بالتزامن مع الاهتمام الكبير الذى تخصصه الحكومة المصرية للمرأة والارتقاء بدورها فى المجتمع، وتغيير الصورة النمطية التى استمرت لعقود طويلة، قطعت المخرجة والمنتجة الأمريكية المستقلة ذات الأصل الصينى إيزى تشان آلاف الأميال للقدوم إلى مصر، لتحل ضمن ضيوف مهرجان شرم الشيخ السينمائي، الذى احتفى بالسينما الأمريكية المستقلة، وتطوف بعدها فى جولة بالقاهرة والإسكندرية، حيث عرضت فيلمها «The Big Flip» أو «الوجه الكبير»، والذى عرضت فيه صورة مُغايرة للاتجاه التقليدى للأسرة فى جميع أنحاء العالم، حيث يظل الرجل فى المنزل للاعتناء بشئون الأسرة، بينما تخرج المرأة للعمل. «The Big Flip» يعرض تجارب لأربع أسر أمريكية.. كانت المرأة فيها عائل الأسرة تتبعت خلال عام ونصف العام حياة هذه العائلات فى عدة ولايات أمريكية يحكى الفيلم قصص حياة أربع عائلات، تقوم الزوجة فيها بدور المعيل الأساسى للأسرة، بينما يقوم الزوج بمراعاة المنزل والأولاد. الفكرة نفسها التى أبرزتها تشان تناولتها الدراما المصرية فى السابق بشكل ساخر عام ٢٠٠٠ عبر مسلسل «يا رجال العالم اتحدوا»، من بطولة الفنان الكبير حسين فهمى والفنانة إسعاد يونس، والذى حقق نجاحًا كبيرًا دفع صناع العمل لإنتاج الجزء الثانى فى العام الذى يليه بعنوان «النساء قادمون»؛ إلا أن «الوجه الكبير» عرض قصصا حقيقية تمامًا وبعيدة عن السخرية؛ حيث تتبعت تشان خلال عامًا ونصف العام حياة هذه العائلات فى عدة ولايات أمريكية، منها سياتل، وبورتلاند، ولوس أنجلوس، وناشفيل. نشأت إيزى تشان فى هونج كونج، وبدأت الكتابة وإخراج المسرحيات منذ الصغر، وتم عرض مشروعها السينمائى الذى تقدمت به فى كلية الفنون السينمائية بجامعة جنوب كاليفورنيا بمهرجانات الأفلام فى جميع أنحاء العالم. حقق فيلمها الأخير نجاحًا كبيرًا وحاز عدة جوائز كانت واحدة من الأسباب التى جعلته ضمن برنامج عرض الأفلام الأمريكية، الذى أتت عبره إلى القاهرة، وهو برنامج الدبلوماسية السينمائية الأبرز، والذى تديره وزارة الخارجية الأمريكية بالتعاون مع معهد الفنون السينمائية بجامعة جنوب كاليفورنيا؛ ويعمل هذه البرنامج على تعزيز التواصل المباشر بين الشعوب، وعلى عرض رؤى معاصرة للمجتمع الأمريكى وتعزيز التفاهم بين الثقافات. يقوم البرنامج بعرض أفلام وثائقية أمريكية معاصرة حائزة على جوائز، وأفلام أدبية مستقلة، وأفلام وثائقية تعريفية للجمهور فى جميع أنحاء العالم. «هى المرة الأولى لى فى مصر.. وأنا متحمسة للغاية، لقد قرأت الكثير عن مصر وتاريخها من قبل، لذا فوجودى هنا هو أمر لا يُصدق، الناس هنا طيبون ومتعاونون للغاية»، قالتها المخرجة الأمريكية إيزى تشان لـ«البوابة»، وأضافت: «كنت فى شرم الشيخ والقاهرة والإسكندرية، شعرت بالكثير من الحماس، وأنا أزور هذه المدن التى قرأت عنها كثيرًا والمليئة بالحضارة.، هناك شيء سحرى فى هذه الأماكن. كانت المخرجة المستقلة قد جاءت إلى مصر للمشاركة فى مهرجان شرم الشيخ السينمائي، وقامت بإعطاء محاضرة قابلت فيها الكثير من السينمائيين الشباب ودارسى السينما المصريين «هو أمر ممتع أن تلتقى بأجيال جديدة»، حسب قولها. حققت إيزى تشان نجاحًا فى مجال الدعاية والإعلان باعتبارها باحثة استراتيجية فى السلوك البشرى والاتجاهات الاجتماعية والثقافة الشعبية؛ هكذا اعتمدت على إحصائيات كخلفية لفيلمها، منها إحصائية صادرة عن جامعة فيرجينيا تُفيد بأن الأزواج يشعرون بسعادة أقل بنسبة ٦١٪ عندما يكون لديهم زوجات يزيد دخلهن عن أزواجهن، بالإضافة إلى إحصائية جامعة وسترن فى واشنطن، والتى قالت إن حالات الطلاق تزيد بنسبة ٤٠٪ فى الأسر التى تكسب بها المرأة دخلًا أكثر من ٦٠٪ من دخل الأسرة «يمكن القول إن الفيلم كان مساعدة شخصية كبيرة للنفس إذا جاز القول»، تقولها ضاحكة وتضيف: «جاءت فكرة الفيلم من تجربة حقيقية خضتها وزوجى فى أعقاب الانهيار والكساد الاقتصادى الكبير الذى واجهته الولايات المتحدة فى عام ٢٠٠٨. كان زوجى قد استقال من عمله وبدأ العمل فى مشروع خاص. كان الوضع الاقتصادى للبلاد بالكامل سيئًا ولم يكن من السهل وقتها أن تحصل على وظيفة أخرى. كنا نرغب فى فعل شيء جديد ومختلف ويجلب لنا السعادة فى ذلك الوقت الفظيع». كان التغيير فى حياة «تشان» فى أعقاب الكساد الاقتصادي، وتحولها إلى زوجة عائلة للأسرة هو الشرارة التى أدت إلى صنع هذا الفيلم الوثائقى والذى بدوره كان يُعد فرصة سمحت للمخرجة المستقلة بدمج خبرتها فى الأبحاث مع شغفها بصناعة الأفلام «شعرت بالسعادة من هذه الخطوة وقمت بدعم زوجى كما دعمنى بأقصى ما يستطيع. فى تلك الفترة كنا قد واجهنا الكثير من الإحباطات، وهو الأمر الذى واجهته العديد من العائلات فى أمريكا فى تلك الفترة. من الرائع أن زوجى رجل ذو عقل متفتح للغاية، ولديه الكثير من الأفكار غير التقليدية». فى أعقاب عرض الفيلم فى شرم الشيخ، وجدت إيزى تشان ردود أفعال جيدة للغاية. قالت إنها استمتعت بالمناقشات التى دارت بينها، والجمهور الذى شاهد الفيلم أو السينمائيين المشاركين. تتحدث عن الفيلم فتقول: «الأجيال القديمة اعتادت على أن يخرج الأب للعمل بينما تتفرغ الأم للمنزل والعناية بالصغار وتربيتهم، هذه الفكرة التى سادت لعدة أجيال قد تغيرت الآن، هكذا فإن فيلمى يدور حول أربع عائلات أمريكية مختلفة يحدث فيها العكس، حيث يعتنى الأب بالمنزل بينما خرجت الأم للعمل. هذه الأسر تتبعتها لمدة عام ونصف العام لرؤية كيف تدور حياتهم. أعتقد أن العائلات التقليدية لا تزال تؤمن بأن الرجل فى العمل والمرأة فى المنزل لتصبح أمًا حقيقية، وآمل أن يساهم فيلمى فى تغيير هذه الفكرة». كان من ضمن أنشطة المخرجة، التى حصد فيلمها العديد من الجوائز الدولية، إلقاء محاضرة فى إطار فعاليات مهرجان شرم الشيخ تناولت فيها تجربتها الشخصية فى مجال صناعة الأفلام المستقلة. تحكى المخرجة والمنتجة ذات الأصل الأسيوى أنها فُتنت بهذا النوع من الأفلام - البعيد عن ممارسات هوليوود الاحتكارية - منذ نعومة أظافرها. وتحدثت الصعوبات والتحديات التى صادفتها خلال مشوارها الفنى وتوقفها عن صناعة أفلام مستقلة فى فترة ما من حياتها، وحكت كذلك عن عودتها كذلك بتحدٍ من زوجها، كما تحدثت أيضًا عن العوائق التى تقف أمام صناع هذا النوع من الأفلام كالتمويل واستقطاب الجمهور والمقابل المادى وما إلى ذلك. قالت تشان لـ«البوابة» إن جمع ميزانية فيلمها تم عبر التبرعات عبر موقع إلكتروني، وهو الأمر الذى يقوم به الكثير من صُنّاع الأفلام المستقلة فى الولايات المتحدة، وهو النظام الذى يُشبه فى مصر نظام «الجمعية» إذا جاز القول، حيث يعرض صانع الفيلم فكرته والتمويل الذى يحتاج إليه عبر موقعه ثم يتلقى التمويل والمساعدات المادية والفنية عبر المهتمين بالفكرة.
مشاركة :