يعتمد الإعلام المضاد الموجه فى رسالته الإعلامية على تقديم نفسه بالإعلام المحايد البعيد كل البعد عن الصراعات السياسية و المؤسسات و التيارات الفكرية والإيدولوجية ، ويقدم نفسه كناقل للواقع دون تزييف وأنه إعلام الرأى و الرأى الآخر ، وفى سبيل الحيادية المزعومة لا يُرجع الإخفاقات إلى أشخاص بل إلى مؤسسات فعلى سبيل المثال لا يرجع الفساد إلى شخص وسلوك فردى بل يحاول تصويره بأنه مؤسسي فى حين إستحالة أن يكون الفساد مؤسسي لأن الفساد يعتمد على دائرة من الأشخاص قطرها أقل ما يمكن ،اضافة إلى صناعة مؤسسات لحماية إنحيازهم لأشخاص بأعينهم كما لاحظنا فى عهد الإخوان وصناعة مصطلح إعلامى جديد بديلًا عن الرئيس وهو "مؤسسة الرئاسة" بالرغم أن الرئيس هو أهم مسؤول داخلها فتكون المحاباة والمجاملة والدعم بشكل مؤسسي لا فردى ، ويمكن التدليل على ذلك من حديث " هربرت أ . شيللر " فى كتابه " المتلاعبون بالعقول" أن وسائل الإعلام الأمريكية كانت تتناول أخبار المباحث الفيدرالية (FBI) وتصفها بأنها وكالة لا سياسية عالية الكفاءة لتنفيذ القانون ، فى حين أن جهاز المباحث الفيدرالية أستخدم فى الواقع طوال الوقت فى إرهاب وتطويق أى سخط إجتماعى ، ويروج دائمًا الإعلام الموجه للتضليل بأنه لا سيطرة عليه من مؤسسات أو أحزاب أو حكومات وأنه لا وجود لمجموعة أو آراء خاصة من شأنها أن تؤثر على رسالته الإعلامية ، فى حين أن تمويلها يعتمد على تحقيق أغراض وأهداف فالمنطق يؤكد أن لكل سلعة نقود ، فتمويل هذه القنوات والأجهزة الإعلامية يعتمد على تمويل شخصى من أصحاب الشركات المرتبطة بطرق مباشرة وغير مباشرة بشبكة من المصالح ، بالإضافة إلى المساحة الإعلانية التى تعتمد عليها القنوات فى تمويل برامجها التى لا يمكن أن تضاد إتجاه سياسة أصحابها ، فكيف لهؤلاء المدافعون عن النزاهة و الحيادية أن يتجاهلوا طبيعة المصادر الممولة لنشاطهم ؟ ، لذلك فأن الحيادية مصطلح يوصف به الأداء الوظيفى للأنشطة التى ترتبط بأغراض معينة ، فلا نرى تحقيق عن مشكلة قمامة يوصف بأنه حيادى ، بل نرى فى إستطلاع رأى أو تحقيق سياسي يرتبط بصراعات أنه حيادى ، عليه فالحيادية المطلقة مستحيلة فى عالم الإعلام . ومن سياسات الإعلام الموجه المضلل يسعى دائمًا إلى الهبوط بمستوى الطموح إلى أدنى مستوياته ليختزله فى تحقيق سبل المعيشة اليومية لإدراك هـــؤلاء أن ما يؤمن به الإنسان من أفكار ومعتقدات يؤثر فى سلوكه الإنسانى ، فالإيمان و الاعتقاد يساعد على تشكيل الواقع الفعلى ، لذلك يحرص على غرس بذور الإحباط بمتابعة السلوكيات السلبية المحدودة كالفساد و التحرش وغيرها من السلوكيات التى ترفضها الطبيعة البشرية وتصويرها بأنها ظاهرة دون محاولة لمعرفة أسبابها وبالتالى عدم إتخاذ أى خطوات لعلاجها ، بالأضافة إلى تكريس النزعة التشاؤمية التى من شأنها المحافظة على الوضع القائم للمجتمع ، وتكون عزاء لمن يشعرون بالذنب لعدم مشاركتهم الفعالة فى بناء المجتمع ، فالنظرة التفاؤلية التى لا إفراط فيها و التى تعتمد على الإعتراف بالإنجازات و إبراز نقاط الضعف و التحديات هى شرط لا غنى عنه من أجل مشاركة فعالة من شأنها تحويل ما هو ممكن إلى واقع ملموس ، ويرى الإعلام المضاد فى أى تقارير إيجابية فرصة لإثبات حياديته بتقديم هذه التقارير ، ولكنه يعيد تقييمها وتحليلها وتفريغها من مضمونها لإستعادة الوضع الملائم لأهدافهم.
مشاركة :