«رمتني بدائها وانسلت».. يلخّص هذا المثل العربي مطالبة وزير الخارجية السعودية عادل الجبير، يوم الثلاثاء، دولة قطر بدفع أموال لمحاربة الإرهاب وإرسال جنودها إلى سوريا، في معرض ردّه على تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب التي اتهم فيها الرياض وأبوظبي بالأخص بعدم تقديم الدعم الكافي لمحاربة الإرهاب في سوريا. وفي تصريحات الجبير، التي تمثّل سقطة جديدة للوزير السعودي، حاول التملّص من النداءات التي وجّهها ترمب إلى الرياض بضرورة دفع 3 مليارات دولار من أجل استمرار مكافحة الإرهاب في سوريا وتحجيم النفوذ الإيراني هناك، إلا أنه ضمن تصريحاته التي نشرتها وكالة الأنباء السعودية «واس» اعتراف ضمني بسعي بلاده إلى إسقاط نظام الحكم في قطر.يوم الثلاثاء، قال الجبير (متقمصاً دور رجل البيت الأبيض): إنه يجب على قطر أن تدفع ثمن وجود القوات الأميركية في سوريا، قبل أن يلغي ترمب الحماية لدولة قطر، المتمثلة في وجود القاعدة العسكرية الأميركية على أراضيها، على حد قوله. وأضاف أن الولايات المتحدة لو سحبت حمايتها المتمثلة في قاعدة «العديد»، فإن النظام في قطر سيسقط خلال أقل من أسبوع، في إشارة ضمنية إلى سعي بلاده إلى إسقاط الحكم. ويبدو أن الجبير تعمّد تجاهل حديث ترمب المباشر للسعوديين، الذين قال لهم وجهاً لوجه إن عليهم «دفع المال مقابل الحماية من إيران»، في محاولة للتملّص من مطالبة ترمب المملكة بمزيد من المال من خزانتها «الثرية» من وجهة نظر الرئيس الأميركي. ورأى الدكتور علي الهيل -أستاذ العلوم السياسية-، في تصريح لوكالة «سبوتنيك» الروسية، أن الجبير بتصريحاته يريد أن «يبعد الكلام عن بلاده، بعد أن أوصلها إلى حافة الهاوية، بفتحه خزائن المملكة للرئيس الأميركي»، واصفاً تصريح الجبير بأنه «رخيص». مساعدات للقطريين وتفتح تصريحات الجبير «التقمصية في دور رجل البيت الأبيض»، الطريق للبحث عن أشهر السقطات التي وقع فيها الوزير السعودي، التي كانت أولها مع اندلاع الأزمة الخليجية في 5 يونيو، الذي أعقبه شحّ في منتجات الألبان بالسوق القطري لمدة يومين فقط؛ بسبب منع الرياض دخول الشركات السعودية إلى الأراضي القطرية. وخرج بعدها الجبير في 13 يونيو 2017، يعرض -دون خجل- أن بلاده مستعدة لتقديم مساعدات إلى الشعب القطري من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة، في حال احتاجت إلى ذلك، رغم أن الكثير من الفقراء في المملكة يحتاجون لهذا الدعم بسبب تفشّي البطالة وغلاء الأسعار. بعدها، قدّم القطريون أفضل رد على الجبير قائلين: «قطر التي عرض عليها الجبير تقديم المساعدات، هي التي تفتخر بعطاء جمعياتها الخيرية ومساعدة المحتاجين ومدّ يد العون لهم في كل أنحاء العالم، والشعب القطري هو أكثر شعوب العالم دخلاً سنوياً.. فعن أي مساعدات يتحدث الجبير!». إرضاء الإسرائيليين وفي 25 فبراير الماضي، أثار وصف الجبير لحركة «حماس» بـالمتطرفة، هجوماً حاداً على المملكة من قِبل الحركة التي اعتبرتها محاولة لإرضاء قادة تل أبيب. وطالب وزير الخارجية السعودي، في تصريحات له خلال زيارته البرلمان الأوروبي في بروكسيل، دولة قطر بوقف ما أسماه بـ «تمويل حركة حماس»، زاعماً أنه سمح لها بالسيطرة على غزة، واصفاً الحركة بـ «المتطرفة». وعبّرت حماس، في رسالة إلى المملكة العربية السعودية، عن غضبها الشديد من استمرار وزير خارجيتها في «التحريض» عليها. إغضاب اليمنيين ضمن سياق تصريحاته أيضاً، أغضب الجبير اليمنيين؛ حيث انتقده ناشطون بسبب قوله بأن بلاده استقبلت أكثر من مليون لاجئ يمني ووفرت لهم الوظائف. وقال الناشطون: إن تصريحات الجبير غير دقيقة وتسعى إلى تحسين صورة السعودية، مؤكدين أنها على العكس من ذلك تعدّ سقوطاً للدبلوماسية السعودية. مشددين في الوقت نفسه على أن اليمنيين ليسوا لاجئين في السعودية، وإنما هم موظفون وعمّال ساهموا في بناء المملكة ويعملون فيها منذ عقود. آنذاك، علّقت الناشطة اليمنية توكل كرمان، عبر صفحتها على «فيس بوك»، على تصريحات الجبير، قائلة: «وزير الخارجية السعودي يواصل ترويج الأكاذيب ويمنّ بها على شعبنا الذي هو تحت القصف والحصار والتجويع والتدمير والتشريد من قِبل بلده وحلفها الظالم». وأضافت: «لكن عاقبة الظلم دائماً وخيمة». التملص من السوريين في الشأن السوري، كان للجبير سقطة مدوية بعد محاولة إجبار المعارضة السورية على التخلي عن مطلب رحيل بشار الأسد، خاصة أن الرجل اعتاد على ترديد تصريحات قوية يلوّح فيها بالخيار العسكري لإسقاطه. ففي اجتماع «الرياض 2»، الذي عُقد في 27 نوفمبر الماضي، مارس الجبير ضغوطاً على المعارضة للتخلي عن مطلب رحيل الأسد الذي أصبح المسيطر على الجزء الأكبر من سوريا، الأمر الذي أصاب قيادات المعارضة بالصدمة من الموقف السعودي. تناقض الجبير وفي 15 أبريل الماضي، تحدّث الجبير في القمة العربية التي عُقدت في بلاده عن أزمة بلاده مع قطر، رغم تجاهل تصريحاته الكثيرة عن أن أزمة قطر «صغيرة جداً جداً جداً»، الأمر الذي يبرز تناقض الوزير السعودي. هذا التناقض دفع سعادة الشيخ عبدالرحمن بن حمد آل ثاني -الرئيس التنفيذي للمؤسسة القطرية للإعلام- للحديث عنه قائلاً: «يردد وزير الخارجية السعودية الادعاء بأن خلافهم مع قطر والأزمة_الخليجية قضية صغيرة جداً جداً جداً، وأنها لن تُطرح في القمة العربية لأنها قضية خليجية، إلا أنه يسافر منذ بداية الأزمة من بلد لآخر للتهجم على قطر! يبدو أنه ينسى ما يردده، وعاد للحديث عنها اليوم بمؤتمر صحافي في قمة الظهران».;
مشاركة :