استعرضت جلسة حوارية بعنوان "أنتمي إليكم" أثر الانتماء الإنساني على الإبداع الأدبي، والأسس التي تبنى عليها الحضارة المجتمعية، ودور الفرد وتأثيره في المجتمعات، استضافها المختبر الثقافي، ضمن فعاليات الدورة العاشرة من مهرجان الشارقة القرائي للطفل، الذي يستمر حتى 28 أبريل الجاري، في مركز أكسبو الشارقة. واستضافت الجلسة التي أدارها فرج الظفيري، كلا من الدكتور السوداني حيدر وقيع الله، والكاتبة الأمريكية تيفيني تومبسون وايت، حيث تناولا دور الانتماء في تعزيز الحضور الإنساني للفرد، ومدى قدرته على خلق مساحات إبداعية لدى المؤلفين والكتاب العالميين، كما ناقشا الأسس التي تُعزز من حضور الفرد في المجتمع وجعله عنصرًا فاعلًا فيه. واستهل الدكتور وقيع الله حديثه بالإشارة إلى أن مسألة الانتماء ليست ترفًا، بل هي التزام بين الأفراد والمجتمعات التي يعيشون بها، مؤكدًا أن الانتماء يسهم في صقل الشخصية، وتوجيهها لتكون عنصرًا فاعلًا، أو مارقًا في المجتمع، مشيرًا إلى وجود فجوة واضحة بين الفرد المنتمي واللامنتمي، فالأول يمتلك تأثيرًا إيجابيًا في المجتمع، أما الثاني يترك أثرًا سلبيًا. وقال وقيع الله: "هنالك تحديات كبيرة في مجال الانتماء، كون العديد من البشر ينتمون إلى أشياء كثيرة، فالانتماء يشبه الدوائر التي تنتج عن سقوط حجر في ماء راكد، سرعان ما تتقلص لتشكل دائرة واحدة نهائية، هنا نستطيع أن نطلق على هذه الدائرة مفهوم الوطن والأسرة والدين والجنس وغيرها من المفاهيم الملاصقة للإنسان". وعلى صعيد تأثير الانتماء على الإبداع الإنساني، أوضح وقيع الله أن الانتماء يلعب دورًا كبيرًا على مستوى الإبداع، وتوحيد اتجاهات الكاتب وتوجيهها نحو سياقات متصلة، مستشهدًا بأمثلة من الأدب العالمي والعربي حيث أشار إلى أن رواية الكاتب النيجيري تشينو أتشبي "أشياء تتداعى"، ورواية الأديب المصري إحسان عبد القدوس "أنا لا أكذب ولكني أتجمّل" تحملان في داخلهم نزعة انتماء لمفهوم مجتمعيّ غاية في الوضوح، كما تطرق إلى الحديث عن رواية الأديب الأمريكي كولن ويلسن "اللامنتمي" التي وصفها بأنها نسفٌ واضح وصريح لفكرة الانتماء. ومن جهتها أشارت الكاتبة الامريكية تيفيني تومبسون وايت إلى أن الانتماء مسألة أساسية وضرورية للفرد، وهي عامل يرسّخ حضور الانسان كعضو فاعل في المجتمع، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن المجتمعات التي تتحلى بالديموقراطية ليس لها قيمة إن لم تعزز من وجود الانسان وتنمّي من دوره وتشركه في جميع تفاصيل الحياة فيها. وقالت وايت:" فكرة الانتماء تبدأ منذ الصغر، من الدفقة الأولى، ومن أول حجر تضعه العائلة في بناء هذا الانسان، فالأسرة هي المحرّك الرئيس لمسألة الانتماء، وبعدها ينتقل التأثير للمجتمع الذي يلعب دورًا كبيرًا في صقل وتحفيز الإنسان على أن يكون عنصرًا مؤثرًا فيه". وفيما يتعلق بالتراث الإبداعي الشعبي ومدى تأثيره في توجيه الإنسان ولفت انتباهه إلى مكان الانتماء أو صفته في الحياة، تابعت:" المؤلف يلعب دورًا مهمًا في إعادة الإنسان إلى جذوره، إن دور الأديب أو الكاتب أو المؤرخ حاسمٌ في توجيه الإنسان نحو أساسه وبيئته الأولى، فكيف لنا أن نعرف من أين جئنا دون أن نقرأ التاريخ؟، وهذا بحد ذاته أمر غاية في الأهمية، وهناك نماذج من كتب تاريخية وأدبية أشارت إلى أن موضوع الانتماء هو أساس صلب يجب الانتباه إليه، وتعزيزه، لندرك موقعنا ودورنا في الحياة".
مشاركة :