تقف بعض الوظائف حائلا بين الشبان والزواج، من أبرزهم القباطنة والبحارون الذين تجبرهم طبيعة عملهم على البقاء في المحيطات لفترات طويلة، ما يجعل حصولهم على زوجة تقبل بهذا الوضع أمرا صعبا، على الرغم من أن مهنة القبطان تتمتع بميزات كثيرة منها ارتفاع الرواتب، والإجازات الطويلة، لكن المجتمع السعودي يرى أن السفر الطويل لا يساعد على بناء أسرة مثالية. وتقدم الضابط البحري «عبد الرؤوف لمفون» إلى سبع أسر للخطبة ولكنه رفض من قبلهن بسبب وظيفته، حتى أنه فكر في بادئ الأمر بالزواج من الخارج، إلى أن التقى برجل حكيم تفهم وضعه وقرر تزويجه ابنته، طالما أنه شاب على خلق رفيع ومتعلم لا يعيبه نوع وظيفته. ورأى لمفون أن مجتمعنا لا يزال بحاجة إلى تثقيفه وتعريفه بطبيعة وظيفة القبطان أو الملاحة، مشيرا إلى أنها مهنة يعزف عنها الشباب على الرغم من أن فيها كثير من الميزات كارتفاع الرواتب والإجازات. ونصح لمفون الشبان الباحثين عن وظائف مميزة بألا يغفلوا عن هذه المهنة الممتعة لما لها من مستقبل ناجح خاصة أنه لايزال هناك احتياج قد يمتد لعدد من السنوات حتى تتم السعودة في هذه المهنة بالكامل، مبينا أن من أسباب ارتفاع نسبة العنوسة في مجتمعنا هو رفض تزويج بعض أصحاب المهن التي لا يعترف بها المجتمع، أو التخوف من نوعيتها، مطالبا بعدم التدقيق في مهنة المتقدم للزواج طالما أنها وظيفة ذات مكسب حلال. إلى ذلك، اعتبر القبطان صالح سندي القبطنة من أصعب المهن من الناحية الاجتماعية نظرا لسفره الطويل في البحار والمحيطات ما يصعب من عملية التواصل مع أسرته لمحدودية استخدام الإنترنت، إضافة إلى صعوبة العودة إلى الوطن في حال وقوع بعض الظروف الطارئة التي تتعرض لها الأسرة أو للمشاركة في المناسبات الاجتماعية. وأشار سندي إلى أن مجتمعنا يختلف كليا عن المجتمعات الغربية من ناحية التواصل والتكاتف الأسري بينما المجتمعات العربية لا تقبل تزويج البحارين لأنهم يتغيبون عن أسرهم لفترات طويلة، فالسفر الطويل لايتفق مع بناء أسرة سعيدة. وأكد القبطان علاء الدين شيخ أن لهذه المهنة جوانب من المعاناة بالابتعاد والسفر الطويل عن الأهل وبرفقة مجموعة من البحارة لمدة طويلة ولكنها مهنة تخدم الوطن خاصة من الناحية الاقتصادية والتي تعتمد على النقل البحري وبما فيها من مميزات تختلف عن الكثير من الوظائف من بينها الرواتب المرتفعة. بدوره، قال المستشار التربوي والأسري الدكتور أحمد الشيخي: «قال الله تعالى {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون}.. و كأي مشروع بناء يبدأ بصورة ذهنية ثم يتحول الى مخطط ثم يتم التنفيذ كذلك الزواج، مشيرا إلى أن الصورة الذهنية للزواج تمثل أنموذجا لشريك الحياة٬ ونمط العلاقة الزوجية٬ ومستقبل الأسرة. وأضاف: «في مرحلة التخطيط للزواج يبادر الشاب بالبحث عن نصفه الآخر في مرحلة تنتهي غالبا بالخطوبة، ثم مرحلة التنفيذ المتمثلة في الزواج٬ الذي يبنى على أساس الشراكة الزوجية مدى الحياة ويكون ذلك بالحب والاحترام والتقدير والتعاون والتضحية والإيثار»، لافتا إلى أن هناك شبابا يعملون في قطاعات تتطلب غيابهم عن أسرهم بشكل دوري، قد يجدون صعوبة في القبول بوضعهم أو الرفض حين طلب الارتباط! «فمثل هؤلاء نفخر بهم ويستحقون التقدير والدعم والتشجيع لأن العمل شرف٬ ولأنهم على ثغور يخدمون من خلالها الإنسانية بشكل عام والوطنية على وجه الخصوص». وزاد الدكتور الشيخي: «وكيفما كانت مشقة عمل الرجل٬ فللمرأة نجاحات كثيرة جدا، والمقولة المشهورة: وراء كل رجل عظيم امرأة. تؤكد من خلال نماذج يشهد بها التاريخ أن المرأة لديها المقدرة على صناعة أمجاد أمة فكيف لا تستطيع دعم موظف يعمل في عمل شاق أو بعيد»، مطالبا كل فتاة بألا تجعل ظروف الوظيفة حائلا بينها وبين الزواج من شاب كفء وأن تحتسب الأجر عند الله.
مشاركة :