاركة :