مشاكل تواجه السياسة الخارجية الأميركية اليوم

  • 4/21/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

خلال يوم من الهجوم الكيميائي الأخير في سورية أظهرت تغريدات الرئيس ترامب على «تويتر» رغبة في توجيه ضربة مع عدم وجود هدف واضح سوى معاقبة دمشق، لكن مسستشاريه حرصوا على إقناعه بأن ينتظر عدة أيام من أجل حشد ائتلاف دولي واختيار أهداف ملائمة لتوجيه الضربة. ربما كان إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب توجيه ضربة صاروخية من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا إلى سورية رداً على اتهام حكومتها باستخدام أسلحة كيميائية ربما كان مفاجأة بالنسبة إلى الأشخاص الذين سمعوا تصريحاته في حملاته خلال الانتخابات الرئاسية في سنة 2016، عندما وجه انتقادات متكررة الى التدخل «الغبي» في قضايا الشرق الأوسط. ولكن على الرغم من ذلك، ومنذ دخول الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض عمد إلى عكس مسار سياسته الخارجية بصورة واضحة، وقد تتشاطر بجلاء الافتراض القائل إن على الولايات المتحدة القيام بعمل من نوع ما لم يحدده رداً على العمليات الوحشية في سورية؛ مما يعني التوجه التام نحو اتخاذ عمل ما في ذلك البلد. وعلى أي حال فإن الرئيس الأميركي ومن سبقه من الرؤساء يشتركون في قاسم مشترك هو: أنه والرئيس السابق باراك أوباما دخلا البيت الأبيض بوعد بالقيام بما من شأنه إحداث تغيير في السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية، ولكن عندما واجها أزمات أذعنا الى ضغوط تدعو الى التدخل. ويعتبر هذا الميل نحو اتخاذ خطوة من نوع ما واحدة من أكبر المشاكل التي تتسم بها السياسة الخارجية الأميركية، وقد أفضى ذلك الى تدخل سيئ التفكير– وفي بعض الأحيان- إلى تداعيات كارثية في الأجل الطويل، وهي تأثيرات يحتمل أن تكون أكثر حدة في عهد الرئيس الحالي. فكرة اتخاذ عمل ما تعود فكرة الانحياز إلى القيام بعمل من نوع ما إلى الميدان التجاري– ولكن الدراسات النفسانية قد أظهرت ميلاً واسعاً نحو القيام بعمل ما لا العكس، وعلى سبيل المثال تبين للباحثين أن حارس المرمى في مباريات كرة القدم خلال مونديال كأس العالم كان يميل الى الانحراف خلال ضربة الجزاء على الرغم من أن فرصته ستكون أفضل لو أنه ظل في وسط المرمى. وتتسم السياسة الخارجية طبعاً بمخاطر تفوق في أهميتها الأعمال التجارية أو مباريات كرة القدم، ولكن المؤرخين وخبراء العلوم السياسية عمدوا أيضاً الى تطبيق هذه الفكرة من أجل توضيح القرارات التي يتخذها بعض القادة من أمثال جورج بوش الابن الذي عُزيت خياراته المتهورة والطائشة في رأي العلماء الى «نفاد الصبر إزاء التأجيل غير الضروري». ويعزز نظام صنع السياسة في الولايات المتحدة هذا الاتجاه، كما أن الضغط السياسي والانتقاد من جانب الخصوم يمكن أن يجعلا أشد القادة حذراً وحيطة عرضة للضغوط، وتسهم القوة العسكرية الغامرة للولايات المتحدة وانخفاض التكلفة المتعلقة بالضربات الجوية في تعزيز فكرة أن القيام بعمل أقل تكلفة من عدمه. وعلينا إلقاء نظرة على ردة الفعل إزاء قرارين أخيرين حول التدخل: في عام 2013 اختار الرئيس السابق باراك أوباما عدم الموافقة على توجيه ضربات عسكرية على سورية، وبدلاً من ذلك أجرى مفاوضات حول إزالة معظم ترسانة ذلك البلد من الأسلحة الكيميائية– وهي تسوية بعيدة عن الكمال– ولكنها خفضت خطر وقوع هجمات بأسلحة كيميائية على المدنيين لسنوات عديدة. وفي عام 2017– وعلى العكس من ذلك– اختار الرئيس ترامب السماح بضربات صاروخية ضد سورية رداً على هجوم آخر بالأسلحة الكيميائية من جانبها، وقد قلصت تلك الضربات مدارج الطائرات لكنها لم تسهم بقدر كبير في منع استمرار الضربات على المدنيين إضافة الى استمرار الحكومة السورية في استخدام الأسلحة الكيميائية. وفي حين كان للقرار الأول تأثيره الايجابي الأكبر على النزاع فإن الرئيس أوباما تعرض الى انتقاد واسع بسبب إحجامه عن القيام بعمل من نوع ما، وقد حظي الرئيس ترامب بثناء لموافقته على توجيه ضربات جوية غير مهمة وقال نقاد من أمثال فريد زكريا «أظن أن دونالد ترامب قد أصبح رئيساً للولايات المتحدة». التصرف بسرعة وتجدر الإشارة إلى أن التصرف بسرعة كبيرة يعني أنه ليس لدى صناع السياسة معلومات كاملة عندما يتخذون القرارات المهمة والرئيسة، وهو ما يمنعهم من دراسة نتائج قراراتهم بتمعن في الأجل الطويل، وفي السيناريو الأفضل، على غرار قرار الرئيس ترامب في عام 2017 توجيه ضربات جوية ضد أهداف سورية يكون الضرر الذي يلحق بتلك الأهداف قليلاً، وفي حالات أخرى قد يكون كارثيا ومدمراً، ويتبين هذا من خلال قرار الرئيس أوباما في عام 2011 بشأن التدخل في ليبيا. وكانت سرعة اتخاذ ذلك القرار استناداً الى معلومات استخباراتية محدودة وافتراضات غير مؤكدة عن حدوث مذبحة وشيكة قد ألزمت بشكل فعلي الولايات المتحدة بإطاحة معمر القذافي، وقد أفضى ذلك الى حدوث أزمة لاجئين في أوروبا وإلى حرب أهلية يعتقد الخبراء أنها قتلت من المدنيين أكثر مما يفترض أنها أنقذتهم. وفي حقيقة الأمر كانت نظرة الرئيس أوباما إزاء ليبيا– وكذلك العراق– في نهاية المطاف وراء قراره مقاومة الضغوط عليه من أجل توجيه ضربة ضد سورية في عام 2013، وقد تبين لأوباما يومذاك أن التدخل العسكري غير المدروس بعناية يمكن أن يكون أكثر تكلفة. لكن دونالد ترامب ليس مثل باراك أوباما، وإذا وجد أوباما تحديات في مقاومة التوجه نحو اتخاذ إجراء في ميدان السياسة الخارجية، يمكننا أن نتخيل مدى صعوبة ذلك بالنسبة الى رئيس ضعيف السيطرة على الأمور، ويركز فقط على الإشادة من وسائل الإعلام. وخلال يوم من الهجوم الكيميائي الأخير في سورية أظهرت تغريدات الرئيس ترامب على «تويتر» رغبة في توجيه ضربة مع عدم وجود هدف واضح سوى معاقبة دمشق، ويقال إن مسستشاريه حرصوا على إقناعه بأن ينتظر لعدة أيام من أجل حشد ائتلاف دولي واختيار أهداف ملائمة لتوجيه الضربة. جدير بالذكر أن مقاومة ضغوط واسعة «من أجل القيام بعمل ما» في حال أزمة تتطلب قائداً مصمماً ولكن الرئيس ترامب ليس ذلك القائد على أي حال. * إيما أشفورد

مشاركة :