في عام 1982م جاء إلى مدينة تبوك قادما من قطاع غزة الاستاذ / محمد البطش تخصص(رياضيات) حيث تم التعاقد معه من قبل وزارة المعارف , وكانت برفقته زوجته المعلمة / فاطمة دردونة تخصص (لغة إنجليزية) وقد تم التعاقد معها من قبل وزارة الدفاع للتدريس في مدارس الأبناء بنات . في ذلك الوقت لم يكن قد مضي على زواجهما إلا أسبوع واحد فقط . إلتقى والدي الذي كان يعمل آنذاك في إدارة التعليم به وعرف منه أنهم غرباء عن المدينة ولا يعرفان فيها أحدا فقام والدي على الفور بإستضافتهما في منزله إلى حين تم إستئجار شقة مجاورة لهم في حي سلطانة . كانا مثالا يحتذى به في الأدب والحياء (الأخلاق العالية) . في هذه الشقة كان عالم الطاقة والنابغة فادي البطش في رحم الغيب وفي أحشاء والدته وبعد بضعة أشهر يرى النور في مدينة تبوك وليس بمدينة جباليا في قطاع غزة كما ذكرت ويكيبيديا “الموسوعة الحرة”. الاستاذ محمد البطش قام بالتدريس في أكثر من مدرسة في مدينة تبوك منها (متوسطة علي بن ابي طالب وثانوية تبوك) . أما والدته فقامت بالتدريس في مدارس الأبناء بنات وكانت من المعلمات المتميزات وكانت شقيقتي كموجهة للغة الانجليزية تشرف عليها . في بيت العلم هذا ولد وترعرع عالم الطاقة المهندس فادي وكان دائما يحتل المقدمة في جميع المراحل الدراسية . درس في مدينة تبوك حتى المرحلة المتوسطة وحفظ فيها القرآن الكريم عن ظهر قلب ونال العديد من الشهادات والجوائز ((التكريم). ان يد الغدر التي اغتالت العالم فادي لم تكن تقصد حماس كما كانت تروج إلى ذلك وسائل الإعلام العبرية بل كانت موجهة إلى دولة ماليزيا أولا (نهضة الأمة) , لقطع الطريق عليها وحتى لا تستفيد من أبحاثه المتقدمة في مجال الطاقة . إن قتل وتصفية العلماء في العالم العربي والإسلامي ليست وليدة اليوم بل تمتد إلى عقود من الزمن وكانت دائما تستهدف نهضة الأمة كي تظل غارقة في الجهل والتخلف , وكي نعلم مدى شراسة المعركة فمنذ بداية العام الحالي تم تصفية أربعة من العلماء العرب وفي مختلف التخصصات العلمية ولن يكون البطش آخرهم . القتل الممنهج للعلماء العراقيين من قبل إيران وامريكا كانت تمهد لتدمير الدولة العراقية , وكما هو الحال مع العديد من العلماء في مصر وباكستان وايران والهند وتركيا . اغتيال الشهيد محمد البطش يفتح ملف اغتيال العلماء ويدق ناقوس الخطر والسؤال الذي يطرح نفسه إلى متى يستمر قتل صفوة علماء الأمة على قارعة الطريق وبدم بارد دون أدنى مسئولية أو التزام بتأمين الحد الأدنى من الحماية لهم ؟! في المقابل تجد العلماء الذين باعوا دينهم بدنياهم سرعان ما يشدون الرحال إلى بلاد الغرب بحثا عن الشهرة والأضواء ورغد العيش دون أي إعتبار لأوطانهم بل تجد البعض منهم بالكاد يذكر وطنه عند أي حديث معه . وتجدهم لا يتذكرون أوطانهم الا عندما يحين أجلهم حيث يوصون بدفنهم في مسقط رأسهم ! والله من المفترض أن تلفظهم بلادهم ولا تسأل عنهم . في المقابل تجد إغتيال العلماء لها دوافع كثيرة يأتي الجانب السياسي في المقدمة ثم العلمي والعسكري والإقتصادي والديني وايضا الطبي . لقد كان العالم البطش يمثل بلده فلسطين في دولة ماليزيا المسلمة وفي العديد من المحافل الدولية (المؤتمرات) . اذا مات العالم فادي فسوف يأتي من بعده الف عالم يكون فيها الشهيد (فادي) الرمز والقدوة والمثل لهم ، لقد اتصلت بوالده لتقديم واجب العزاء فوجدته صابرا محتسبا راضيا بقضاء الله وقدره كما هو حال والدته ( غزة العزة ) ، والله بالغ أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
مشاركة :