منذ أن تولى دونالد ترامب سدة الرئاسة وجل تصريحاته عن المال، حتى أنه فقد الحصافة الدبلوماسية، وتسبب في إحراج إدارته قبل حلفائه، بل بلغ به الأمر حد الابتزاز العلني، مخالفاً بذلك الأصول السياسية والدبلوماسية في تعامل الدول وفقاً لمصالحها. لا أعرف ما إذا كان فخامة الرئيس يعلم أن تصريحاته حول حمايته لدول الخليج قيلت عن دراية كافية ومعلومات وافية، أم أنه يعلم حقيقتها ويتعمد تجاهلها بطريقة أقرب ما يمكن وصفها بأنها بلطجة، وبعيدة عن تبادل المصالح التي تعتمد عليها العلاقات الدولية، فقوله إننا موجودون في سورية لحماية دول الخليج، وعليها أن تدفع المال لنا، قول ساذج وبعيد عن الحقيقة، فدول الخليج ليست هشةً كما يدّعي ويصور للعالم، كما أنها دول ذات سيادة، وترتبط بعلاقات واتفاقيات دولية مع معظم دول العالم، ومن مصلحة أميركا وغيرها أن تكون دول الخليج دولاً مستقرة ليس لأنها حليفة أميركا فقط أو لأن ترامب يدعي حمايتها، بل لأن مصلحة أميركا أن تكون كذلك، خصوصا أنها مصدر للطاقة ومن مصلحة أميركا وغيرها من الدول العظمى أن تبقي علاقاتها مع دول الخليج خاصة، علاقات ودية مبنية على تبادل المصالح العليا فيما بينها كدول مستقرة وذات سيادة. فخامة الرئيس وجود جيوشك في المنطقة ليس لأنك رجل محب للسلام وودود لنا، بل وجدت تلك الجيوش لخدمة أميركا وحماية مصالحها، ومتى ما انتهت مهمتها فلن تبقى لحمايتنا، ثم يا فخامة الرئيس ممن تحمينا؟ من الإرهاب الذي صنعتموه لنا؟ أم من سياساتكم التي فرغت العراق من مؤسساته لتخلقوا الفوضى فيه والدمار؟ أم من روسيا التي سمحتم لها بقتل وتدمير سورية؟ أم من إيران التي تركتم لها المساحات العربية لتسيطر عليها وتنفذ أجندتها؟ فخامة الرئيس لقد أصبحت رئيساً لأميركا ولست رئيساً لشركتك الخاصة لتتعامل وفق أهوائك التجارية، فسلفك أضعف هيبة أميركا وجعلها بلا مصداقية، وها أنت اليوم تجعلها دولة مبتزة وكأن من يديرها فتوات لجمع الإتاوة دون مراعاة للقوانين الدولية أو احترام للأعراف الدبلوماسية أو تقدير للمصالح المتبادلة بينكم وبين الدول الأخرى؟ يعني بالعربي المشرمح: ممن تحموننا يا فخامة الرئيس لكي تلزمونا بالدفع لكم؟ هل حمايتكم لنا من سياستكم في المنطقة أم حمايتكم ممن سمحتم لهم باستباحة أراضينا؟ أم من الميليشيات الإرهابية التي زرعتموها في أوطاننا، فكل ما حدث ويحدث لنا هو بسببكم يا فخامة الرئيس، فلا تبالغ في تصريحاتك عن حمايتنا، فلو تركتمونا وشأننا لحمينا أوطاننا ومقدراتنا وكنا في مصاف دولتكم من العلم والتكنولوجيا والأمان، فهل تتركوننا وشأننا يا فخامة الرئيس؟
مشاركة :