أشكر الأخ العزيز اللواء الدكتور مبارك نجم قائد الفرقة الموسيقية للشرطة ورئيس مجلس إدارة معهد البحرين للموسيقى على إهدائي ألبوما قيما بعنوان «ألحان بحرينية أوركسترالية» قام بإعداه واختار أغاني بحرينية أصيلة بعد إعادة توزيع ألحانها المعروفة وعزفها بطريقة أوركسترالية جميلة وتقنية جديدة وأعاد توزيع الأداء الموسيقي باستخدام آلات موسيقية مختلفة عن الآلات الموسيقية المحلية المتعارف عليها مستعينا بفرقة موسيقية محترفة، ما أسهم في إخراج ألبوم موسيقي هادئ ومختلف، وهو ما يجعل المستمع محلقا في أجواء من الاسترخاء والسعادة والمتعة. استمعت إلى الألبوم الموسيقي مرات عديدة، ما جعلني أستعيد فترات ماضية جميلة، لكنها غنية بذكريات لأحداث اجتماعية ووقائع مهمة ومعلومات مشوقة عن الغناء والتراث الموسيقى البحرينية التي عاصرتها أو سمعت عنها، والتي لها مكان مهم في قلب كل من عاصرها واستمع لها في تلك الفترة، ولكنها مازالت باقية في وجداننا لأنها تثير فينا الانتماء إلى الوطن والاحساس بالفخر بتراثنا الموسيقي الأصيل. قمت بالاتصال هاتفيا بالفنان وشكرته على إهدائي هذا الألبوم القيم، وأبديت إعجابي بهذا العمل المبتكر والمشرف لمملكة البحرين، وخاصة أن بهذا العمل الفريد سوف يسهم في نقل الأغنية والموسيقى البحرينية إلى العالمية، وقام الفنان مشكورا باعطائي نبذة سريعة عن فكرة إعداد هذا الألبوم الذي احتوى على خمس أغانٍ عاطفية وخمس أغانٍ وطنية، وتعتبر من أجمل الأغاني البحرينية المفضلة لدى الجمهور البحريني والخليجي. وقد استطاع الفنان بخبرته المشهودة أن يمزج موسيقى الأغاني البحرينية العاطفية والوطنية من خلال إعادة توزيعها وتقديمها في قوالب أوركسترالية جديدة، وهذه الأغاني والمعزوفات تسهم في بث قيم المواطنة والوحدة الوطنية وتقوية النسيج الاجتماعي في مملكة البحرين وهي: «تو النهار» وهي من ألحان وغناء الفنان أحمد الجميري وكلمات الأمير السعودي الشاعر محمد العبدالله الفيصل، «كوكو» وقد اقتبسها الفنان محمد زويد وأعاد غناءها بطريقته الخاصة، «تبين عيني» غناء الفنان إبراهيم حبيب وكلمات الشاعر الكويتي بدر بروسلي وألحان الدكتور عبدالرب ادريس، «جروح» ألحان وغناء الفنان خالد الشيخ ومن كلمات الشاعر علي الشرقاوي، «عنّوا على البال» ألحان وغناء الفنان محمد علي عبدالله وكلمات الشاعر البحريني الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة، «مثايل» غناء راشد الماجد وأحمد الهرمي وراشد حنظل وكلمات سمو الشيخ ناصر بن حمد بن عيسى آل خليفة وألحان أحمد الهرمي، «في العالي» غناء: خالد الشيخ، حسام احمد، باسل احمد، محمد عبدالرحيم، خالد فارس، خميس زويد وكلمات الشاعر علي الشرقاوي وألحان خالد الشيخ، «كم سنة» ألحان وغناء الفنان محمد علي عبدالله وكلمات الشاعر سليمان المضف، «يا الزينة» ألحان وغناء الفنان أحمد الجميرى وكلمات الشاعر الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة، «نعم.. نعم» غناء وتلحين الفنان خالد الشيخ وكلمات الشاعر علي الشرقاوي، وقد أخبرني الفنان بأن الفكرة جاءت من السيد ماهر المسلم الرئيس التنفيذي السابق لناقلتنا الوطنية «طيران الخليج» باقتراحه إعداد ألحان موسيقية بحرينية لبثها على متن جميع رحلاتها لتكون بمثابة هوية للناقلة الوطنية، ووسيلة لتعرف مختلف مسافريها بالتراث الفني والموسيقي لمملكة البحرين، كما أعلمني الفنان أن هذا العمل يعتبر تحديا؛ لأنه عمل ضخم وليس من السهل القيام به لعدم وجود تجارب سابقة، فكان الاختيار صعبا بان يخرج هذا العمل باستخدام أدوات بسيطة وعادية كما هو متعارف عليه لموسيقى الأغاني الوطنية أو اخراجها كموسيقى أوركسترالية ودمج الآلات الموسيقية وهذا ما تم تنفيذه من خلال أوركسترا بلغاريا السمفونية وتسجيل العمل في راديو بلغاريا. واستهلك العمل قدرا كبيرا من الجهد والوقت ليخرج بصورة احترافية متقنة لتنفيذ عمل أوركسترالي مختلف لتكون الموسيقى المخرجة تليق بمملكة البحرين، ويمكن تقديمها محليا وإقليميا وعالميا. الفنان مبارك نجم غني عن التعريف من خلال أخلاقه الحميدة وأعماله المعروفة والمبتكرة وإلمامه بالفنون والأغاني والموسيقى، حيث قام بإعداد وتلحين العديد من المارشات العسكرية والأوبريتات الوطنية وشارك في العديد من المهرجانات الموسيقية العالمية واستطاعت الفرقة الموسيقية للشرطة بمملكة البحرين أن تحوز كثيرا من الاستحسانات والتقدير والجوائز، كما أسهم الفنان بشكل كبير في احياء الأغاني البحرينية التي تعود إلى زمن الماضي الجميل وتقديمها بصورة أجمل من الصورة القديمة بعد إعادة توزيع موسيقاها بمشاركة أهم الفرق الأوركسترالية العالمية المحترفة. ولد الفنان مبارك نجم بمدينة المحرق في عام 1957 ودرس الموسيقى في المرحلة الاعدادية بالمدرسة وبعد تخرجه في مدرسة الهداية الخليفية عام 1973 حصل على منحة دراسية في مصر لدراسة الموسيقى في معهد الكونسرفتوار وتخرج فيه عام 1981 بدرجة امتياز، وأثناء دراسته في مصر شارك في الغناء والألحان في عدة مناسبات أقامها نادي طلبة البحرين في القاهرة، وبعد تخرجه انضم إلى العمل في وزارة الداخلية قسم الفرقة الموسيقية ليصبح بعدها أحد قادة الفرقة الموسيقية للشرطة. وقد التحق بالعديد من الدورات الخاصة بالموسيقى العسكرية خارج مملكة البحرين. وفي عام 1983 بعثته وزارة الداخلية إلى بريطانيا لدراسة فن القيادة، ونال التكريمات والشهادات العديدة، منها: قائد موسيقي خلال عامي 1988 و1991، وذهب في بعثة دراسية إلى بريطانيا وحصل خلالها على شهادة دبلوما من الكلية الملكية للموسيقى من نفس المدرسة، وكان أول أجنبي يحصل على هذه الشهادة، كما حصل على درجة الدكتوراه بمرتبة الشرف الأولى في الموسيقى من اكاديمية الفنون بالقاهرة، وهو رئيس معهد البحرين للموسيقى وقد أسهم في تأسيسه، كما ترأس المعهد الهندي للفنون الأدائية والذي أسهم كذلك في تأسيسه، وشغل عضوية الجمعية البريطانية للموسيقى السيمفونية وموسيقى آلات النفخ، وشغل أيضا عضوية الجمعية العالمية للموسيقى السيمفونية وموسيقى آلات النفخ وممثلها الرسمي في منطقة الخليج العربي. أتوجه بالتقدير والشكر إلى الفنان مبارك نجم وإلى السيد ماهر المسلم وشركة طيران الخليج وكل من أسهم في إخراج وتنفيذ هذا العمل الفني المميز والمبتكر، متمنيا أن يحوز رضاء المستمعين والمحبين للفنان مبارك نجم والتراث البحريني، وخاصة ان هذا العمل أسهم في نقل الأغنية والموسيقى البحرينية إلى العالمية، وقد اثنى الكثيرون على هذا الجهد المميز، وكان لهذا الألبوم صدى واسع لدى المستمعين وشركة طيران الخليج ومسافريها، واسهم في الحفاظ على التراث الغنائي لمملكة البحرين، حيث قال الفنان: إن هذا العمل يعد من أهم المبادرات الساعية لحفظ الإرث الموسيقي البحريني وأن عملية اختيار الأغاني المعاد انتاجها تم على أساس تاريخي لتسليط الضوء على مراحل تطور الأغنية البحرينية والتوقف عند أهم فنانيها وابرازهم إلى جانب كونه علامة بارزة على تعزيز الهوية الوطنية وتسليط الضوء على النتاج الغنائي الذي أنتجه جيل بعد آخر. يحدوني الأمل في أن يستمتع القارئ الكريم والباحثون والمهتمون بالموسيقى العربية بالاستماع إلى هذا الألبوم الممتع الذي حفظ إرثنا الموسيقي الخالد. وهناك الكثير من الأحداث الشيقة لهذا العمل القيم التي لا يتسع هذا المقال لذكرها.
مشاركة :