تحاول مدينة سلا المغربية رغم ثرائها بالمزارات التاريخية والآثار ووجود العديد من الأماكن التي تشتهر بها المغرب استقطاب المزيد من الزائرين، وتفتح أمام السياح وجهة سياحية تفوح منها روائح الأصالة والطابع المغربي العريق، وتقدم لهم هدايا تذكارية تشهد على حيازتها لأروع الحرف اليدوية. تعتبر المدينة المجاورة للعاصمة المغربية الرباط مدينة سياحية تحظى بتنوع مثير للإعجاب من الكنوز التاريخية، حيث يفصل نهر أبورقراق بين مدينة سلا التاريخية التي تمتلئ بالآثار والمزارات، والرباط. ويحيط مدينة سلا القديمة سور منيع ويعتبر أحد الحصون الدفاعية الأولى للمدينة، والذي بُني عبر حقب تاريخية مختلفة، وتم تدعيمه بأبراج عظيمة لحماية المدينة من غارات الأساطيل الأجنبية. وبمجرد دخول المدينة، تجد باب المريسي، وهو أكبر باب تاريخي بالمغرب بني في مدينة سلا والمعروف أيضاً باسم “باب الملاح”، الذي يؤدي إلى الحي الذي اعتاد اليهود المغاربة العيش فيه. ولا تزال أعداد قليلة جداً من اليهود يعيشون في المدينة كما هو الحال في جميع الملاحات في المدن المغربية القديمة. وبينما تبدو المدينة هادئة في ظل وجود بعض السائحين الذين يجوبون شوارعها، راعني مشهد المنازل المتهدمة، عندما كنت أمشي في أزقتها، والتي كانت بحاجة ماسة إلى ترميمها. أروع الحرف اليدوية أروع الحرف اليدوية ومع ذلك، بمجرد أن اقتربت من شارع مدينة سبتة، اصطدمت بالطابع التقليدي للمحلات والأسواق القديمة حيث كانت ألوان الفواكه والخضروات الطازجة والزيتون والتوابل تزين الشارع المزدحم. وكانت رائحة الفطائر المغربية الطازجة والمعروفة أيضا باسم “مسمن” لا تُقاوم لدرجة أنني توقفت قليلا لتناول البعض منها قبل زيارة الأسواق الشهيرة بالمدينة. وتشتهر المدينة بـ”سوق الكبير”، الذي كان سوقا للعبيد المسيحيين، والمتخصص الآن في بيع الأقمشة والملابس التقليدية، مثل النعال والجلباب. أما سوق “الغزل” فهو أكبر ميدان في المدينة، يتكون من التجار المختصين في بيع الملابس الجاهزة والأواني المنزلية الفضية والنحاسية، إلى جانب بعض الأشياء المستعملة والتحف النادرة من بعض المصنوعات التقليدية الإبداعية المهددة بالانقراض، إلى غيرها من ضروريات العيش وكمالياته. وتعرف مدينة سلا بمسجدها الأعظم المسجد الكبير، وهو ثالث أكبر مسجد في المغرب بعد مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء والقرويين في فاس، وثاني أقدم مسجد بعد القرويين. لقد شعرت بالفخامة المعمارية للموحدية عندما دخلت المسجد الذي بني في القرن الحادي عشر، حيث تملأ أقواسه البيضاء المتناظرة قاعة الصلاة وتتدلى من أسقفه العالية الثريات البرونزية. ومن أشهر الأضرحة في مدينة سلا العتيقة، ضريح الولي الصالح سيدي عبدالله بن حسون، حيث شاهدت عددا من المصليات اللواتي يجلسن بالقرب من ضريحه يصلين لله من أجل تخفيف همومهن ومشاكلهن. وتعتبر المدرسة المرينية، التي شيدت قرب المسجد الأعظم، من أحسن المدارس شكلا ورونقا، تميزت بالكتابات الكوفية المتعددة الألوان إلى جانب المنحوتات على السقف المصنوع من خشب الأرز تجعلها إحدى عجائب آثار العصر الميريني بفضل كمالها المعماري. عراقة وأصالة عراقة وأصالة وكانت العديد من الأضرحة في مدينة سلا، مثل زاوية سيدي أحمد التيجاني التي تقع أمام المسجد الكبير، بمثابة مراكز لتعليم الدين والصلاة، والتي عكست مدى ارتباط المغرب الطويل بروحانية الدين الإسلامي. وانتهت زيارتي للمدينة في برج الدموع، الذي يقع على بعد 5 دقائق سيرا على الأقدام من المسجد الكبير. هذا المعقل العسكري هو أحد الأسوار الرئيسية للمدينة الذي يطل على المحيط الأطلسي. وظلت المدافع الحديدية الصدئة لبرج الدموع دليلا على إهمال السلطات لتاريخ البلد الذي لا يقدر بثمن. وظللت بالبرج بمفردي لمدة 15 دقيقة قبل أن يأتي سائحان ألمانيان لزيارته مقابل 10 دراهم لكل منهما. هذا المعقل يوفر إطلالة جميلة على مدينة الرباط القديمة. وبني سجن العبيد تحت هذا البرج بواسطة قراصنة كانوا يملؤونه بالعبيد الذين تم بيعهم في أسواق شمال أفريقيا، حيث اشتهرت المدينة وقتها بكونها مركزا دوليا للقرصنة والنهب والعبودية لعدة قرون. وتوجهت بعد ذلك إلى سوق الولجة، على بعد 10 دقائق تقريبا بالسيارة من باب المريسي. والمثير للدهشة أن عددا قليلا جدا من السياح كانوا يتجولون في هذا السوق الذي يشتهر بأروع الحرف اليدوية في المغرب، بما في ذلك الفخار والحديد. وتشتهر محلات هذا السوق بصناعة طاولات وكراسي الفسيفساء، والمزهريات والمجوهرات والأطباق وأكياس أوراق النخيل. ويمكن للزوار أيضا مشاهدة الحدادين وحرفيي الخزف والأعمال اليدوية، ومع ذلك، تعلق بعض المحلات لافتات “ممنوع التصوير”.
مشاركة :