أصبحت أندريا ناليس، أمس، أول امرأة على رأس الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني، مهمّتها إخراج أقدم حزب سياسي في البلاد من أزمة هي الأسوأ منذ سنوات. وأمضت ناليس، ابنة عامل البناء البالغة من العمر 47 عاما، 30 عاما في العمل الحزبي، وفازت برئاسة الحزب الاشتراكي الديمقراطي ليصبح بذلك أكبر حزبين في ألمانيا للمرة الأولى بقيادة امرأتين، مع المستشارة أنجيلا ميركل على رأس حزب المحافظين. وفازت ناليس بنسبة 66 في المائة من الأصوات، متغلبة بذلك على منافستها سيمون لانغي (41 عاما) الشرطية السابقة ورئيسة بلدية مدينة فلنسبورغ، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وقالت ناليس في مؤتمر استثنائي عقده الحزب في فيسبادن (غرب البلاد)، إن «اليوم في هذا المؤتمر الحزبي، نحن نكسر السقف الزجاجي للحزب الاشتراكي الديمقراطي»، مضيفة: «هذا السقف سيبقى مفتوحا». وتعهدت ناليس بأن يقاتل حزبها من أجل العدالة الاجتماعية، معلنة أن «التضامن هو أكثر ما ينقص في هذا العالم وسط العولمة والليبرالية الجديدة وسيطرة الرقمية». كذلك، تعهّدت وقف صعود الحزب الشعبوي اليميني المتطرف «البديل لألمانيا»، معتبرة الأمر بمثابة معركة «للحفاظ على الديمقراطية». ويعزز انتخاب ناليس، العضو في حكومة «التحالف الكبير»، على رأس الحزب الاشتراكي الديمقراطي الميل إلى تولي نساء مناصب قيادية في الساحة السياسية في ألمانيا. وتتولى نساء أخريات مناصب رئيسية في قيادة اليسار الراديكالي، وحزب الخضر، واليمين المتطرف. وستخلف ناليس مارتن شولتز، الذي ترأس الحزب في مارس (آذار) 2017 وقاده إلى هزيمته الانتخابية الأبرز في 24 سبتمبر (أيلول)، مما جعل «رفاقه» يدفعونه إلى تقديم استقالته في فبراير (شباط)، وفق الوكالة الفرنسية. ويترتب على ناليس إعادة تجميع أجزاء الحزب المنقسم الذي دخل على مضض في «تحالف كبير» ثالث مع المستشارة ميركل. وقالت ناليس الجمعة: «أعتقد أنني قادرة» على القيام بذلك. ويظهر استطلاع للرأي أجراه التلفزيون الرسمي «إيه آر دي» أن غالبية الأشخاص الذي شاركوا في الاستطلاع قالوا عكس ذلك. وتنتمي ناليس منذ عشرين عاماً إلى الهيئات الإدارية في الحزب الذي تأسس قبل 155 عاما تقريبا. وبما أن الأمر متعلق بإعادة تموضع الحزب في اليسار، تُعتبر ناليس القريبة من الشعب وأم طفلة تبلغ سبعة أعوام «موثوق فيها»، بحسب بيان للحزب. ويمكن لناليس أن ترتكز على شبكة قوية في الحزب، رغم أنها معروفة بأنها «قاتلة الملوك» منذ أن تسببت بسقوط الرئيس السابق للحزب، فرانز مونتيفيرينغ، في عام 2005. وأثبتت ناليس نفسها كوزيرة للعمل في الحكومة السابقة. وأثناء توليها حقيبة وزارة العمل، حاربت من أجل وضع حد أدنى للأجور، الأمر الذي يُعتبر ثورة في ألمانيا. ونجحت في فرض تطبيق قانون جديد حول التقاعد، يتضمن بنداً تعرض لانتقادات حادة كونه يسمح بالتقاعد في بعض الحالات عند بلوغ الـ63 عاما، بدلاً من 67. وتُعرف ناليس بصراحتها، فقد قالت لمن انتقدوا إجراءها الإصلاحي «والدي بلغ سنّ الـ73 عاماً بكتفين وظهر وركبتين محطمة. وعندما أسمع بعض الأساتذة الكسولين يتحدثون عن التقاعد عند بلوغ الـ70 عاما، فهذا يجعلني أغضب فعلاً». وبعد الانتخابات التشريعية، تعهدت ناليس التي وصفتها صحيفة «بيلد» الشعبية بأنها «الرجل الحقيقي الوحيد في الحزب الاشتراكي الديمقراطي»، للمحافظين أنها «ستُريهم قدراتها». وقالت في مقابلة مع صحيفة «سودويتشي تسايتونغ»، أول من أمس، «لدي مزاج ربما متفجر قليلا». وتتنقل ناليس المطلقة التي تعاني من إعاقة في الحوض إثر حادث سير، من برلين إلى بلدتها ويلر في غرب البلاد بشكل منتظم لرؤية ابنتها التي تعتني والدتها بها. وتقول ناليس، في كتاب يروي سيرتها الذاتية صدر عام 2009، أنها كاثوليكية في الصميم ولا تحبّ شيئا أكثر من عائلتها.
مشاركة :