أكد متحدثون خلال “المنتدى الاقتصادي العربي البرازيلي”، الذي أقيم مؤخراً في مدينة ساو باولو، عاصمة البرازيل الاقتصادية، ضرورة تعزيز أواصر التعاون العربي البرازيلي على مختلف الأصعدة والمجالات، وفي مقدمها تنمية العلاقات الإقتصادية وتعزيز التبادل التجاري، الذي وصل إلى 20 مليار دولار أمريكي خلال العام الماضي. وفي كلمته التي ألقاها خلال جلسة تحت عنوان “الإعلام الاجتماعي والصحافة والسياحة في العالم العربي”، قال نضال أبوزكي، مدير عام “مجموعة أورينت بلانيت”: “تعتبر إدارة سمعة الدول عملية مستمرة تحتاج إلى جهود متراكمة لتحقيق أهدافها، فهي تشكل إحدى أهم المفاهيم الحديثة لصناعة صورة ذهنية إيجابية وقوية للدول، بما يدعم خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وأضاف: “يحتّم ذلك على دولنا العربية ضرورة القيام بخطوات جدّية ومدروسة تساعد في تحسين صورتها المطبوعة في أذهان المجتمعات الأجنبية، بهدف استقطاب السياح حتى يصبحون سفراء لها، وجذب المزيد منهم.” كما ركز أبوزكي على أهمية الإعلام الاجتماعي والصحافة في تطوير العلاقات التاريخية الثنائية، وتفعيل التواصل الثقافي بين العالم العربي والبرازيل، بما ينعكس إيجاباً على عملية إدارة سمعة الدول والتي تدعم بدورها العلاقات الإقتصادية والتجارية بين الطرفين. وتطرّق خلال الجلسة إلى موضوع السياحة في العالم العربي، والذي بات 42% من سكانه يستخدمون الانترنت بشكل دائم، مما أثّر إيجاباً على نظرة المجتمعات الغربية له، وذلك بحضور نخبة من المسؤولين وممثلي الجهات الحكومية والخاصة والخبراء والمختصّين ورواد الأعمال. وأشار أبوزكي إلى أهمية التركيز على تطوير اللغة العربية لدى 15 مليون برازيلي من أصل عربي من أبناء الجيلين الثاني والثالث، والذين يتبوأ معظمهم مراكز إدارية ودبلوماسية مرموقة، ليشكلوا بدورهم جسوراً متينة، تعزز الترابط الحضاري والثقافي والاقتصادي والتاريخي بين العالم العربي والبرازيل. كما تطرق إلى أهمية المنتدى كفرصة سانحة لتنمية تلك العلاقات، وتعزيز التعاون 2لتحقيق نهضة شاملة ومستدامة في شتّى المجالات الاقتصادية والتجارية. وحضر المنتدى رئيس الجمهورية البرازيلي من أصل لبناني ميشال تامر، الذي أشار في كلمته إلى العمق التاريخي للعلاقات التي تجمع بين العالم العربي والبرازيل، معرباً عن رغبته بزيارة الدول العربية قريباً. وتحدث تامر عن تجربته الناجحة في الحكومة البرازيلية عبر دعم حكومته للطبقات الفقيرة ضمن مفهوم المسؤولية العائلية. وعن العلاقات الاقتصادية بين الطرفين، قال تامر: “على الرغم من زيادة التبادل التجاري بين البرازيل والعالم العربي إلى 20 مليار دولار خلال العام الماضي، إلا أنه يتوجب علينا العمل يداً بيد في المرحلة القادمة، لفتح مجالات واسعة للاستثمار والتعاون المشترك فيما بيننا، حيث أن الفترة القادمة ستشهد تذليل كافة العقبات أمام تقدّم وازدهار علاقاتنا مع العالم العربي على مختلف المستويات.” وتخلل المنتدى كلمة للسيد إبراهيم الزبن، سفير فلسطين بالبرازيل وعميد السلك الدبلوماسي العربي، شدد خلالها على ضرورة تخفيف وطأة الإجراءات البيروقراطية التي تعيق دخول المنتجات العربية إلى السوق البرازيلي، مطالباً البرازيل بدعم الدول العربية، التي ترغب فى الانضمام إلى تجمع الميركسور، بما للبرازيل من دور مؤثر في اتخاذ القرار داخل دول التجمع. وعقدت خلال المنتدى، الذي أقيم في فندق “يونيك” تحت عنوان “بناء المستقبل”، سلسلة محاضرات حملت عنوان “سيناريوهات اقتصادية.. البرازيل والدول العربية”، تلتها جلسات نقاشية تناولت العديد من الموضوعات، أبرزها التكنولوجيا والابتكار، وتحقيق الأمن الغذائي وزيادة التبادل في قطاع الحلال، حيث يعتبر العالم العربي مستهلكاً كبيراً لمنتجات الحلال سواء كانت مواد غذائية أو تجميلية أو غيرها، في حين تعتبر البرازيل أكبر مصدر للمواد الغذائية إلى الدول العربية. كما تحدث المشاركون في الجلسات النقاشية عن وضع الاستثمارات ورصد الفرص الحالية والمستقبلية بين المؤسسات والشركات العربية والبرازيلية، خاصة أن البرازيل استقطبت حوالي 700 مليار دولار كاستثمارات أجنبية تراكمية. وشهد الحدث أيضاً مناقشات حول الطاقة المتجددة والاستدامة، حيث عرضت البرازيل خبراتها الواسعة في هذا المجال، مشيرة إلى أن 68 بالمئة من الطاقة المستهلكة في مدينة ساو باولو هي من الطاقة المتجددة. وناقش المنتدى أيضاً استراتيجيات التعاون العربي البرازيلي، مع التركيز على الاستثمار والسياحة، خاصة وأن العالم العربي يمثل الشريك التجاري الرابع للبرازيل. وأشار المجتمعون إلى ضرورة إنشاء بنك عربي – برازيلي برأس مال كبير يلبي احتياجات الأسواق المتزايدة بين الثنائي، إضافة إلى تطوير الصناعات البيولوجية والهندسية المشتركة، وتحسين قطاع النقل بما يخدم التجارة البينية بين العالمين، فضلاً عن إقامة المشاريع الاستثمارية العملاقة في مختلف المجالات كالصناعات الثقيلة والتكنولوجيا والخدمات اللوجستية والطاقة المتجددة، وغيرها. كما جرى مؤخراً إدراج الدول العربية كمحور إستراتيجى للبرازيل من خلال أمانة عامة تابعة لرئاسة الجمهورية، تعمل على تعزيز شراكة إستراتيجية تشمل المجال السياسي والاقتصادي. وكشف المنتدى عن أن البحث جار لإنشاء هيئة للاستثمار، تعمل على تعزيز التعاون بين البرازيل ومختلف الدول العربية في المجالات الاستثمارية المختلفة. وأكد المتحدثون خلال المنتدى أن الفترة القادمة ستشهد الكثير من التعاون خاصة فى ظل تعافي الاقتصاد البرازيلي الذي أصبح اليوم سادس أكبر اقتصاد عالمي، مؤكدين أن العلاقة بين العالم العربي والبرازيل هي علاقة متينة، تكاملية وليست تنافسية. وخلص المجتمعون إلى أهمية تعزيز ومواصلة النمو المتسارع في العام الجاري والأعوام المقبلة، مع توصيات بضرورة استكمال هذه المسيرة التاريخية من التعاون المثمر بين كافة الأطراف في البلدان العربية والبرازيل، لتعزيز العلاقات التجارية والتبادل الثقافي والسياحي والتكنولوجي بشكل أكبر.
مشاركة :