طرابلس - مع بداية فصل الصيف، يتسارع أغلب سكان بلدة أوباري جنوبي ليبيا لاتخاذ بعض الإجراءات من قبيل رش المنازل بالسموم والمحروقات لحماية حياتهم من موت أكيد جرّاء لدغات العقارب. وتتزايد معدلات الإصابة باللدغات خلال فصل الصيف، نظرًا للأجواء الحارة التي تدفع العقارب إلى مغادرة جحورها، إذ لا يمر أسبوع دون تسجيل حالة وفاة بسببها. وتعاني بعض المناطق العشوائية، كحيي "الشارب" و"المشروع" من عدم وجود مُصل مضاد لعلاج لدغات العقارب. ويجمع سكان هذه المناطق ان ساعات المساء هي الأكثر نشاطا للعقارب، ويتم تسجيل حالات وفاة بسبب البعد عن أماكن العلاج وارتفاع أسعار الادوية المضادة لسمومها. وقامت الطبيبة خديجة عنديدي بفتح عيادة في حي "الشارب" عام 2016 لتقديم الإسعافات الأولية ضد لدغات العقارب وتقول عنديدي إنها أنشأت العيادة بسبب الإصابات الكثيرة وغياب المراكز الصحية، فضلًا عن بُعد المستشفى عن هذه المناطق. وتتذكر خديجة أول حالة اصابة حرجة بلدغة عقرب استقبلتها في منزلها عام 2016. وتقول: "أول حالة كانت لطفل في الخامسة من عمره، وكانت الكهرباء مقطوعة، لكننا نجحنا في علاجه وهو ما شجّعنا على الاستمرار في تقديم الإسعافات لحالات أخرى". وتشير خديجة أن "مركز نور العلم (الذي يضم العيادة) يسعى إلى تدريب أكبر عدد من النساء على الإسعافات الأولية، "ليكون في كل منزل مسعفة". وتلفت إلى أن "نور العلم" استقبل العديد من الحالات المصابة منذ بدء ارتفاع درجات الحرارة في البلاد، وتوضح "لكن بسبب غياب المصل المضاد نستعمل حقنة الهيدرو كرتزون كبديل". وتفيد أن أغلب الحالات من نصيب الأطفال وتكون خلال الليل لأن العديد من الأسر تجلس خارج بيوتها، نظرًا لانقطاع التيار الكهربائي وارتفاع درجات الحرارة. ويقول محمد أبته، الناشط الشبابي في أوباري، إنها "معاناة أخرى تُضاف إلى مشكلات المواطن في الجنوب الليبي)". ويؤكد أبته أنه يمكن محاربة لدغات العقارب من خلال رش المبيدات في أماكن تكاثرها كالقمامة والأحياء العشوائية، وتوفير كميات كبيرة من المصل. ويستغرب من توفر مثل هذه الحقن المضادة للدغات العقارب في مناطق الشمال. لافتًا إلى أن المواطنين في الجنوب يكافحون هذه الآفة بالطب الشعبي وبعض الطرق البدائية. عجز ومطالبة ويقول مدير مستشفى "أوباري"، منصور الجندي، إنه تم تسجيل 51 إصابة بلدغات العقارب منذ بدء ارتفاع درجات الحرارة، و4 حالات وفاة لأطفال في هذه المدينة فقط. ويضيف: "راسلنا العديد من المسؤولين في وزارة الصحة لتوفير المضادات". مؤكداً أنه تم تنبيههم بحجم الخطر. ويقول الجندي إنهم تواصلوا مع منظمة الصحة العالمية. ويشير إلى كمية تقدّر بألف و400 حقنة من مصنع "سانوفيا" الفرنسي، وصلت قبل أيام إلى طرابلس، وسيجري نقلها إلى أوباري في أسرع وقت. ويؤكد مدير مستشفى "أوباري" أن الكمية غير كافية، مُطالبًا بتوفير 30 ألف حقنة على الأقل، نظرًا للأعداد الكبيرة التي قد تصل إلى مائة اصابة خلال اليوم، في حال ارتفاع درجة الحرارة بشكل أكبر وتحرّك الرياح. ويشير الجندي إلى خطة عمل وضعتها إدارة المستشفى تتمثل في توصيل المصل المضاد للدغات العقارب الى الأحياء العشوائية والبعيدة عنها للمساهمة في إنقاذ العديد من الحالات. ويطالب بتفعيل نظومة النهوض بالبيئة للمساهمة في ابعاد شبح الزواحف والقوارض عن المنازل، ورش الأدوية والمبيدات في المناطق التي تتكاثر فيها الحشرات السامة. كما يطالب بتوفير الحقن بإعداد كبيرة، وتوعية الناس وتثقيفهم بعمليات الإسعاف الأولي. موضحًا أن بعض الحالات "على الرغم من أخذ العلاج فإنها تفارق الحياة بمجرد شربها الماء، بسبب غياب التوعية الصحية". ويقول محمد حسن يحيى مدير شركة الخدمات العامة في أوباري، إن العقارب تتكاثر بشكل كبير في الأحياء العشوائية والزراعية، مثل "الشارب" و"المشروع" و"ابهغ" و"السند". ويضيف: "حتى اللحظة لم يبدأ رش تلك المناطق، نظرًا لعدم توفر المبيدات المضادة للحشرات والزواحف". ويوضح أنه يوجد مبيد خاص لمكافحة العقارب يسمى بكرفيت. ويوجد حوالي ألف و500 نوع من العقارب المتواجدة بالخصوص في المناطق الحارة والجافّة، حول العالم، وبعضها يتسم بخطورة شديدة ولدغة قد تؤدي الى الموت.
مشاركة :