طهران - وكالات - وجه الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمس، انتقادات لاذعة إلى «الحرس الثوري»، من دون تسميته، متهماً إياه ضمناً بمنع المسؤولين من التحرك بشكل فاعل للرد على الاحتجاجات الشعبية المتزايدة، عبر تهديدهم وتخويفهم، وحذر من أن «الثورة الإسلامية» سيُحكم عليها بنهاية الأمر من سلوك النظام تجاه شعبه.وانتشرت في الأسابيع القليلة الماضية على مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلات وتقارير عن احتجاجات كان من الصعب التأكد منها نظراً لأن وسائل الاعلام المحلية بالكاد قامت بتغطيتها، فيما الوصول إلى مناطق الاحتجاجات غير مسموح للصحافيين الأجانب.وشملت تلك التحركات احتجاجات لمزارعين على نقص المياه في أصفهان، واحتجاجات لسكان من العرب على التمييز في معاملتهم في محافظة خوزستان جنوب إيران، واحتجاجات على إصلاحات إدارية في مدينة كازرون بجنوب غربي البلاد.وتظهر تلك التسجيلات على ما يبدو احتجاجات محلية تتوسع في شعاراتها ضد المؤسسة الإسلامية في البلاد وتطلق مثلاً شعار «عدونا هنا، وخطأ القول ان أميركا هي عدونا».وقال روحاني في خطاب نقله التلفزيون الحكومي ان المسؤولين لا يتحركون ويبدو أنهم «نذروا الصمت».وأضاف أمام مسؤولين كبار في طهران «بما أن الناس ليس لديهم معلومات كافية... وبما أن الناس لا يرون خططاً للمستقبل، قد يشعرون بالاستياء والغضب وينزلون إلى الشارع ويصرخون. (لكننا) قلما نخاطب الشعب. المسؤولون في حكومتنا نذروا الصمت. لا أعلم من الذي طلب منهم ذلك. لا أعلم ما الذي يخافون منه».واعتبر روحاني أن احدى المشكلات الكبيرة هي أن المسؤولين يتعرضون للترهيب من جانب «هيئات إشراف». ومع أنه لم يسمِّ تلك الجهات، فإن الرئيس طالما تواجه مع «الحرس الثوري» القوي والقضاء الذي يهيمن عليه المحافظون، لدورهما الكبير في السياسة والاقتصاد.وقال «عندما يذهب (أحد المسؤولين) إلى العمل في الصباح، يرسل إليه أحدهم رسالة نصية، ويتصل به آخر ويهدده... لا يمكن إدارة الدولة بهذا الشكل».وكان رئيس بلدية طهران الاصلاحي محمد علي نجفي ونائب رئيس هيئة حماية البيئة كاوه مدني استقالا الشهر الماضي عقب ضغوط من متشددين، علماً أن نجفي قال إنه استقال لأسباب صحية.وقال روحاني ايضا «لا تكترثوا لبعض الرسائل والتهديدات. إذا كنتم تخافون الرد عليها أرسلوها إلي».كما انتقد الرئيس الايراني أيضاً بشكل ضمني الشرطة الدينية بعد انتشار تسجيل فيديو يظهر مواجهة عنيفة مع امرأة متهمة بانتهاك قواعد اللباس المحتشم في البلاد.وقال «البعض يقولون إن الوسيلة لنشر الفضيلة ومنع الرذيلة... هي بالنزول إلى الشارع والامساك بالناس من اعناقهم»، مشدداً على أن «نشر الفضيلة لن ينجح عن طريق العنف».وانتشر تسجيل بهواتف ذكية الخميس الماضي على وسائل التواصل الاجتماعي الإيرانية يظهر شرطية من الشرطة الدينية وهي تنهال بالضرب على امرأة لم يكن حجابها يغطي شعرها بما يكفي.وأثار التسجيل غضباً على مواقع التواصل الاجتماعي ووعدت وزارة الداخلية بإجراء تحقيق، لكنها ألمحت أيضا إلى أن المرأة ربما أثارت الاستفزاز بعد توجيهها شتائم للشرطة.ولم يشر روحاني مباشرة إلى الواقعة لكنه استخدمها على ما يبدو لانتقاد محاولات للتضييق على شبكات التواصل الاجتماعي.وقال «إن الهواتف النقالة طريقة لنشر الفضيلة ومنع الرذيلة. لا أعرف لماذا لا يحب بعض الاشخاص الهواتف النقالة أو شبكات التواصل الاجتماعي».وأضاف «هم لا يحبون أن يكون الناس مطلعين. يعتقدون أنه إذا كان الناس في جهل تام يمكنهم أن يناموا بشكل أفضل... إن الاطلاع على المعلومات حق للناس... الانتقاد حق للناس... دعوا الناس يعيشون حياتهم».ووصل الأمر بروحاني إلى التحذير من أن الثورة الإسلامية التي انتصرت على حكم الشاه في العام 1979 سيُحكم عليها بنهاية الأمر من سلوك النظام تجاه شعبه.وقال «إذا ساء سلوكنا تكون هذه الثورة في مسار خطأ. إن الهدف الأساسي للثورة هو احترام الشعب وحل مشكلاتهم»، مضيفاً «مهما أردنا القيام به، إذا أقنعنا الناس بدلا من تهديدهم... سننجح».في سياق متصل (العربية نت)، جدد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد انتقاداته للمرشد الأعلى علي خامنئي، قائلاً إن لديه فرصة أخيرة للبدء بعملية إصلاح حقيقية في البلاد، قبل أن يجرف السيل القادم النظام برمته، في إشارة إلى تصاعد الغضب الشعبي.وطالب أحمدي نجاد في مقابلة مع مجلة «بهار جاودانه» (الربيع الخالد)، نشرتها أول من أمس، المرشد الإيراني بالشفافية وشرح طبيعة عمله والمسؤولين الآخرين للشعب وإقناعهم بالأدوار التي يلعبونها.وذكر بأنه قدّم جملة من المقترحات لخامنئي من أجل إصلاح أوضاع البلاد، وأن هذه هي «الفرصة الأخيرة لإنقاذ البلاد»، حسب تعبيره.ونفى نجاد الاتهامات التي وجهت إليه بشأن سعيه لإزاحة المرشد، مشيراً إلى أن معارضيه يوجهون «الاتهامات الجوفاء» له بقصد «قمعه وإسكاته».وحذر الرئيس السابق من عودة الاحتجاجات الشعبية، قائلاً «إنني أحذر من أن السيل الجارف آتٍ وعندها لن ينفع الندم».
مشاركة :