أي قدر تستطيع الثقافة رسمه لمجتمعاتنا؟ وهل بمقدورها أن تنتج ديمقراطية؟ و«هل كنا نحلم عندما أيقنا بأن الثقافة تنطوي على مضمون يستطيع تغيير الواقع؟ وأن بممارستها نستطيع تحريك المجتمع وتعديل الوعي؟» تلك بعض الأسئلة، التي يجيب عليها الدكتور إبراهيم عبدالله غلوم في كتابه «الثقافة وإنتاج الديمقراطية»، والذي كان موضوع قراءة وفحص، في ندوة «منتدى البحرين للكتاب»، التي قدمها الناقد السعودي الدكتور معجب العدواني، مساء الأحد (22 أبريل)، في «مركز عيسى الثقافي».في كتابه «الثقافة وإنتاج الديمقراطية»، يقر غلوم «أن الثقافة هي المحرك الأساسي للكيفية التي يتم بواسطتها إنتاج المجتمع»، مضيفا أن وظيفتها الجوهرية «إنتاج الأفكار والمفاهيم الكبرى التي من شأنها أن تجعل المجتمع في حركة دائمة كإنتاج الديمقراطية، والايديولوجيا، والدولة، والاقتصاد، والمفاهيم المتصلة بالسوق، ومفاهيم الحرية والمساواة والعدل، والأطر المنظمة للحياة من قوانين وتشريعات ودساتير... وغير ذلك مما يعتبر أساسًا أولي في حركة أي مجتمع من المجتمعات».لهذا أكد الناقد العدواني في مستهل حديثه، بأن قراءة هذا الكتاب، تفرض قراءة معقدة، انطلاقًا من كونه يخبر ضروبا من الإجابات على أسئلة معقدة بدورها، والتي هي في أساسها «موضوعات إشكالية، وهاجس مشترك.. بذل المؤلف جهدا لبحثه من خلال الدراسات والاشتغالات والاجتهادات المتفرقة، التي تعتبر منجما ثريا لدراسات قادمة»، بيد أن العدواني يؤكد أن الكتاب «لم ينل حقه من الدراسة بعد».ويلفت العدواني إلى أن الباحث غلوم، ارتهن في كتابه هذا، إلى النظريات النقدية الحديثة، «دون أن يفصح عن مصادرها»، ومن فصل الكتاب الأول (هيمنة نسق الاستبداد)، وصولا إلى الفصل الأخير (الثقافة المواتية للديمقراطية)، «حاول الكاتب معالجة الأطروحة المركزية،في إطار يجري تعريف الثقافة فيه على أساس أنها وسيلة وظيفية ترتبط بإنتاج الأفكار والمفاهيم».ما يمكن أن يكونه الكتابيشير العدواني بأن واحدة من أبرز سمات الكتاب محاولته المتكررة الطامحة للإجابة على جملة من الأسئلة الإشكالية التي عالجها بحثا، والمرتبطة بالانساق الاستبدادية، والحراك الثقافي، والخطاب الثقافي بوصفه خطابا ديمقراطيا، والحدث الديمقراطي، والعولمة.. وغير ذلك من«الأسئلة التي تبرز مشكلتها في اتساعها، وحاجة كل سؤال إلى إجابات لا يكفيها كتاب واحد»، كما يقول العدواني، مؤكدا«لو اقتصر الكتاب على فصله الأول (الثقافة العربية.. هيمنة نسق الاستبداد)، لكان كتابا فارقا في نقد الفكر العربي».غير أن العدواني يلفت إلى كون الكتاب شمل دراسة وتفكيك مختلف الأطاريح، كإطروحة أركون، والجابري، والأنصاري، وأدونيس، العروي، والغذامي.. وغيرهم ممن تناولهم الباحث غلوم، «بيد أن تناول جهود هؤلاء الباحثين، يحتاج هو الآخر لكتاب مستقل»، كما يضيف العدواني، الذي يسجل انطبعا يشر إلى أن «أفكار الكتاب عامة، تميل إلى إعمال الإصلاح، عوضا عن التغيير المفاجئ، ذلك أن الإصلاح التدريجي، له نتائجه الايجابية على المجتمع، ولذلك كانت محاولة الخوض في الاستبداد، خطوة أولى لتحرير الوعي من تلك الشوائب المتراكمة في تراثاتنا العربية الإسلامية».إذ يلفت غلوم، كما ينقل العدواني، إلى أن التحولات الحادثة في بواكير التغيير في الحياة العربية الإسلامية، «قد تكون السبب في غياب فكرة الديمقراطية أو سببا من أسباب تراجعها، إلا أنها -من منظور نفعي- سببا في المحافظة على بناء الدولة، ومقاومة عوامل الإنحلال والسقوط».بين مفهومي (العامة) و(الجماهير)يشير العدواني في حديثه إلى أن الكتاب«يقترح في بعض فصوله النمو الثقافي، بوصفه مدخلا للنمو الديمقراطي «معلقا» هذا ما يجب أن تعمل عليه المؤسسات المدنية، إلا أن مثل هذا النمو غير مستقر في الأنظمة الشمولية»، مضيفا «إن باكورة إنتاج الديمقراطية، جاءت بأمر حاكم مستبد»، وعليه يتساءل «هل الثقافة العربية بحاجة إلى حاكم كذلك لإنتاج الديمقراطية؟».للإجابة على ذلك، يبين العدواني بأن «هناك إشكالية في الثقافة العربية، تتصل بإشكالية وجود الجماهير فيها. فمفهوم الجماهير لم يحضر في الثقافة العربية إلا حديثا، بينما هو موجود في الثقافة الغربية منذ القدم»، موضحا الفارق بين مفهومي (جماهير) و(عامة)، «مفهوم الأخير، شاع في الثقافة العربية، بينما شاع مفهوم (الجماهير) في الثقافة الغربية، وهنا نلفت إلى الدلالات التي يحملها هذان المفهومان، إذ يشير مفهوم (العامة) لإمارات التشتت والضعف وسهولة السيطرة والتحكم، أما دلالة مفهوم (الجماهير) فيشير للقوة والترابط، لهذا وجد في الفكر الغربي من المفكرين، مثل مايكافيلي، يسعى لتعليم الحكاكم، كيفية تطويع هذه الجماهير».ويؤكد العدواني إن «الوعاء الزمني الذي استوعب كلا المفهومين، متباين بين الغرب والشرق.. إذ شاع مفهوم (العامة) في الخلافة الإسلامية، بينما استقر مفهوم (الجماهير) في البدان الغربية. وقد توقف (العامة) عن إنتاجية الثقافة، فيما واصل (الجماهير) توليدها وصولا لتوليد مفاهيم تتصل بالحضارة».الثقافة وحدها لا تنتج ديمقراطيةيؤمن العدواني بأن «البناء الثقافي فقط، لا يكفي للوصول إلى الديمقراطية... إذ لا يمنع أن تقام ديمقراطيات في بلدان نسبة مثقفيها قليلة، فالانظمة الديمقراطية أو غير ذلك، هدفها تقنين المجتمع، والتحكم به، لهذا فالإنسان في العالم الغربي، ليس حرا بالكامل، إنما هو (شبه حر)»، لهذا فكتاب غلوم «ركز على الثقافة وإنتاج الديمقراطية، وحاولت فصول الكتاب أن توجد علاقة بين الديمقراطية والمجتمع، عبر التعمق في الأدب بأشكاله المختلفة، والأنشطة الثقافية، وجميعها تفضي إلى إجابة على إطروحة الكتاب المرتكزة حول إنتاج الديمقراطية»، غير أن الإشكالية هنا كما يقول العدواني «إن الكتاب أقام علاقة بين الثقافة والديمقراطية بشكلها الليبرالي، على الرغم من أن هناك أنواعا من الديمقراطيات»، متسائلا«ما سبب الصدام بين ديمقراطية يتبناها بلد، وبلد آخر يتبنى ديمقراطية مختلفة؟».ولأن السياسة وحدها «لا يمكن أن توفر ما تتطلبه الفاعلية الديمقراطية»، يؤكد العدواني «أن الثقافة -وحدها- لا تستطيع ذلك»، لهذا يدعو «لإيناع نبتة الديمقراطية وإيجاد البنى القادرة على نموها»، منتقدا «إهمال المؤلف للمقارنات الثقافية لتراثات الأمم الأخرى، إذ لو نظرنا للثقافة الغربية، سنجد بأنها معين لا ينضب من الانتهال من ثقافات العالم المختلفة». مؤكدا «إن مستقبل الثقافة وما ينتج عنها، يقوم على الاعتراف بالنقد وبالآخر».وختم العدواني بالتأكيد على أن «الكتابات الإبداعية والنقدية، كتابات طامحة للحرية، وهذا جزء من الجنة التي نتوسلها بكتاباتنا والتي نسميها (ديمقراطية)».بين ديمقراطيتين، الواقعية، والأدبيةالدكتور إبراهيم غلوم، قدم مداخلة أكد فيها بأنه كان دائما ما يستنشق في النصوص الأدبية، بدائل لهذه الحرية الغائبة،«وأشعر بسعادة غامرة، عندما يمتلئ أنفي برائحة هذه الحرية المتغلغلة في النصوص، كأني أهجس، ربما يحدث ذلك، وربما لا، على أرض الواقع.. ولعله يحدث في يوم من الأيام».وأضاف غلوم «لقد تطرقت لمسألة الثقافة وإنتاج الديمقراطية في كل مؤلفاتي»، مبينا أن العقل الأدبي في البحرين، كان مرشحا لإنتاج الديمقراطية، لكن واجهته العديد من المعوقات والارتدادات، كما واجهت المثقفين العرب، يقول غلوم ويتابع «في الحقيقة كنت متفائلا، في الفصل الأخير من كتابي، والذي جاء تحت عنوان (الثقافة المواتية للديمقراطية)، بأن الديمقراطية على الأبواب، غير أني عندما اقرأ الكتاب اليوم، وأمر ببعض فصوله، أشعر بحزن كبير».ويؤكد غلوم «سأبقى أحلم بعالم ديمقراطي.. هذا العالم الذي وجدته فعالا في النصوص الأدبية، ومغيبا فيها»، متابعا «كانت حقبة الستينيات والسبعينيات، في البحرين، حقب مؤسسة لهذا الفضاء الثقافي الحر، بيد أنها انتهت للأسف».حارس العشق الإلهيتأليف: أدهم العبوديكنت أعرف أنه لا ملائكة على الأرض غيري، وكل ما يحدث سلبا له تفسير حتمي، أرقني كثيرا من ذي قبل التفكير في التفسير، لكن مصلا ما، يأتي في وقت ما، تفرضه منظومة الحياة ذاتها، عندما نعاني من التخبط وعدم الاحتمال، مصلا يجيء في صورة نسيان، عدم اكتراث، أو حتى في صورة زهد عن الحياة... تاريخ الفلسفة الأوروبيةتأليف: يوسف كرميتناول الكتاب مرحلة مهمة من تاريخ الفلسفة، ألا وهي الفلسفة الأوروبية في العصر الوسيط، وقد استهل الكاتب كتابه بمقدمة أوضح فيها المراحل التي مرت بها آنذاك والتي عرفت باسم «الفلسفة المدرسية». وقد قسم الكتاب إلى أبواب وفصول عرضت الملامح التي تألفت منها تلك المرحلة الجذرية من تاريخ الفلسفة. التصوفتأليف: أبوالعلا عفيفيلم كان التصوف صفحة تتجلى فيها روحانية الإسلام، وتفسيرًا عميقًا لهذا الدين، في مقابلة التفسير العقلي الذي وضعه المتكلمون والفلاسفة، والتفسير الصوري الذي وضعه الفقهاء، يبرز هذا الكتاب بعض معالم الصورة التي يتلخص فيها موقف الصوفية من الدين والله والعالم...
مشاركة :