الكويت - لم تتمكّن الكويت والفلبين من تطويق الخلاف الذي نشب بينهما بشأن ملفّ خدم المنازل، وتطوّر بشكل سريع ليتحوّل إلى أزمة دبلوماسية، أفضت إلى طرد السفير الفلبيني من الكويت واستدعاء السفير الكويتي من مانيلا. وأمهلت الكويت، الأربعاء، السفير ريناتو أوفيلا مدة أسبوع لمغادرة أراضيها، كما استدعت سفيرها في مانيلا للتشاور. واتّخذت الحكومة الكويتية هذا الإجراء، بعد ظهور موظّفين بسفارة الفلبين، في شريط فيديو بثّ على الإنترنت، بصدد مساعدة خادمات فلبينيات على الهروب من بيوت مشغليهنّ واللجوء إلى سفارة بلادهن. وعلى مدار الشهرين الماضيين تجادلت الكويت ومانيلا بحدّة بشأن أوضاع العمالة الفلبينية في الكويت وخصوصا خادمات المنازل التي قالت سلطات مانيلا إنّهنّ يتعرّضن للاضطهاد والاستغلال. ووصل الأمر حدّ طلب الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي من مواطنيه مغادرة الكويت، وفرض شروطا على سفرهم للعمل هناك، وهو الأمر الذي رأت فيه جهات سياسية كويتية ضغوطا غير مقبولة على البلد بورقة يمكن إسقاطها عبر التوجّه إلى بلدان أخرى لجلب العمالة بما في ذلك خدم المنازل. مستثمرون في سوق استقدام العمال الوافدين يعقدون مهمة الحكومة الكويتية في معالجة المشاكل التي تحف بالملف ورغم ذلك، بدا أن حكومة الكويت مفتقرة للحزم في معالجة هذا الملف، الأمر الذي فسّره معارضوها بالخضوع لضغوط مستثمرين كبار وأصحاب رؤوس أموال يستثمرون في مكاتب الجلب التي تدرّ أرباحا طائلة. وبحسب متابعين للشأن الكويتي فإنّ قرار طرد السفير لا ينفصل عن الضغوط الداخلية التي تتعرّض لها حكومة الشيخ جابر المبارك التي تنتظر مطلع مايو القادم ثلاثة استجوابات نيابية دفعة واحدة سيوجّه أحدها إلى رئيس مجلس الوزراء نفسه. وكان يمكن أن تضاف إليها مساءلة بشأن العلاقة مع الفلبين. ويقول منتقدون لحكومة الشيخ جابر، إنّ تطوّر ملف العمالة المنزلية بهذا الشكل، وتحوّله إلى مشغل دولة من الطراز الأول، يمثّل امتدادا لفشل مزمن في معالجة ملف العمالة الوافدة ككلّ والعجز عن التحكّم فيه ما جعل له تبعات كبيرة اجتماعية واقتصادية، وحتّى أمنية. وسوق الشغل في الكويت غارق بعمالة وافدة في مختلف القطاعات بما في ذلك المهن البسيطة التي لا تتطلب كفاءة خاصّة. وسرّع ارتفاع فاتورة تحويلات العمّال الأجانب، في مقابل تراجع المداخيل المتأتية من بيع النفط بفعل تراجع أسعاره، خلال السنوات القليلة الماضية، عملية التفكير في توطين العمالة في نطاق ما يطلق عليه محلّيا بـ”التكويت”، لكن تطبيق ذلك ما يزال يصطدم بعدّة عوائق، ليس أقلّها رفض غالبية الكويتيين العمل في مهن بسيطة ذات عوائد مالية متدنيّة. ويرفض غالبية المقبلين على سوق الشغل في الكويت مهنا يدوية مثل النجارة والسباكة والحدادة. أما العمل بالمنازل فأمر غير مطروح من الأساس. تجاوزات لا يمكن السكوت عنها تجاوزات لا يمكن السكوت عنها وأعلنت الخارجية الكويتية، الأربعاء، في بيان رسمي رفضها لما أقدمت عليه سفارة الفلبين “من انتهاك صارخ ومخالفة جسيمة لضوابط وقواعد العمل الدبلوماسي، والمتمثل بقيام أعضاء من السفارة وآخرين بتهريب عاملات منزليات من الجنسية الفلبينية في تحدّ سافر لقوانين دولة الكويت وللأعراف والمواثيق الدولية، إضافة إلى ما شكّله ذلك من تدخل في الشؤون الداخلية للدولة وممارسة أعمال هي من صميم عمل الأجهزة الأمنية في البلاد”. كما لفت ذات البيان إلى تصريحات المسؤولين الفلبينيين والتي أشارت إلى قيام وزارة الخارجية الفلبينية بإرسال تعزيزات لسفارتها في الكويت تتكوّن من سبع فرق تابعة لمكتب وكيل وزارة الخارجية لشؤون العمالة المهاجرة، والادعاء بأنها تهدف إلى إنقاذ العاملات المنزليات في دولة الكويت، معتبرا “تلك الأعمال والتصريحات مخالفة صريحة للمبادئ والأعراف الدولية”. وأردف البيان بأن “حكومة دولة الكويت، ممثلة بوزارة الخارجية، وانطلاقا من واجباتها ومسؤولياتها المنوطة بها تجاه الوقوف ضد أي أعمال من شأنها انتهاك سيادة البلاد ونظمها وأمنها الوطني، فإنها تؤكد أولا بأنها والأجهزة الأمنية المعنية ستواصل ملاحقتها للذين اعتدوا على أمن البلاد وإحالتهم إلى القضاء العادل طبقا للقوانين الدبلوماسية الدولية المرعية بهذا الشأن”، في إشارة إلى المتورّطين في عملية تهريب العاملات. وبفعل الأزمة مع الفلبين، باتت الكويت تعاني نقصا في العمالة المنزلية المطلوبة بقوّة في البلد. وسبق لمتحدث باسم الاتحاد الكويتي لمكاتب استقدام العمالة المنزلية أن حدّد العجز في توفير العمالة المنزلية بما نسبته ستين بالمئة، مشيرا إلى أنّ الكويت كانت تستقبل بين أربعة وخمسة آلاف خادمة شهريا قبل الأزمة مع مانيلا. واقترح ذات المتحدّث جملة من الحلول لسدّ النقص من بينها فتح منافذ جديدة لاستقدام خدم المنازل عبر توقيع مذكرات تفاهم مع مزيد من الدول المصدرة للعمالة المنزلية، وتوفير خط ساخن لدى وزارة الداخلية لاستقبال شكاوى الخدم. ولا تقل الحكومة الكويتية اهتماما بملف سدّ النقص في العمالة المنزلية. ومؤخّرا قال خالد الجارالله نائب وزير الخارجية، إنّ الوزارة بدأت في التواصل مع 11 سفارة لدى البلاد بغية التنسيق معها بشأن جلب العمالة المنزلية.
مشاركة :