واشنطن:الخليج كان شهر إبريل نيسان يلملم أطرافه في عام 2015 وفي هذا الوقت كانت تجري مفاوضات مضنية بين قطر والخاطفين الذين اختطفوا رهائن قطريين كانوا في رحلة صيد في العراق والى هنا يبدو الأمر عادياً، ولكن ما أظهرته الرسائل التي حصلت عليها صحيفة واشنطن بوست تظهر كيف أن قطر مولت الإرهاب عبر عمليات الفدية التي دفعتها لجهات عدة من بينها حزب الله العراقي وقائد الحرس الثوري الايراني قاسم سليماني الذي يرمز له في المراسلات ب«قاسم» وجماعة جبهة النصرة السورية ولإتمام الصفقة التقى مسؤولون من قطر مع ممثلين للمرشد الإيراني علي خامئني.وكانت صحيفة واشنطن بوست نشرت رسائل حصرية مسربة تكشف أن قطر دفعت مبالغ طائلة بمئات ملايين الدولارات لإرهابيين في العراق، لأجل الإفراج عن عدد من مواطنيها وأفراد من الأسرة الحاكمة اختطفوا في العراق 2015.وتوضح المراسلات، أن صفقة تحرير الرهائن، كانت تقوم على دفع 150 مليون دولار نقداً للأشخاص والجماعات الذين لعبوا دور الوساطة لتحرير الرهائن، وهم أشخاص تدرجهم الولايات المتحدة منذ مدة طويلة في خانة الإرهابوبحسب الصحيفة، فإن دبلوماسيا قطرياً كبيراً بعث برسالة إلى رئيسه في شهر إبريل/ نيسان، أي في الشهر السادس عشر من اختطاف 25 قطرياً، وقال فيها إن الدوحة تعرضت للسرقة.في البداية، بدا أن الدبلوماسيين القطريين يكافحون من أجل فهم ما أراده الخاطفون. بعد صمت محير في الأسابيع الأولى من المحنة، تحدث مسؤولو كتائب حزب الله مباشرة إلى السفير الخيارين لمناقشة إمكانية إطلاق سراح اثنين من الأسرى، في الوقت الذي أصدروا فيه مطالب مربكة.وبحسب الصحيفة،قال السفير القطري في العراق الخيّارين، رداً على المحادثات الهاتفية مع مفاوض كتائب حزب الله، لوزير الخارجية القطري إن المسلحين طلبوا منه «إحضار الأموال» مقابل الرهينتين. لكن فيما بعد، طلب الخاطفون من خلال وسيط عراقي تقديم تنازلات أخرى يبدو أنها تهدف إلى استفادة إيران بانسحاب قطر الكامل من التحالف العربي الذي تقوده السعودية التي تقاتل المتمردين الحوثيين في اليمن، ووعد بإطلاق سراح الجنود الإيرانيين الذين تحتجزهم الجماعات السنية المدعومة من قطرفي سوريا.لكن بعد فترة وجيزة، يصبح المال هو التركيز الأساسي. في التبادلات النصية والمحادثات الهاتفية، يناقش المسؤولون القطريون في البداية دفع 150 مليون دولار إلى كتائب حزب الله إذا تم إطلاق سراح جميع الرهائن، مع رسوم إضافية قدرها 10 ملايين دولار إلى وسيط عراقي للمجموعة تم تحديده باسم أبو محمد السعدي. كانت هذه أولى المناقشات حول الدفعات الجانبية المحتملة لمسؤولي الميليشيات والوسطاء، الذين طالب بعضهم بأموال إضافية من القطريين بينما كانوا يطلبون في الوقت نفسه منحهم سلطة تقديرية حتى لا يكتشف إخوانهم في الميليشيات أنهم يحصلون على مكافآت.مع استمرار الخلافات خلال ربيع عام 2016، ألقيت أرقام متباينة بشكل كبير حيث نما فريق المحاورين ليشمل سليماني وغيره من كبار المسؤولين الإيرانيين. في شهر مايو/ أيار، أخبر السفير الخيارين رئيسه بأن المفاوضين وصلوا إلى مبلغ 275 مليون دولار، مع إجراء الصفقة في محافظة السليمانية بالعراق. ويقول الخيارين في رسالة نصية في إبريل/ نيسان 2016 «كان قاسم يضغط على الخاطفين»، وفي وقت لاحق، تصف نصوصه رحلات سليماني للالتقاء بمجموعة كتائب حزب الله في العراق، بالإضافة إلى لقاءات بين مفاوضين قطريين وممثلين عن الحرس الثوري الإسلامي ومكتب الزعيم الإيراني علي خامنئي.ووافقت قطر في إبريل على دفع 275 مليون دولار على الأقل، لأجل الإفراج عن 9 أفراد من الأسرة الحاكمة و16 مواطنا آخرين تعرضوا للاختطاف أثناء رحلة صيد في العراق.وقالت «واشنطن بوست» إنها تأكدت من دفع القطريين أموالا للإرهابيين، بناء على رسائل بين المسؤولين القطريين.وتضم الأطراف الوسيطة في الملف القطري كلاً من الحرس الثوري الإيراني وكتائب حزب الله، إضافة إلى جماعة عسكرية متورطة في هجمات دامية ضد القوات الأمريكية في العراق.وتضيف «واشنطن بوست» أن دفع تلك الأموال لم يكن سوى جزء من صفقة أكبر شملت حكومات العراق وإيران وتركيا، فضلاً عن ميليشيات حزب الله اللبنانية وفصيلين اثنين من المعارضة السورية، بما في ذلك جبهة النصرة.وجراء دخول عدة أطراف على الخط، ارتفع المبلغ المطلوب للإفراج عن الرهائن إلى مليار دولار، وتوضح الصحيفة الأمريكية أن الوثائق لا تكشف التكلفة النهائية لإتمام العملية.وأقرت قطر في وقت سابق بأن عدة دول ساعدتها لأجل تحرير الرهائن، لكنها نفت أن تكون قد دفعت أموالاً لجماعات إرهابية في سبيل إتمام الصفقة، وبعث مندوب قطر لدى واشنطن، مشعل بن حمد آل ثاني، الشهر الماضي، رسالة يدين فيها حديث صحيفة «نيويورك تايمز» عن الموضوع مشدداً على عدم دفع قطر أي فدية.ولا تنفي الرسالة في الواقع أن تكون قطر قد دفعت مالاً لأجل إنهاء الأزمة، لكنها تشير إلى أن من تلقوا المبالغ كانوا مسؤولين حكوميين، وأشارت الوثيقة إلى ما قيل إنها مبادرة قطرية لأجل تقوية العلاقات مع العراق وضمان الإفراج عن المخطوفين.في المقابل، تظهر الوثائق التي حصلت عليها «واشنطن بوست»، أن المال دفع بالفعل للإرهابيين، وأظهرت أن مسؤولين قطريين وقعوا على دفع مبالغ تتراوح بين 5 و50 مليون دولار لمسؤولين عراقيين وإيرانيين وميليشيات، فضلا عن 50 مليون دولار لشخص أشير إليه بقاسم، أي قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني وهو أحد أبرز اللاعبين في صفقة الإفراج عن الرهائن.وكتب السفير القطري لدى العراق، زايد بن سعيد الخيارين في رسالة موجهة إلى «كتائب حزب الله» ستصلكم أموالنا حين نستلم أهلنا - في إشارة إلى المخطوفين.ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مسؤول مطلع على خفايا المراسلات، دون ذكر اسمه، أن الأرقام المذكورة في الرسائل ليست دقيقة بشكل تام، إذ جرى تعديلها حتى تكون مضللة بشأن ما جرى دفعه، لكن الثابت بحسب قوله هو أن مئات الملايين من الدولارات تم شحنها إلى بغداد في إبريل/ نيسان 2017.
مشاركة :