القدس - رفضت الممثلة الأميركية، الإسرائيلية الأصل، ناتالي بورتمان، حضور حفل في إسرائيل لتسلم جائزة رفيعة قيمتها مليون دولار أميركي، احتجاجا على سقوط قتلى وجرحى جراء إطلاق الجيش الإسرائيلي النار على متظاهرين فلسطينيين خلال التظاهرات المتواصلة منذ أسابيع. وقال وكيل أعمال بورتمان إنها تأثرت بالأحداث الأخيرة في إسرائيل وقطاع غزة ولا تشعر بارتياح لحضور حفل توزيع جوائز “غينيسيس برايز”. الممثلة والمخرجة ومنتجة الأفلام، ناتالي بورتمان (36 عاما) والمولودة لطبيب إسرائيلي وفنانة أميركية، فتح رفضها للجائزة نار الانتقادات الإسرائيلية، تحديدا من وزيرة الثقافة والرياضة ميري ريجيف، التي قالت إن بورتمان “خضعت لحركة مقاطعة إسرائيل للأسف”، بينما طالب عضو حزب الليكود والنائب في الكنيست أورن حزان بسحب الجنسية الإسرائيلية منها. بورتمان سبق أن أعربت عن معارضتها لرئيس الحكومة في دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو، قائلة “أنا ضد نتنياهو بشدة.. أنا مستاءة للغاية، وأشعر بخيبة الأمل لإعادة انتخابه” عام 2015. وفي السياق ذاته، كشفت صحيفة “معاريف” أن رسالة إلكترونية بعثها مساعدو بورتمان للمؤسسة الإسرائيلية التي كانت ستقدم لها الجائزة، لم تذكر اسم نتنياهو كما نشر سابقا، وكما أعلنت بورتمان شخصيا، بل ذكرت الرسالة صراحة أن الأحداث في قطاع غزة كانت سبب رفضها الحضور. وحسب “معاريف” جاء في نص الرسالة “لقد تابعنا بقلق كبير الأنباء القادمة من غزة مؤخرا، ونشعر بأن تنظيم حفل تسليم الجائزة لا يتناسب مع ما تقوم به الحكوم. وكانت بورتمان قد بررت رفضها حضور حفل تسليمها الجائزة كي لا تظهر أنها داعمة لنتنياهو، الذي كان مقررا أن يلقي كلمة في الحفل. وفي المقابل، ذكر تحليل في صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، أن قرار الممثلة الأميركية اليهودية ناتالي بورتمان، برفض تسلم جائزة إسرائيلية مؤخرا، هو مؤشر على ضيق يهود الولايات المتحدة من السياسة الإسرائيلية الحالية، ومؤشر أيضا على وجود فجوة أيديولوجية بين اليهود الأميركيين التقدميين بشكل عام، والسياسة الإسرائيلية اليمينية المحافظة. تغيير يحصل لدى التجمعات اليهودية خارج إسرائيل، مفاده أن نزوعا نحو تغليب السلم والسلام قد بدأ يتفشى كقناعة وذكرت الكاتبة الإسرائيلية أتاليا شومبلبي في تحليلها، الثلاثاء 24 أبريل، أن هذه الفجوة بين ما تُعتبر “الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط وبين يهود أميركا، باتت حقيقة لا جدال فيها”. ويزداد تذمر اليهود من سياسة القمع داخل إسرائيل وخارجها، الأمر الذي يجعل موقف الفنانة الإسرائيلية الأميركية انعكاسا صادقا لهذه المشاعر التي تقدرها وتثني عليها جمعيات حقوقية ومنظمات إنسانية في العالم. وكدليل على ذلك، شارك أخيرا عدد من يهود أميركا في احتجاجات أمام البيت الأبيض تندد بإسرائيل وتشجب مقتل متظاهرين فلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي في “يوم الأرض” عند حدود غزة الجمعة الماضي. كما تظاهر أكثر من 500 شخص مساء الأحد الماضي في تل أبيب، احتجاجا على تصعيد جيش الاحتلال ضد مسيرات العودة الكبرى على حدود قطاع غزة. ودعا المتظاهرون إلى إنهاء التصعيد في غزة، وإلى ترويج عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، حيث حملوا لافتات ضد الجيش الإسرائيلي. وقالت عضو الكنيست عايدة توما سليمان “خرج سكان غزة سعيا وراء حريتهم، لكن نيران الجيش واجهتهم”.وبالعودة إلى قضية النجمة بورتمان، كنموذج لازدياد تعاطف وتفاعل يهود أميركا مع الحالة الفلسطينية، أشارت الكاتبة شومبلبي، في تحليلها بـ”يديعوت أحرونوت” إلى أن ثمانين بالمئة من يهود أميركا صوتوا لصالح هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية التي خسرتها نهاية عام 2016، أي أنهم صوتوا لصالح الحزب الديمقراطي، الذي يمثل سياسة معاكسة تماما لسياسة ترامب الذي يكره الكثيرين من اليهود الأميركيين، فيما يعتبره نتنياهو صديقا مقربا جدا منه. وأضافت أن قرار بورتمان مقاطعة حفل سيحضره نتنياهو لم يكن فرديا، بل هناك أرضية تقف عليها الممثلة هي الخلاف الأيديولوجي العميق بين يهود الولايات المتحدة وسياسات إسرائيل. دلالات خلف رفض الممثلة الشهيرة لجائزة “صندوق جائزة المنشأ” التي تخصص كل عام لشخصية يهودية يعتبرها الصندوق مؤثرة عالميا، ونموذجا يحتذي به الجيل اليهودي الصاعد، إذ ليس من الصواب أو المنطق اعتبار ما قامت به بورتمان حدثا عابرا أو استفزازا عشوائيا، بل هو تعبير عن التغيرات الدرامية في موقف مجتمع يهود أميركا من المسار الإشكالي الذي تسلكه الدولة اليهودية، والتي يعتبرها غالبيتهم “دولتهم” أيضا.
مشاركة :