ارتفعت حدة الحرب الداخلية الإيرانية الدائرة بين أجنحة النظام، مع اقتراب انتهاء مهلة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتعديل الاتفاق النووي، والتي تحولت إلى مفصل سياسي داخلي بين الرئيس حسن روحاني، الذي توصلت إدارته للاتفاق، والحرس الثوري المعارض للاتفاق، والذي يعتبر أن روحاني ذهب بعيداً في انتقاده. في مؤشر على ارتفاع حدة المواجهة بين أجنحة النظام الإيراني، انتقد الرئيس حسن روحاني المحسوب على التيار المعتدل، أمس، ما وصفه بـ«ترويع المسؤولين» من جانب جهات إشرافية لم يسمها. وأضاف روحاني أن تعرض المسؤولين الحكوميين للتهديد يجعلهم يتقاعسون ولا يردون بشكل فاعل على احتجاجات شعبية متزايدة. وأوضح: «عندما يذهب أحد المسؤولين إلى العمل في الصباح، يرسل إليه أحدهم رسالة نصية، ويتصل به آخر ويهدده. لا يمكن إدارة الدولة بهذا الشكل». ورأى روحاني أن المسؤولين لا يتحركون، ويبدو أنهم «نذروا الصمت»، بعد أن توسعت الاضطرابات وتوسعت الشعارات المعادية للنظام، وتضمنت عبارات مثل: «عدونا هنا، وخطأ القول إن أميركا هي عدونا». ومع أنه لم يسم تلك الجهات، فإن الرئيس طالما تواجه مع «الحرس الثوري» القوي والقضاء الذي يهيمن عليه المحافظون، لدورهما الكبير في السياسة والاقتصاد. وشملت الاضطرابات احتجاجات لمزارعين على نقص المياه في اصفهان، واحتجاجات لسكان من العرب على التمييز في معاملتهم في محافظة خوزستان، بالإضافة إلى أحداث كازرون. من جانب آخر، حاول روحاني الحفاظ على لغة مقبولة من الجميع في الرد على مهلة ترامب، مؤكدا أن بلاده «مستعدة تماما. بتصرفات يتوقعونها وأخرى لا يتوقعونها» في وقت هدد وزير خارجيته محمد جواد ظريف، في مقابلات على شبكات تلفزيونية أميركية، بالعودة الى الانشطة النووية حال إلغاء الاتفاق. عرقلة «الجمعة» وفي تطور هو الأول من نوعه منذ قيام النظام الإيراني الحالي، تصاعدت حدة الاحتجاجات الشعبية في مدينة كازرون وتسببت في إلغاء شعائر صلاة الجمعة. واحتشد أهالي المدينة بالتزامن مع وقت صلاة الجمعة، وبمجرد أن حاول مندوب المرشد الأعلى وإمام جمعة المدينة البدء بإلقاء خطبة الجمعة تعالت الاحتجاجات بالشعارات والتصفيق والتصفير، مما أجبر الإمام على الصمت قبل إلغاء الشعائر بشكل كامل. وأكدت مصادر تابعة لـ«الحرس الثوري» في المدينة أن المحافظ، ونائب مدينة كازرون في مجلس الشورى العضو في لائحة «أوميد» الموالية لروحاني، طلبا من الشرطة نشر قوات مكافحة الشغب وإنهاء الاحتجاجات، وهو ما استجابت له الأجهزة الأمنية، لكن «الحرس» و«الباسيج» رفضا نشر قواتهم في المدينة، وتعللا بأن الاحتجاجات جاءت رفضا لقرار حكومي بتقسيم المدينة إداريا إلى قسمين، وطالبا أجهزة الحكومة بتحمل المسؤولية وعدم إلقاء عبء مواجهة أي معارضة جماهيرية في وجه «الحرس». وأضاف المصدر أن المحافظ والنائب كانا يتابعان موضوع تقسيم المدينة إداريا منذ سنتين، ورغم معارضة الأهالي فإنهما اصرا على التقسيم، وهو ما فجر الاحتجاجات التي بدأت منذ أكثر من شهرين، لافتاً إلى أن «الحرس» نصح الحكومة بضرورة وقف تنفيذ القرار لكنها سخرت من الدعوات. ومع رفض الحرس التدخل في قمع الاحتجاجات نزلت أعداد أكبر من المحتجين إلى الشوارع، أمس. فتنة داخلية وفي رد غير مباشر على إشادة روحاني بالجيش وانتقاداته الضمنية لـ«الحرس الثوري»، خلال عيد الجيش، اعتبر القائد العام للجيش العميد الركن عبدالرحيم موسوي أن الاتهامات التي توجه للحرس كانت وما زالت مستمرة منذ بداية الثورة. وقال موسوي إن «الحرس الثوري والجيش هما جناحا النظام، ويتبعان المرشد الأعلى، ولا يوجد بينهما أي منافسة»، مضيفا أن «الجيش يرفض أي محاولة لوضعه بمواجهة الحرس أو مقارنته به». ورأى المسؤول الرفيع أن أي «حديث يمس حرمة الحرس من أي شخص يمثل فتنة تهدد وحدة البلاد واستقرارها، وسيقف الجيش والحرس جنبا إلى جنب ضدها». هجوم إصلاحي وفي ضربة أخرى لروحاني، أكد أحد مستشاري الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي أن روحاني دعا زعماء الإصلاحيين إلى منزله الخاص، الخميس الماضي، ليطلب دعمهم له لحل المشاكل السياسية في البلاد. وأكد المصدر أن خاتمي، وعلي أكبر ناطق نوري، ومحسن هاشمي، ونائب رئيس الجمهورية إسحاق جهانغيري، وعدد آخر من الشخصيات الإصلاحية حضروا اللقاء الذي اعتذر عنه حسن الخميني حفيد الإمام الخميني. وأضاف أن خاتمي أسمع روحاني كلاما لاذعا جداً، وذكّره بوعوده التي لم يتحقق منها شيء وبينها اطلاق زعماء «الحركة الخضراء». كما وجه الزعيم الروحي للاصلاحيين انتقادات لروحاني بسبب «تهميشه لنائبه جهانغيري»، الذي يعتبر مندوب الإصلاحيين في الحكومة. وهدد الاصلاحيون بالخروج من الحكومة إذا ما استمر تهميشهم، كي لا يعتبروا شركاء في فشل إدارة البلاد.
مشاركة :