أعلنت الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) في دورتها الحادية عاشرة عن فوز رواية “حرب الكلب الثانية” للروائي الفلسطيني إبراهيم نصرالله، حيث أعلنت لجنة تحكيم الجائزة برئاسة الناقد إبراهيم السعافين هذا الفوز في حفل أقيم في العاصمة الإماراتية أبوظبي، بحضور أعضاء لجنة التحكيم وحشد واسع من الكتاب والمثقفين والإعلاميين العرب. وكشف السعافين عن اسم الرواية الفائزة بالجائزة والصادرة عن الدار العربية للعلوم ناشرون في حفل أقيم في فندق فيرمونت باب البحر بأبوظبي. وحصل الفائز بالجائزة على مبلغ نقدي قيمته 50 ألف دولار أميركي، بالإضافة إلى ترجمة روايته إلى اللغة الإنكليزية، مما سيسهم في تحقيق مبيعات أعلى للرواية والحصول على تقدير عالمي. صار ينظر إلى الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) باعتبارها الجائزة الأدبية الرائدة في العالم العربي، وترعى الجائزة “مؤسسة جائزة بوكر” في لندن، بينما تقوم دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي في الإمارات العربية المتحدة بدعمها ماليا. وعلى امتداد دوراتها الحادية عشرة نجحت هذه الجائزة، التي ينتظر نتائجها القراء والكتاب سنويا، في أن تكون محرارا حقيقيا للأدب الروائي العربي، كاشفة عن تجارب روائية من مختلف أرجاء الوطن العربي ومقدمة أدبا عربيا جديدا متجاوزا وعلّق إبراهيم السعافين نيابة عن لجنة التحكيم على الرواية الفائزة بقوله “تتناول هذه الرواية تحوّلات المجتمع والواقع بأسلوب يفيد من العجائبية والغرائبية ورواية الخيال العلمي، مع التركيز على تشوهات المجتمع وبروز النزعة التوحشية التي تفضي إلى المتاجرة بأرواح الناس في غياب القيم الخلقية والإنسانية”. رسالة تحذير تركز الرواية على الشخصية الرئيسيّة وتحولاتها من معارض إلى متطرف فاسد، وتكشف عن نزعة التوحّش التي تسود المجتمعات والنماذج البشرية واستشراء النزعة المادية، فيغدو كل شيء مباحا. وأعرب نصرالله عن سعادته بفوز روايته، مقدرا للجائزة مكانتها عربيا ودوليا، وقال إن روايته كُتبت لتحفز القارئ ولتقلقه، ولتجعله أحيانا غير قادر على التنفس. “حرب الكلب الثانية”، كما يرى كاتبها، هي رسالة تحذير مما يمكن أن نصل إليه في المستقبل في ضوء ما عشناه ونعيشه في السنوات الأخيرة، فالرواية من هنا تنطلق من لحظة ضياع اليقين بمن تساكنه أو يساكنك، هو ذلك الجار أو ذلك الأخ أو ذلك الأب أو أيا كان، لذلك تذهب وتقول إذا ما واصلنا في هذا الطريق، سنصل إلى ذلك المستقبل الذي سنصبح فيه مبيدين. وأضاف نصرالله “إن كل رواية يكتبها الإنسان يحاول أن يطرح من خلالها أكثر من شيء. أولا يحاول أن يطرح مشروعا فنيا مختلفا، ويحاول أن يقدم رؤية في منطقة فكرية ما، أيضا مختلفة، تضيف إلى منجزه الروائي بشكل عام. هذه الرواية هي الرواية الأولى التي تذهب إلى المستقبل من بين رواياتي، وهي تأملت هذا المستقبل في ضوء التوحش الذي نعيشه اليوم، والسؤال أنه ماذا إذا تواصلت الأمور على ما نحن عليه الآن؟ إلى أين سنصل؟ بالتأكيد هي معنية بالإنسان بالدرجة الأولى، لكن أيضا الرواية معنية بالبيئة إلى حد بعيد، لأن هذا الضمار الذي يلحق بها في العالم يحرمنا من بيتنا الأخير حتى الآن على الأقل، لأنه لم يثبت كوكب آخر يمكن أن يستقبلنا بعد، الرواية فيها محاور كثيرة جدا يمكن أن يتحدث عنها الإنسان، لكني أعتقد أنها مسألة مطروحة للنقاد بالدرجة الأولى”. تكريم الروائيين تم تكريم الكتّاب الخمسة المرشحين في القائمة القصيرة في الحفل، وهم شهد الراوي عن روايتها “ساعة بغداد” وأمير تاج السر عن “زهور تأكلها النار” ووليد الشرفا عن “وارث الشواهد”، وعزيز محمد عن “الحالة الحرجة للمدعو ك” وديمة ونّوس عن “الخائفون”، وتلقى المرشحون جائزة تبلغ قيمتها عشرة آلاف دولار أميركي، كما تمت استضافتهم في مقر اتحاد كتاب الإمارات بالتعاون مع معهد جامعة نيويورك أبوظبي قبل الإعلان عن الرواية الفائزة، حيث شاركوا في ندوة أدارتها الروائية السودانية آن الصافي. وشارك وليد الشرفا في ندوة حول روايته “وارث الشواهد” في متحف الفن في جامعة نيويورك أبوظبي، حيث أقيم معرض “المؤقت الدائم” عن حياة اللاجئين الفلسطينيين. وقال ياسر سليمان، رئيس مجلس أمناء الجائزة العالمية للرواية العربية “كلما ابتعدنا عن الواقع بغرائبية الروائي، كلما اقتربنا إليه بكل ما فيه من عبثية. تطل علينا ‘حرب الكلب الثانية’، الرواية الفائزة لهذا العام، من هذا المنطلق لترسم لنا عالما متغولا انهارت فيه الضوابط، وانحسرت فيه منظومة القيم التي يُحتكم إليها في الفصل بين المعقول واللامعقول. يحيك إبراهيم نصرالله خيوط روايته هذه بلغة تحاكي الموضوع بكل غرائبيته، وبنفس يلتقط المضحك المبكي، وكأنه بهذا يعبر عن عمق المأساة التي نواكبها من داخل الرواية إلى خارجها وبالعكس؛ فهنيئا له وللرواية العربية على هذا الإنجاز″. ونذكر أن لجنة التحكيم لعام 2018 قد ضمت الناقد والشاعر والروائي والمسرحي الأردني إبراهيم السعافين، رئيسا، مع عضوية كل من: الأكاديمية والمترجمة والروائية والشاعرة الجزائرية إنعام بيوض، والكاتبة والمترجمة السلوفينية باربرا سكوبيتس، والروائي والقاص الفلسطيني محمود شقير، والكاتب والروائي السوداني-البريطاني جمال محجوب. البوكر والترجمة تهدف الجائزة إلى الترويج للرواية العربية على المستوى العالمي، ومن هنا تموّل الجائزة ترجمة الأعمال الفائزة إلى اللغة الإنكليزية. ويذكر أنه خلال هذا العام قد صدرت الترجمة الإنكليزية لرواية “فرنكشتاين في بغداد” لأحمد سعداوي الفائزة بجائزة عام 2014 عن دار وون ورلد في المملكة المتحدة ودار بنجوين في الولايات المتحدة. وقد نالت الرواية إعجاب النقاد الذين وصفوها بأنها “جريئة ومبتكرة” و”إنجاز هائل”، وتم التعاقد لإصدارها في أربع عشرة لغة أخرى، بما فيها الصينية (هونغ كونغ وجمهورية الصين الشعبية)، ووصلت نسختها الإنكليزية إلى القائمة القصيرة لجائزة المان بوكر العالمية في أبريل 2018. وفي مارس 2018 صدرت عن دار هوبو النسخة الإنكليزية لرواية “مصائر، كونشرتو الهولوكوست والنكبة” لربعي المدهون الفائزة بجائزة عام 2016. ومن بين الروايات الفائزة المتوفرة بالإنكليزية، رواية “واحة الغروب” لبهاء طاهر التي صدرت سنة 2009، و”عزازيل” ليوسف زيدان، سنة 2012، كما صدرت روايتا “ترمي بشرر” لعبده خال و”القوس والفراشة” لمحمد الأشعري سنة 2014، ورواية “ساق البامبو” لسعود السنعوسي سنة 2015، وصدرت رواية “طوق الحمام” لرجاء عالم سنة 2016. هذا وتم بيع حقوق الترجمة لروايتين من روايات القائمة القصيرة، فقد تُرجمت رواية “ساعة بغداد” لشهد الراوي من قبل لوك ليفغرين وتصدر في مايو عن دار وان وورلد، كما ترجمت رواية “الخائفون” لديمة ونّوس من قبل إليزابيث جاكيت وتصدر في المملكة المتحدة عن دار هارفيل سيكر ودار نوبف دوبلداي في الولايات المتحدة في عام 2019. أما رواية “في غرفة العنكبوت” لمحمد عبدالنبي المرشحة في القائمة القصيرة عام 2017، فترجمت إلى الإنكليزية من قبل جوناثان رايت وتصدر عن دار هوبو في يوليو من هذا العام.
مشاركة :