عندما تتصارع الفيَلة يدفع العشب (الشعب) الثمن

  • 4/29/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

أؤمن بالمثل الهندي المعروف الذي يقول :»عندما تتصارع الفيلة يدفع العشب الثمن». فهذا المثل ينطبق من دون شك على الأوضاع المأسوية في الشرق الأوسط. فـ «العشب»، إذا صح التعبير، هو شعوب الشرق الأوسط المغلوبة على أمرها والتي تُسحق تحت أقدام الفيلة ـ روسيا والصين ودول الاتحاد الأوروبي وأميركا. ويكفي لاستيعاب هذه الحقيقة النظر إلى الأوضاع المأسوية التي تزداد خطورتها يوماً بعد يوم في المنطقة العربية (حلبة صراع الفيلة) نتيجة اشتداد هيمنة «الفيلة» لتحقيق مصالحها، ودعمها اللامحدود لسياسات الأنظمة (...) التي أدخلت المنطقة في مأزق ينذر بعواقب وخيمة جداً، بعد أن دفعها إلى دوامة صراعات جديدة، ضد مصالح الشعوب وطموحاتها إلى توطيد استقلالها وبناء أنظمة حكم ديموقراطية حقيقية وتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية ورسم سبل تطورها المستقل. لقد شهد العالم في بداية 2007 معركة سياسية وديبلوماسية قادتها روسيا وحليفاتها (الصين وبعض الدول الأوروبية والعربية والإقليمية) لإقامة نظام عالمي متعدد الأقطاب، وذالك لإنهاء النظام العالمي الأحادي القطبية بقيادة الولايات المتحدة والتي تعد منطقة شرق الأوسط ذات أهمية استراتيجية بالنسبة إلى سياستها الخارجية، إدراكاً من تلك الدول لخطورة انفراد أميركا بتقرير مصير العالم، وتحديداً دول العالم الثالث (الغارقة في الديون والدماء والغنية بالنفط والثروات المعدنية والطبيعية) والتي تُنهب ثرواتها على يد احتكارات الدول الرأسمالية المتطورة وفي مقدمها الولايات المتحدة من جهة، ولأهميتها النفطية والجيوسياسية- الاقتصادية من جهة ثانية، باعتبارها القطب الأوحد بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وأكبر قوة اقتصادية وعسكرية في العالم. إضافة إلى إعاقة التنمية فيها ومنع تطور اقتصادياتها. وعليه نرى أن ظاهرة المديونية الخارجية لدول الشرق الأوسط تتفاقم يوماً بعد يوم وتزداد أخطارها على تطور الاقتصاد والمجتمع في هذه البلدان، الغنية بثرواتها والفقيرة بتفكير أنظمتها، والتي رضخت ولا تزال للشروط المجحفة لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي الخاضعين لسيطرة الإمبريالية الأميركية ورأس المال الاحتكاري، بما يتناقض مع مصالح شعوبها من أجل الخلاص من التبعية ومن نهب ثرواتها الوطنية. ونتيجة صراع الفيلة (القوى الكبرى) استطاعت كل من إيران وتركيا الاستفادة من السياسة الخاطئة التي تمارسها أميركا من جهة وروسيا من جهة أخرى في منطقة الشرق الأوسط لفرض هيمنتهما على المنطقة في شكل عام وفي سورية والعراق في شكل خاص، والاستفادة من خلاف المصالح بين الفيلين الأميركي والروسي. خلاصة القول: إن الدول الإقليمية والعربية المتحالفة مع روسيا لها مصالحها وأجندتها الخاصة بها، بالضبط كما الدول المتحالفة مع أميركا. وعليه فإن الاستقرار في المنطقة لا يمكن أن يضمنه لا الفيل الروسي ولا الفيل الأميركي، إلا بمقدار ما يضمنان من المصالح لهما ولحلفائهما في المنطقة. أما الشعوب فستبقى ضحية صراع الفيلة. والأسئلة التي تطرح هنا: منذ عقود والشعوب السورية تموت وتُقتل وتُباع بأبخس الأثمان على يد النظام البعثي السوري، والإدارة الأميركية لا تحرك ساكناً، وكأن الأمر لا يعنيها، فهل استخدام السلاح التقليدي من قبل الأسد الأب والابن في سورية حلال واستخدام السلاح الكيماوي في دوما حرام؟ لماذا ظهر اهتمام الفيل الأميركي بسورية الآن فقط؟ ألم يتجاوز الأسد لكل خطوط أوباما الحمر في السنوات الماضية؟ وما الفرق بين همجية ودموية النظام السوري والإيراني والتركي بحق شعوبهم وشعوب المنطقة؟ وإلى متى تستمر مسرحية صراع الفيلة باسم الحرية والديموقراطية في الشرق الأوسط؟ وماذا يستفيد الفيل الروسي من بقاء الأسد والمحور الشيعي الداعم له في السلطة؟ لماذا سكتت واشنطن وتواطأت موسكو وشاركت في جرائم تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي في سورية؟ من يغذي الصراع الدائر حالياً في سورية والعراق والمنطقة في شكل عام ولماذا؟ من هو بديل الأسد الذي تعمل روسيا في الخفاء على إيجاده كي تضمن نفوذها في سورية بعد رحيل الأسد؟ لماذا لم توجه القوات الأميركية والفرنسية والبريطانية ضربة عسكرية للأسد في عام 2013، أي قبل دخول روسيا إلى حلبة اللعبة بكامل ثقلها؟ ألم تتوسع مطامع تركيا وإيران في سورية والعراق بعد تخلي أميركا عن الدعم الحقيقي لـ «روزافا»- غرب كردستان وإقليم كردستان)؟ لماذا دعمت روسيا في شكل مباشر ما قام به الجيش التركي المحتل في مقاطعة عفرين من القتل وتدمير البنى التحتية بصورة ممنهجة، إضافة إلى اجتياح إقليم كردستان وقصف القرى الآمنة بحجة محاربة الإرهاب؟ ما هو الثمن الذي يجب على التحالف الدولي دفعه لموسكو للتخلي عن الأسد؟ وأخيراً ما فائدة استخدام الصواريخ والقنابل الذكية التي تستهدف الأبرياء بدل إسقاط الأنظمة الوحشية والغبية والديكتاتورية المتسلطة على رقاب شعوبها؟

مشاركة :