ساعدت القيود المفروضة على إنتاج «أوبك» في تقليص مخزونات الخام العالمية بالدول الصناعية من مستواها المرتفع، البالغ 350 مليون برميل فوق متوسط 5 سنوات، إلى مستوى منخفض قدره 50 مليون برميل فوق ذلك المتوسط. ودفع شح الإمدادات في السوق أسعار النفط فوق الـ 70 دولاراً للبرميل هذا العام. ويرى بعض المتخصصين أن الوقت قد حان للاستثمار في القطاع النفطي منعاً لحدوث أي صدمات سعرية على المدى الطويل. التحقيق التالي يحمل المزيد من التفاصيل: في البداية، أيد صاحب مبادرة تحويل الكويت عاصمة عالمية للنفط، م. أحمد العربيد، فكرة ضرورة الاستثمار في القطاع النفطي بشكل عام، على أن يكون الاستثمار شاملا كل أنواع الطاقة، سواء كانت في النفط أو في الطاقات المتجددة، وألا يقتصر ذلك الاستثمار في الجانب التشغيلي فقط، بل يمتد الى عمليات البحث والتطوير. وقال العربيد إن أسعار الخام ليست لها قيود أو طريقة محددة، فهى تتقلب كما تشاء وما يحكم ذلك الدول المنتجة والأخرى المستهلكة؛ لافتا الى أن منظمة الدول المنتجة والمصدرة للنفط (أوبك) تلعب دورا مهما منذ إنشائها في الدفاع عن أسعار مناسبة للخام، فضلا عن التوعية المستمرة التي قامت بها لمصلحة المهتمين بالصناعة النفطية. وأشار العربيد الى أنه يجب التوقف والنظر بعناية الى النفط الصخري، لاسيما أن دولة جارة لديها الآن كميات كبيرة من النفط الصخري، وتعمل على تطوير هذا النوع من النفوط. ولفت الى أننا بحاجة الى المزيد من تطوير الطاقة، لأن العالم يتكاثر وتزداد الحاجة الى الطاقة بجميع أنواعها، لافتا الى ضرورة الوعى بعدم وجود ما يسمى بحرب الطاقة. من جانبه، قال حمزة بخش، وهو أحد المهتمين بشؤون الطاقة: أعتقد أن ما فعلته منظمة أوبك لضبط أسعار الخام في الفترة الأخيرة يعد إنجاز كبيرا، لأن الاتفاق مع أكبر دولة منتجة للنفط من خارج "أوبك"، وهي روسيا في خفض الإنتاج، والتي تسابق الولايات المتحدة الأميركية على المركز الأول في الإنتاج. تنسيق كامل وأشار بخش الى أن الوصول الى السعر الحالي للخام، الذي يفوق 65 دولارا للبرميل يعد شيئا جيدا، والأهم من ذلك هو مواصلة الاستثمار في القطاع النفطي حتى يستطيع المنتجون الحفاظ على مستويات مناسبة ومقبولة للأسعار، وهو الهدف الرئيس من إنشاء منظمة أوبك. ولفت الى ضرورة التنسيق الكامل بين كافة الدول المنتجة للحصول دائما على أسعار عادلة للخام، على ألا تتم المبالغة في الأسعار حتى لا يقل الطلب على الخام على المدى الطويل. وعلى العكس من ذلك، فإن الخبير النفطي كامل الحرمي يرى ضرورة الخروج من دائرة الاهتمام بالنفط والبحث عن بدائل استثمارية أخرى إذا كانت هناك جدية في إيجاد فرص استثمارية أخرى يتم الاعتماد عليها في الدخل القومي للبلاد. وقال الحرمي إنه حان الوقت للبحث في استثمارات بقطاعات جديدة للطاقة للاستثمار فيها؛ مبينا ضرورة استغلال مدخول النفط في صناعات أخرى خارج نطاق النفط. من جهته، أكد الخبير النفطي أحمد كرم أن الاستثمار في النفط يضمن عدم تأثر الأسعار على المدى الطويل، حيث إن ذلك الاستثمار يحافظ على استمرارية الأسعار الحالية، لأن أسعار الخام تتأثر بعوامل أخرى، مثل زيادة المعروض، أو الركود الاقتصادي، أو زيادة إنتاج الطاقة البديلة التي ستعمل حتما على تأثر أسعار النفط سلبيا. حاجة ملحة وقال كرم إن تعاون دول "أوبك" المنتجة للنفط مع الدول من خارجها بشكل يضمن مصالح كافة الأطراف يعمل على استقرار الأسواق كافة، لأن هناك دولا تنتج كميات كبيرة مثل الولايات المتحدة وكندا والبرازيل، فهذه الدول إذا لم يتم التنسيق معها لمصلحة كافة الأطراف من الممكن أن تلعب في الأسعار، الأمر الذي قد يضر بمصالح الدول المنتجة، خاصة دول الخليج التي تعتمد في المقام الأول في مدخولاتها على إنتاج النفط. من ناحيته، قال رئيس لجنة الطاقة المتجددة في جمعية المهندسين، د. بدر الطويل، إن الاستثمار في القطاع النفطي أصبح حاجة ملحة، لكونه يحافظ على أسعار مناسبة، فضلا عن أنه يعمل على توفير وظائف جديدة للكوادر الوطنية المتخصصة في المجال؛ مبينا ضرورة حفاظ منظمة أوبك على التعاون مع روسيا، لاسيما أنها تعد من الدول المهمة في مجال الإنتاج من خارج "أوبك"، مما يساهم في الحفاظ على أسعار عادلة للخام. وأيد الطويل فكرة الإبقاء على القيود الحالية المفروضة على الإنتاج لضمان استمرار الأسعار الحالية وعدم حدوث صدمة على المدى الطويل، مثل ما حدث في السنوات القليلة الماضية، مشيرا الى أن هذه السياسة تعمل على امتصاص الزيادة في المعروض.
مشاركة :