كامبالا - تقع جبال القمر الأسطورية في منتصف القسم الشرقي من قارة أفريقيا وتمتد بين بحيرة ألبرت وبحيرة إدوارد على الحدود بين أوغندا والكونغو الديمقراطية، وتعتبر هذه الجبال، التي تعرف أيضا باسم جبال رونزوري، أعلى جبال غير بركانية في القارة السمراء، ويمكن للسياح الاستمتاع بجولة وسط المناظر الطبيعية الخلابة، والتي تمر عبر الضباب والرطوبة والوحل، إلا أن روعة هذه المناظر الطبيعية تُنسي السياح مشقة الرحلة. وعندما ينقشع الضباب عن سلسلة جبال القمر التي يبلغ طولها 120 كم وعرضها 65 كم، يشاهد السياح نسخة بدائية من هذا العالم؛ حيث يصل ارتفاع نباتات اللوبيليا إلى أربعة أمتار، وتظهر الحبال معلقة على فروع الأشجار، ولا يخلو المشهد من ظهور المستنقعات والأراضي الرطبة والأغصان الخضراء المتشابكة، التي تبدو غير قابلة للاختراق تقريبا. قمة مارغريتا سحر التسلق سحر التسلق يصل ارتفاع أعلى قمة جبلية في سلسلة جبال رونزوري المتكونة من ست قمم مغطاة بالثلوج إلى أكثر من 5 آلاف متر، وتغطيها الثلوج، وهي قمة مارغريتا. ويعود اسم جبال القمر إلى السكندري بطليموس، الذي كان أول من استخدم هذا الاسم الجغرافي في خارطته، وتحدث عن الجبال المغطاة بالثلوج في أفريقيا خلال عام 150 ميلادية، وخلال الجولة يمر السياح بمسارات موحلة في الوديان الضيقة، ولا يمكن التجول هنا دون ارتداء أحذية مطاطية، وفي المساء يتم المبيت في الخيام أو في أكواخ قاحلة دون تيار كهربائي أو ماء. وأوضح ريتشارد درامازا، مرشد سياحي، قائلا “تتمثل التحديات هنا في التضاريس الوعرة والطرق الموحلة والأشجار الزلقة والمرتفعات وظروف الطقس، وبطبيعة الحال فإن هذه الأحوال تتطلب أن يتمتع السياح بلياقة بدنية مناسبة”. وتمتد الجولة وسط هذه الطبيعة لمدة أسبوع بصحبة درامازا وزميله صموئيل أوكيتي. وتبدأ الرحلة من قرية كيليمبي الصغيرة الواقعة إلى الغرب من مدينة كاسيسي الأوغندية، وتضم كنيسة ومدرسة وبعض الأكواخ البسيطة، ويعمل السكان المحليون “قبائل باكونيو” في الزراعة بشكل أساسي؛ حيث يزرعون الفاصولياء والبن والكسافا في الحقول المحيطة بالقرية، ولا يشعر السياح بأي مضايقات في جبال رونزوري. وتعمل شركة السياحة رونزوري تريغينغ سيرفس على تنظيم جولات سياحية في جبال رونزوري، وقد قامت ببناء فندق صغير في قرية كيلمبي مع افتتاح درب التجول كيلومبي تريل في عام 2008، وقبل ذلك التاريخ كان السياح يسلكون درب سنترال سيركت تريل باتجاه الشمال، ويتلاقى دربا التجول عند سفح جبل ستانلي، وبعد ذلك يتجه السياح إلى قمة جبل مارغريتا، التي يبلغ ارتفاعها 5109 أمتار، وهي ثالثة أعلى القمم في أفريقيا. وتعتبر هذه المنطقة من أجمل المناطق حيث توفر جبال الجليد والشلالات والبحيرات إطارا لا مثيل له في أفريقيا. وتعتقد قبائل باكونيو أن هناك زوجا من الآلهة يعيشان فوق هذه القمة، وعندما يتحرك الإلهان تتحرر الأحجار من الجبل، ولا يزال هذا الخطر بعيدا عن المنحدرات السفلية من جبال رونزوري، وتبدو النباتات هنا كثيفة ومفعمة بالحيوية؛ حيث تحيط النباتات المعرشة بالأشجار الاستوائية دائمة الخضرة، وفي تلك الأثناء يشاهد السياح حرباء تقف على أحد فروع الأشجار. ويسير درامازا البالغ من العمر 33 عاما وأوكيتي البالغ 31 عاما، أمام المجموعة السياحية ويتحدثان مع بعضهما البعض، ومع بداية المحمية الطبيعية تتولى هيئة الحياة البرية الأوغندية وظيفة الحراسة، وبعد ذلك يصبح مسار التجول حادا أكثر، وفي الأسفل تتدفق مياه النهر في الوادي، وعند ارتفاع 2500 متر تبدأ المرحلة الثانية من الحياة النباتية، وهي غابة الخيزران الكثيفة والشاسعة، وينتهي اليوم الأول في الجولة بعد ست ساعات من التجول، ثم يبيت السياح في مخيم كالالاما على ارتفاع 3134 مترا مع هطول الأمطار الغزيرة واختفاء الشمس وحلول الظلام. وفي صباح اليوم التالي يترك السياح آثار الحياة المدنية ويتم الدخول إلى عالم الضباب، الذي يمكن الوصول إليه بصعوبة والمغطى بالنباتات العملاقة، وعادة ما تعلق أحذية السياح في الوحل، ومن الصعب تخيل كيف عمل المستكشفون الأوائل في هذه البرية، كما عانت السياحة خلال فترة الحكم الدكتاتوري، وخلال حرب الكونغو الثانية قامت حكومة أوغندا بإغلاق المحمية الطبيعية؛ نظرا لانتشار مجموعات من المتمردين في المحمية، التي تقع على قائمة التراث الطبيعي العالمي لمنظمة اليونسكو، وتمت إعادة افتتاح المحمية مرة أخرى لزيارة السياح خلال 2001. وجود الحمالين ضروري عندما ينقشع الضباب عن سلسلة جبال القمر يشاهد السياح نسخة بدائية من هذا العالم عندما ينقشع الضباب عن سلسلة جبال القمر يشاهد السياح نسخة بدائية من هذا العالم يقل الغطاء النباتي في الطريق إلى مخيم بوغاتا كلما تم التوجه إلى أعلى، وتتشابه هذه المنطقة مع جبال الألب الأوروبية، وخلال المساء ينعم السياح بإطلالة رائعة من ارتفاع 4062 مترا على وادي ناموسانغي مع بحيراته الجليدية، وتشرق السماء لبضع دقائق ثم تغرب مرة أخرى، ويقوم الحمالون بطهي الأرز والخضروات، ولا يمكن القيام بجولات سياحية في جبال رونزوري دون هؤلاء الحمالين. ويصعد السياح في اليوم التالي عبر طريق باموانيارا الزلق على ارتفاع 4450 مترا، وقد تحول درب التجول إلى ممر مائي بسبب تساقط الأمطار الغزيرة، وما زاد من الانحدار أيضا الغابة الضبابية، وهنا شاهد السياح أعلى قمة في جبال رونزوري على بعد دقائق من التجول؛ حيث تظهر الصخور المتعرجة والمغطاة بالثلوج، وبعد فترة قصيرة تظهر البحيرات الجبلية وسط المنحدرات الخضراء، ومن خلفها يظهر بحر من السحب الكثيفة. وتنتمي المنحدرات الواقعة غرب البحيرة إلى مقاطعة كيفو الشمالية في الكونغو، وبدلا من متابعة السير إلى هناك ينعطف درب التجول إلى الشمال الشرقي، ويتم المبيت لليلة أخرى في مخيم هونويك على ارتفاع 3974 مترا، قبل الانطلاق في اليوم التالي في المرحلة النهارية الأخيرة قبل ليلة القمة، ويمر الطريق عبر الأراضي الرطبة حول بحيرة كيتاندارا إلى أعلى مخيم في الجولة الجبلية. ويدخل درامازا في تمام الساعة الثالثة صباحا الخيمة، التي بها أسرّة ذات طابقين، ويعلن أنه حان موعد ترك أكياس النوم الدافئة، بينما يومض الثلج في مخروط الضوء المنبعث من المصابيح الأمامية، وبعد ساعة من السير يظهر أول جبل جليدي، وبعد ذلك ينطلق أوكيتي فوق صخرة عند سفح قمة مارغريتا الجليدية، ويتبدى الليل ببطء، ولكن تبقى الغيوم، ويتم تسلق الأمتار القليلة إلى القمة الجليدية ببطء، وهنا يتسع مجال الرؤية فجأة، ويظهر اللون الأزرق في الأفق ناحية الشرق، وهناك ينعم السياح بأجواء طبيعية رائعة بعيدا عن صخب الحياة المدنية.
مشاركة :