باريس - عندما تتحرّك الأسماك ضمن أسراب، تُعدّل سرعتها وتغيّر اتجاهها من دون أن تصطدم الواحدة منها بالأخرى. هذا ما ستكون عليه السيارات الموصولة بالإنترنت في المستقبل، بهدف تحسين سلامة الطرقات. وتحتل هذه التقنيات المترافقة مع انطلاق السيارات الكهربائية والذاتية القيادة، صدارة النقاشات في معرض السيارات في العاصمة الصينية بكين، فيما تعمل الصين على اعتماد شبكة الاتصالات من الجيل الخامس الضرورية لعمل الأجهزة المتقدّمة الموصولة بالإنترنت اعتبارا من العام 2021 أو 2022. ويقول تريفور وورتينغتون نائب رئيس مجموعة "فورد" في دول آسيا والمحيط الهادئ "نفكّر عادة في السيارات الذاتية القيادة بالتركيز على كلّ سيارة على حدة، لكن المعلومات التي يمكن أن تتشاركها السيارات مهمة جدا أيضا". ضرب مثلا لذلك سائقا لا يعرف تماما ما إن كان من يقطع الشارع على مسافة بعيدة منه إنسان أم حيوان، قبل أن تصله المعلومات من سيارات أخرى أقرب منه إلى تلك النقطة فتوضح له طبيعة العائق. ويأمل الخبراء في هذا القطاع أن يؤدي التواصل بين السيارات والبنى التحتية المتقدّمة إلى تيسير حركة السيارات وتقليص نسبة الحوادث، إضافة إلى الحدّ من التلوّث. ومن الأمثلة على ذلك، أن السيارة ذات التجهيزات الذكية الموصولة بالإنترنت يمكنها، حين تكبح سرعتها، أن تنقل للسيارات التي وراءها الإحداثيات التي في حوزتها، فتخفّف كلّ السيارات سرعتها بنفس الوتيرة، بحسب غيوم دوفوشيل المسؤول في شركة "فاليو" الفرنسية الرائدة في مجال التقنيات العالية للسيارات. ويقول "سيجعل ذلك من حركة السير أكثر أمنا". ومن الأمثلة أيضا، أن طابور السيارات المنتظر عند الإشارات يتطلّب وقتا للإقلاع بعد أن تُضاء المصابيح الخضراء، أما السيارات الموصولة بالإنترنت فيمكن أن تقلع مع بعضها، مع ما يؤدي إليه ذلك من تخفيف للازدحام في شوارع المدن الكبرى. في الولايات المتحدة، تجري اختبارات لتسيير موكب من الشاحنات الموصولة بالإنترنت، وتتولى الشاحنة الأولى قيادة حركة سائر الشاحنات. والفائدة من هذا الأمر ذات جوانب ثلاثة: تقليص استهلاك الوقود وبالتالي الانبعاثات الملوّثة، وتقليص عدد السائقين أو جعلهم يركّزون على مهام أخرى غير القيادة، ورفع مستوى السلامة أيضا. ومن شأن البنى التحتية للطرقات أن تتدخّل في تحديد سرعة السيارات من خلال الضبط المباشر للأجهزة الإلكترونية، وذلك باعتماد نظام الجيل الخامس من الاتصال بالإنترنت، وفقا لدوشفيل. في العام 2009، نشرت مجموعة "نيسان" اليابانية دراسات عن سلوك السمك في أحواض يستفاد منها في وضع الأنظمة المساعدة على تجنّب الحوادث. ويقول غيوم كرونيل المسؤول في مجموعة "ديلويت" إن الغاية من هذه التقنيات هي جعل السيارات تتحرّك كأسراب. ويضيف "يعني ذلك الانطلاق في الوقت المناسب، والتوقّف في الوقت المناسب، وحسن اختيار الطريق..لكلّ سيارة منطقها الخاص لكن ينبغي أن تتحرك مجموعات السيارات بطريقة متناغمة". تختبر مجموعة "فاليو" حاليا نظاما يُتوقّع أن يكون جاهزا في العام المقبل، يتيح ترك السيارة عند مدخل الموقف، ويتكفّل نظام التحكّم الذاتي بركنها في أقرب مكان متوفر. ويمكن أن يتسّع نطاق الاستفادة من هذا النظام ليشمل مدينة بأسرها، محدداً الأماكن المتوفرة لركن السيارات، وموزّعا هذه المعلومات على كلّ السيارات الموصولة. وسيسهّل هذا الابتكار حياة الكثير من السائقين في المدن الكبرى. ففي العاصمة الفرنسية باريس مثلا، يمضي السائقون 30% من وقت القيادة وهم يبحثون عن مكان لركن السيارة، وفقا لدوشفيل. ومن التقنيات الخاضعة للاختبار حاليا "إكسترا فيو" التي تتيح للسائق أن يرى ما يراه السائق في السيارة التي أمامه، بواسطة كاميرات موصولة بالإنترنت. وسيساعد ذلك في توسيع نطاق الرؤية ورفع مستوى السلامة المرورية.
مشاركة :