تتنوع أساليب الدعاية الانتخابية لمرشحي الانتخابات العامة في العراق والمقررة في 12 أيار (مايو) المقبل، بين ما هو «متاح وشرعي، وبين ما يمكن وصفه بـ «الأسلوب التسقيطي» أو الدعاية المضادة والتي غالباً ما تكون بطرق يصعب رصدها من قبل مفوضية الانتخابات. واللافت في انتخابات العام الحالي، هو اتساع ظاهرة ما يعرف بـ «الجيوش الالكترونية» التي بدأت تتبع الأسلوب المنظم في تنظيم الدعايات «المباشرة» و «المضادة»، ولا يكاد يمر يوم من أيام الدعاية الانتخابية إلا وتنشغل مواقع التواصل الاجتماعي بـ «فضيحة أخلاقية» أو اتهامات بالفساد لهذا المرشح أو ذاك أو إظهار تسجيلات قديمة لبعض القادة والمرشحين تثبت تناقض مواقفهم أو تراجعاً عن وعود سابقة. وقال رئيس الدائرة الانتخابية في مفوضية الانتخابات، الدكتور رياض البدران، لـ «الحياة» إن «المفوضية لديها فرق جوالة وأخرى مختصة لمراقبة وسائل الإعلام ورصد المخالفات في الحملات الدعائية للمرشحين». وبين أن «المفوضية ستتولى اتخاذ الإجراءات القانونية بحق كل من يخالف الضوابط المحددة للحملات الدعائية». وأشار البدران الى أن «العقوبات التي فرضت حتى الآن كانت مالية، تتعلق باستباق موعد الدعاية»، لكنه أقر بصعوبة مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي، التي غالباً مم يتم بث الدعايات أو الإشاعات «المخالفة للقوانين» من طريق صفحات غير رسمية. وإذا كانت صفحات التواصل الاجتماعي توفر منصات إعلامية مجانية للمرشحين بالفعل، إلا أنها في العراق تنشغل بالمساجلات والحروب الكلامية، بعضها يهدف الى زيادة شعبية مرشح معين أو النيل منه، فيما تستغل صفحات كثيرة هذا الموسم الانتخابي، لكسب المزيد من الجمهور والمتابعين. ووفق المدون على موقع التواصل الاجتماعي (فايسبوك)، احمد السعدي، فإن «بعض الصفحات المشهورة في الموقع تلقت مبالغ ضخمة لدعم حملات بعض المرشحين وصلت الى 50 ألف دولار فيما تلقت صفحات أخرى مبالغ أقل من هذا المبلغ». وقال السعدي لـ «الحياة» إن «هذا الموسم الانتخابي يشهد ظهور صفحات جديدة بعضها بأسماء المرشحين بغرض النيل منهم والبعض الآخر يستغل الحرب الإعلامية ويستخدم وسم «هاشتاك»، الانتخابات بغرض توسيع الصفحة والاستفادة منها بعد الانتخابات». وأشار الى أن «أحزاباً سياسية تفضل استخدام قراصنة التواصل الاجتماعي لاختراق الصفحات ونشر الدعايات أو الفضائح من دون أن تكون هي في الصورة». وبعيداً من العالم الافتراضي الذي يوفر هامش حرية أكبر من الواقع الحقيقي، تشهد شوارع البلاد وساحاتها العامة نوعاً آخر من الدعايات و «الحروب» تتمثل في الملصقات و«البوسترات» الكثيرة حيث قدرت بعض الجهات المتخصصة كلفة دعايات الكتل هذا العام بنحو 7 بلايين دولار على أقل تقدير. وكانت المفوضية العليا للانتخابات حددت السقف الأعلى للإنفاق على دعاية المرشح الواحد، مثلاً في بغداد بمليون دولار، وللقائمة بـ144 مليون دولار، فيما حددت نسب الإنفاق في محافظة البصرة بـ350 ألف دولار وللقائمة الانتخابية بـ16 مليون دولار. وعلى الرغم من ذلك، قالت الخبيرة الاقتصادية سلام سميسم إن «الدعايات الخاصة برؤساء الكتل والأحزاب السياسية قد فاقت هذا المبلغ حتى أن بعض المعلومات تحدثت عن تخصيص أحد رؤساء الكتل لـ 27 مليون دولار كدعاية شخصية له فقط والأمر ذاته يحدث مع رؤساء الكتل الآخرين»، وأشارت إلى أن «مبلغ 7 بلايين دولار بمثابة موازنة خاصة وهو يعادل موازنات بعض البلدان»، مشددة على أن «جميع تلك الأموال تعد من أموال الشعب والتي استحوذت عليها تلك الأحزاب من طريق الفساد المتنوعة خلال السنوات السابقة». وتتعرض الملصقات والإعلانات الانتخابية في الشوارع لحملة تشويه وإزالة مستمرة، يرى بعض المراقبون انها «عفوية» تعبر عن السخط الشعبي من الأداء السياسي للطبقة الحاكمة منذ عام 2003، فيما تؤكد بعض الأطراف السياسية انها حملات مدبرة من قوائم انتخابية منافسة. وقال المحلل السياسي، واثق الهاشمي، انها «بداية الشروع في العمل الانتخابي لا تبشر بخير،... فمن اليوم الأول الذي علقت فيه الدعايات الانتخابية للمرشحين تم تمزيقها». وأضاف، أن «عملية استهداف الدعايات الانتخابية وتمزيقها تصب في اتجاهين، الأول قد يكون نقمة من الناس على السياسيين... الآخر هو تمزيق مبرمج . فمثلاً تم تمزيق صور الحملة الدعائية لإياد علاوي في مناطق تطغى عليها الصفة الشيعية بشكل مقصود ومتسلسل في حين لم تمزق صور مرشحين من كتل أخرى». وتابع: «وفي مناطق أخرى كان هناك تمزيق لصور سياسية شيعية وهذا الأمر كان مقصوداً أيضاً، كون أن المرشحين السنة لم تمزق صورهم». واعتبر الهاشمي أن «اللجوء الى هذه العملية هدفه تصعيد الوضع طائفياً وقومياً»، مؤكداً أن «الانتخابات هي صاحبة كلمة الفصل في النهاية، واللجوء الى هذا الأسلوب غير مقنع وغير مرضٍ».
مشاركة :