صودا الخبز... علاج آمن وسهل لالتهاب المفاصل؟

  • 4/30/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تُستعمل صودا الخبر (بايكينغ صودا) كعلاج منزلي منذ أجيال نظراً إلى خصائصها المضادة للحموضة. لكن فوائدها أعمق من ذلك بكثير. يوضح بحث جديد لمَ قد تشكّل مساعداً ممتازاً في علاج أمراض المناعة الذاتية مثل التهاب المفاصل. صودا الخبز، التي تُعرف أيضاً ببيكربونات الصوديوم، مكون مهم في المطبخ يُستعمل غالباً كعامل رفع في قوالب الحلوى. بالإضافة إلى ذلك، تُعتبر بحد ذاتها علاجاً منزلياً لحالات عدة. مثلاً، يشكل نصف ملعقة صغيرة من صودا الخبر دواء يخفف حرقة المعدة أو ارتجاع المريء. كذلك تُستعمل هذه المادة لتبييض الأسنان. في دراسة جديدة نُشرت نتائجها أخيراً في مجلة علم المناعة، يكشف باحثون من كلية جورجيا الطبية في جامعة أوغوستا كيف يسهم شرب محلول يحتوي على صودا الخبز في تحضير جهاز المناعة لمواجهة الأمراض الالتهابية، مثل التهاب المفاصل الرثياني. اختبر بول أوكونور، خبير متخصص في فيزيولوجيا الكلية، وزملاؤه تأثير شرب محلول يحتوي على صودا الخبز أولاً في حالة الجرذان ثم البشر. تروي تجاربهم قصة معقدة عن تشكيل هذا الملح إشارة إلى نوع خاص من الخلايا يُدعى «الخلايا المتوسطة» يخبرهم بها أن الجسم بخير ولا يتعرض لهجوم. نتيجة لذلك، لا داعي لأن يتبنى جهاز المناعة موقفاً عدائياً. وهكذا يتفادى الجسم ردود فعلٍ ذاتية المناعة مضرة. الخلايا المتوسطة تغطي الخلايا المتوسطة الأعضاء الداخلية، فضلاً عن تجاويف مختلفة كثيرة في الجسم. لا تحول هذه الخلايا دون التصاق الأعضاء والأنسجة الداخلية الأخرى فحسب، بل تؤدي أيضاً وظائف أخرى لم تُدرَس كلها بالتفصيل. في الدراسة الجديدة، اختبر أوكونور وفريقه تأثير تناول محلول من صودا الخبز في الجرذان أولاً، ثم في مشاركين بشر أصحاء. لاحظوا أن صودا الخبز تؤثر في آلية محيرة. «تحفز» هذه المادة المعدة على إنتاج كمية أكبر من العصارة الهضمية، ما يتيح لها هضم الطعام بسهولة أكثر وسرعة أكبر. ولكن فضلاً عن ذلك، يبدو أنها تخبر الخلايا المتوسطة التي تغطي الطحال بضرورة «التروي» لأن الجسم لا يواجه أي خطر. يوضح أوكونور عموماً أن الخلايا المتوسطة تعرف أن «هذا على الأرجح قطعة هامبرغر لا عدوى بكتيرية». وهكذا لا تنشّط الخلايا المتوسطة بدورها «جيش» الطحال من البلاعم، أو كريات الدم البيضاء المكلفة تنظيف الفضلات الخلوية التي قد تكون مضرة. يضيف أوكونور: «لا شك في أن شرب البيكربونات يؤثر في الطحال، من خلال الخلايا المتوسطة». تتواصل الأخيرة مع الأعضاء التي تغطيها باستخدام امتدادات صغيرة تُدعى زغيبات. أما الوسيط الذي تبعث من خلاله رسالتها، فهو الناقل العصبي الأثيتيل كولين. مضاد للالتهاب إذاً، ماذا يحدث فعلاً؟ يشير معدو الدراسة إلى أن مَن شربوا محلول صودا الخبز اختبروا تبدلاً في نوع الخلايا المناعية النشيط في الطحال. تراجع عدد البلاعم الميالة إلى الالتهاب، في حين ارتفع مستوى الخلايا المضادة للالتهاب. تنتشر الأنواع عينها من الخلايا في الدم والكليتين أيضاً. واللافت أن صودا الخبز تُستخدم أيضاً في علاج مرض الكلية المزمن. دفعت هذه الفكرة معدي الدراسة الجديدة إلى استكشاف الآليات التي تسهم من خلالها هذه المادة على الأرجح في تحسين وظائف الكليتين. يخبر أوكونر: «بدأنا نفكر: كيف تبطئ صودا الخبز تقدّم مرض الكلية؟». حلّل الباحثون في البداية تأثيرات محلول صودا الخبز في نموذج من الجرذان يعاني مرض الكلية، ثم في جرذان سليمة شكلت عينة الضبط. لاحظوا عندئذٍ أن معدلات البلاعم الميالة للالتهاب في الكليتين تراجعت، في حين ارتفع عدد البلاعم المضادة للالتهاب. اختبرت الجرذان السليمة والجرذان المصابة بمرض الكلية على حد سواء التطورات ذاتها. فشكّل هذا التبدل إشارة واضحة أكّدت مفهوم أن صودا الخبز تؤثر في ردود الفعل الالتهابية على المستوى الخلوي. عندما استعان الباحثون بطلاب أصحاء في كلية الطب وطلبوا إليهم شرب محلول صودا الخبز، اتضح لهم أن تأثير هذه المادة المضاد للالتهاب يحدث في الطحال والدم أيضاً. يتابع أوكونر موضحاً: «يحدث التبدل من وضع التهابي إلى مضاد للالتهاب في كل أجزاء الجسم. لاحظناه في الكليتين، وفي الطحال، ونلاحظه الآن في الدم المحيطي». طريقة آمنة لعلاج الالتهاب؟ شملت الاكتشافات الرئيسة التي توصل إليها معدو الدراسة واقع أن الخلايا المتوسطة تؤدي دور الوسيط في نقل الإشارات المضادة للالتهاب. اعتبرت إحدى النظريات التي كانت متبعة أن الإشارات تُنقَل إلى الخلايا الملائمة عبر العصب المبهم، وهو عصب قحفي طويل يتواصل مع القلب، والرئتين، وعدد من الأعضاء في البطن. لكن التجارب تُظهر أن هذه الفكرة غير صحيحة. فعندما حاول العلماء قطع هذا العصب، لم يؤثر ذلك في سلوك الخلايا المتوسطة. على العكس، بدا جلياً أن هذه الخلايا تتواصل بشكل مباشر أكثر وضوحاً مما اعتقد الباحثون سابقاً مع الأعضاء التي تغطيها. أدرك أوكونر وفريقه هذا الواقع عندما لاحظوا أن إزالة الطحال أثرت في الخلايا المتوسطة التي تغطيه وأن الإشارات التي تحدد ردود الفعل الالتهابية ضاعت. يوضح أوكونر: «نعتقد أن الإشارات الكولينية (الأثيتيل كولين)، التي نعرف أنها تنقل ردود الفعل المضادة للالتهاب، لا تأتي مباشرةً من العصب المبهم الذي يغذي الطحال، بل من الخلايا المتوسطة التي تشكّل هذه الروابط مع الطحال». بدأت هذه النتائج بتقديم جواب عن السؤال: لمَ تساعد صودا الخبز في محاربة أمراض المناعة الذاتية، ومن بينها التهاب المفاصل؟ ولا شك في أن إجراء المزيد من الأبحاث حول هذه الآليات قد يسهم في تعزيز النتائج التي نحصل عليها من خلال هذا المركب الشائع الاستعمال. يختم أوكونر: «قد تكون صودا الخبز طريقة آمنة فعلاً لعلاج الأمراض الالتهابية».

مشاركة :