أشار تقرير نشرته مجلة «فوربس» إلى أن القطاع العام في دول الخليج يعتبر المهيمن على الإنفاق الصحي، إذ تستأثر الحكومات بنحو 65 إلى 84 في المئة من الإنفاق، وذلك وفقاً لخبراء من قبل «إرنست أند يونغ»، مبيناً ان هذا الرقم أعلى بكثير من بعض الاقتصادات المتقدمة مثل الولايات المتحدة حيث تبلغ 47 في المئة أو سنغافورة التي تصل فيها إلى 41 في المئة.وأفاد التقرير بأن قطاع الرعاية الصحية غالباً ما يكون واحداً من أكبر العناصر الموجودة ضمن مخصصات الميزانيات الحكومية، حيث يتم ضخ مبالغ ضخمة في المستشفيات لتحسين تقديم الخدمات، وعلى سبيل المثال، فإن المملكة العربية السعودية خصصت 39.2 مليار دولار للتنمية الصحية والاجتماعية هذا العام، وهو ثالث أكبر جزء من ميزانيتها بعد حصة الدفاع والتعليم.وأوضح أن المشهد يتغير ويتوقع أن تنخفض حصة الحكومات الخليجية من إجمالي الإنفاق على الرعاية الصحية في السنوات المقبلة، لافتاً إلى أن مشاريع المستشفيات تشكل جزءاً كبيراً من برنامج الإنفاق الرأسمالي في المنطقة، حيث يوجد حالياً ما يقارب 682 مشروعاً نشطاً للرعاية الصحية بقيمة إجمالية تبلغ 57 مليار دولار طبقاً لبيانات نشرتها شبكة «BNC» في فبراير الماضي، ويشمل ذلك 433 مشروعاً لبناء مستشفيات بقيمة إجمالية 48 مليار دولار.ونوه إلى بداية انتقال جوهري في الدور الذي تلعبه الحكومات في مجال الرعاية الصحية، لتتحول من كونها المزود والمنظم للخدمات إلى وضع تركز فيه فقط على الجانب التنظيمي، وهو ما يلاحظ بشكل أكثر وضوحاً في الإمارات التي تتخذ موقع الريادة من بين مختلف الدول الأخرى.وأوضح الرئيس التنفيذي لشبكة «BNC» أفين جيدواني، أن قيمة العقود في هذا القطاع بلغت 65 مليار دولار في 2016، فيما تراجعت خلال 2017 إلى 35 ملياراً، متوقعاً أن يستمر هذا التراجع على الأقل خلال النصف الأول من هذا العام، مرجحاً في الوقت عينه أن تنتعش العقود مجدداً بعد ذلك، لاسيما وأن هناك عدداً كبيراً من المشاريع ضمن مراحل التصميم، وفي طور التخطيط لا تزال معلقة.وأفاد التقرير بأنه في حال تسارعت وتيرة السوق، فإن نسبة متزايدة من الإنفاق من الممكن أن تأتي من قبل القطاع الخاص، وليس من الخزانة العامة، لافتاً إلى أن هناك عدداً قليلاً من الأسباب الجيدة لذلك، من بينها مسألة الإنفاق المحلي على الرعاية الصحية والعادة الدائمة لإرسال المرضى إلى الخارج للحصول على علاج متخصص والذي غالباً ما يكون مكلفاً، وفي كلتا الحالتين فإن التخفيضات ستفتح المجال للقطاع الخاص لسد هذا الفراغ.ووفقاً للتقرير، فإن الشركات الخاصة تجد أن السوق فرصة جذابة لعدة أسباب، بما في ذلك الطلب المتزايد على الخدمات، علاوة على طبيعة التركيبة السكانية التي تتميز في ارتفاع متوسط العمر بشكل مطرد، بالإضافة إلى وجود بعض الأمراض السائدة المرتبطة بنمط الحياة السيئ، مثل السكري وارتفاع ضغط الدم، والسمنة التي تصيب الصغار والكبار على حد سواء.من جانبه، أشار العضو المنتدب الأول في شركة «إن بي كي كابيتال بارتنرز» ياسر مصطفى، إلى أنه عندما ننظر إلى مستوى العرض في قطاع الرعاية الصحية، نرى أنه لا تزال هناك فجوة بالمقارنة مع المناطق الجغرافية الأخرى، والأهم من ذلك، أن الجودة لا يتم تسليمها في هيكل التكلفة المناسب بطريقة فعالة.ورأى مصطفى أن الدافع الرئيسي للحكومات هو إيجاد طريقة لتوفير خدمات أكثر كفاءة وفاعلية من حيث التكلفة، مع السعي لتطوير مستشفيات ومرافق أخرى جديدة من خلال نماذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص، لافتاً إلى أن الإمارات تتخذ مركز الصدارة في قيادة التنمية في هذا القطاع، في حين أن الكويت هي الأبطأ.وأفاد بأن هناك ثغرات محتملة أخرى قد تواجه القطاع الخاص في الاستثمار في القطاع الصحي، منها أنه ليس كل أنواع الرعاية الصحية مربحة، وستكون بعض المناطق حتماً أقل اهتماماً بشركات تعظيم الأرباح.
مشاركة :