حزب الكتائب يريد عودة المارونية السياسية بعد الانتخابات في لبنان

  • 4/30/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

بيروت - يسعى حزب الكتائب في الانتخابات التشريعية المقبلة إلى إيجاد مكانة تجعله شريكا وازنا في تمثيل المسيحيين داخل المشهد البرلماني في لبنان. ويحاول الحزب بقيادة سامي الجميل أن يعيد شيئا من أمجاده القديمة عندما كانت له الكلمة الفصل في قرار لبنان كما قرار المارونية السياسية التي هيمنت على النظام السياسي حتى دخول البلد في الحرب الأهلية. ويعتبر سامي الجميل نفسه معارضا شرسا للصفقة الرئاسية التي قادت إلى انتخاب ميشال عون رئيسا للجمهورية وتشكيل حكومة برئاسة سعد الحريري. وقد رفض الكتائب المشاركة في هذه الحكومة بعد رفضه للحقائب الوزارية التي عرضت عليه. وفيما يعتبر المراقبون أن الجميل لم يرفض مبدأ المشاركة بل رفض حجمها الذي عرض عليه، يشير الجميل إلى أنه رفض المشاركة الصورية غير الفاعلة التي كان يراد له ولحزبه أن يكتفيا بها وفضل أن يبقى في صفوف المعارضة. رغم تراجع حضور الأحزاب السياسية المسيحية في لبنان، يأمل حزب الكتائب اللبناني أن يستعيد المسيحيون مكانتهم السياسية التي تأثرت بسبب حالة تصدع بين الطوائف المسيحية لاختلاف الرؤى والتحالفات لإدارة شؤون البلد منذ اتفاق الطائف، ويأمل الحزب أن ترفع الانتخابات البرلمانية من تمثيله البرلماني، ويقدم سامي الجميل رئيس الحزب نفسه كمعارض للسلطة الحالية حيث يرفض الصفقة الرئاسية التي قادت لانتخاب ميشال عون رئيسا للبنان، ويرى أنها فتحت المجال للمزيد من الهيمنة لحزب الله المتهم بالولاء لإيران وجر البلد نحو الأزمة السورية. ويقول خصوم الحزب إن ائتلاف الحركة الوطنية اليساري القومي المتحالف مع المقاومة الفلسطينية عمل في بدايات اندلاع الحرب الأهلية عام 1975، على اتخاذ إجراءات لـ”عزل” حزب الكتائب وحلفائه فيما يقوم سامي الجميل تطوعا بعزل هذا الحزب هذه الأيام. غير أن الجميل يقول ردا على هذا الاتهام إنه اختار أن يكون في صفوف الناس الذين عزلتهم السلطة الحاكمة عنها تماما. وقد أسس حزب الكتائب جد الرئيس الحالي للحزب بيار الجميل. وشارك الحزب عسكريا في الأحداث التي طرأت على البلاد عام 1958 في عهد الرئيس كميل شمعون. ويقال إن اسم الكتائب مستوحى من حزب الكتائب الإسباني الذي راج في عهد فرانكو، غير أن الحزب اللبناني واجه منذ الحرب الأهلية عواصف أطاحت بوجوهه وحكاياته على نحو بدأ برئاسة سامي الجميل وكأنه يشهد ولادة جديدة. ويستطيع حزب الكتائب أن يدعي أبوة الكثير من التشكيلات السياسية المسيحية الحالية. فقد قاد حزب الكتائب الفصائل المسيحية التي انخرطت في الحرب الأهلية متحالفا مع حزب الوطنيين الأحرار بقيادة كميل شمعون وتجمعات وشخصيات أخرى، غير أن بشير الجميل نجل الرئيس المؤسس أسس “القوات اللبنانية” كذراع عسكرية للحزب تحول في ما بعد إلى تشكيل سياسي وعسكري منفصل عن الحزب الأم. وفيما سيطرت على الحزب قيادة موالية للوصاية السورية بعد اتفاق الطائف، استطاع بيار الجميل الحفيد، شقيق سامي، إخراج الحزب من براثن تلك الحقبة إلى أن تم اغتياله في حقبة الاغتيالات التي طالت قيادات لبنانية بعد اغتيال رفيق الحريري. ووفق هذه الظروف وجد سامي الجميل نفسه يقود حزبا عريقا تجاوزه الزمن وبات محاطا بأحزاب مسيحية تعرف من الجمهور المسيحي، لكن همّشت الحصة التاريخية للحزب داخل البيئات المسيحية في البلد. ويخوض سامي الجميل وحزبه الانتخابات وفق سياق منفصل عن حزب القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع وسياق معارض للتيار الوطني الحر بقيادة وزير الخارجية جبران باسيل. ويعتبر الجميل أن الصفقة الرئاسية سلمت البلد لحزب الله وأن الطبقة السياسية التي تتشكل منها السلطة تقر لهذا الحزب سطوته على قرار البلد، وأن “العهد” برئاسة عون والصفقة التي أتت به واجهة تشرّع للحزب سلوكه العسكري والسياسي. ويقول الجميل إن الحزب شكل لوائح انتخابية متحالفة مع قوى سياسية أو مدنية أخرى وفق قاعدة شروط تحترم خيارات “الكتائب” وتوجهاته. ويدافع الجميل عن منطق الدولة ضد الدويلة ويدعو إلى سيادة واستقلال كاملين للبنان وإلى احتكار الجيش اللبناني والقوى الإقليمية لمهمة الدفاع عن لبنان. ويشن الرجل حملة على الفساد المستشري داخل مؤسسات الدولة ويعتبر أن حزبه قاد حملات ناجحة دفعت الطبقة السياسية إلى الاضطرار للتراجع عن قرارات وصفقات كان يمكن أن تمرر. وقدم الجميل الأسبوع الماضي بعد حصوله على موافقة نواب آخرين طعنا بالمادة 49 من قانون الموازنة، والذي يبيح للأجنبي الذي يشتري شقة سكنية في لبنان وفق شروط تلك المادة أن يحصل على إقامة شرعية في البلد. يعتبر سامي الجميل أن الصفقة الرئاسية سلمت البلد لحزب الله وأن الطبقة السياسية تقر لهذا الحزب سطوته على قرار البلد واعتبر الجميل أن المادة تمثل مشروع توطين جديد في لبنان، لا سيما للسوريين اللاجئين بما يطيح بالتوازن الديموغرافي للبنان وتوازناته الطائفية. ونجح الجميل في انتزاع هذا الطعن الذي يحاكي الوجدان المسيحي العام عشية الانتخابات المقبلة. ويدافع التيار الوطني الحر عن المادة بصفتها عاملا اقتصاديا معمولا به في دول كثيرة هدفه إنعاش قطاع العقارات الذي يعاني من ركود مقلق. وبالمقابل يحذر جعجع من تلك المادة التي إذا كانت بالمطلق مروجة للعقارات إلا أنها في تركيبة لبنان مرفوضة وتبيح سلوكا مهددا للتوازنات، وفي هذا ينحاز لموقف الجميل. ومع ذلك لا تحالف عاما بين الكتائب والقوات، حيث يتحالف الحزبان في بعض الدوائر وفق معادلة يصفها الجميل بأنهم (القوات) “الأقرب لنا ونحاول إقناعهم بالانضمام إلينا في المعارضة”. ورفع الجميل الصوت ضد صفقة البواخر المولدة للطاقة الكهربائية. ويقول رئيس الكتائب إن “كل الطبقة السياسية وقفت ضدنا في هذا الأمر”. وأثار وزراء “القوات” الأمر داخل مجلس الوزراء وعبروا عن معارضتهم للصفقة التي كان يراد لها أن تكون لصالح شركة واحدة بعينها. ويتهم الجميل العهد بأنه يقوم على صفقات سياسية وغير سياسية يتم من خلالها التحاصص وتوزيع المغانم. وعلى قاعدة عدم تورط الحزب في أي صفقات فساد صاحبت مشاركته في حكومة تمام سلام، وعلى قاعدة رفضه للأداء الحكومي الراهن، وعلى قاعدة حملته ضد الفساد، يخوض حزب الكتائب حملته الانتخابية. ويملك الحزب خمسة نواب فقط داخل البرلمان الحالي واستطاع مع ذلك إثارة الكثير من الضجيج المزعج للطبقة السياسية. ويأمل الجميل أن ترفع الانتخابات المقبلة من رصيده البرلماني، كما يأمل أن يتشكل تحت قبة البرلمان المقبل تكتل يجمعه وقوى سياسية أخرى يكون بمثابة تجمع سياسي معارض.

مشاركة :